القاعدة على الحدود الاسرائيلية:
القنيطرة هو المعبر الحدودي الوحيد بين الأراضي السورية والمناطق التي تسيطر عليها إسرائيل في مرتفعات الجولان. يسمح للدروز السوريين من الجولان بعبور طريق المرور للدراسة والعمل والعيش في سوريا. ذلك المعبر له أهمية عملية ورمزية، وهو الممر الوحيد إلى هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. استمتعت جبهة الجولان بحياة هادئة واحتلال اسرائيلي هاديء استمر لأربعة عقود حتى مؤخرا.اسرائيل تعترف بهذا الجميل وليست متحمسة لاحتمال سقوط النظام الذي قدم خدمات جليلة للاحتلال الاسرائيلي.
الاستيلاء على القنيطرة في الأسابيع القليلة الماضية من قبل مجموعات معارضة مثل جبهة النصرة قد خلق وضعا غير مسبوق وجلب لهذا الموقع الغامض الاهتمام الدولي لأول مرة في أربعين عاما. والآن تجد اسرائيل انها على قرب من القاعدة والمتطرفين وعلى بعد امتار من المناطق الإسرائيلية. وقعت القنيطرة تحت السيطرة الإسرائيلية في يونيو 1967 خلال حرب الأيام الستة. و عادت سوريا وسيطرت عليها لفترة وجيزة خلال حرب يوم الغفران عام 1973، ثم استعادتها إسرائيل لاحقا في الهجوم المضاد. وقد تم تدمير المدينة بالكامل تقريبا قبل الانسحاب الإسرائيلي في يونيو 1974. والآن تعتبر منطقة منزوعة السلاح تخضع لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، وتقع على مسافة قصيرة من الحدود الفعلية بين البلدين.
بعد أربعين عاما لا تزال القنيطرة خرابا وشبه مدمرة.. ذلك الخراب من وجهة نظر النظام في سوريا هو تذكير للعالم العربي أنها لا تزال رسميا في حالة حرب مع إسرائيل. ولأسباب مفهومة اسرائيل تفضل أن تظل المنطقة تحت سيطرة الجيش السوري الذي حافظ على أمن اسرائيل بدلا من أن تسيطر عليها جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة.
منذ اندلاع الانتفاضة السورية في مارس 2011، التزمت اسرائيل الحياد، وكانت سعيدة لرؤية انهماك وتعثر جيش الأسد في المعارك مع الجماعات المعارضة. و كان المتمردين قد أعلنوا أن نيتهم هي إسقاط النظام السوري، وأنهم لا يرغبون في محاربة إسرائيل. و لكن بقي المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون قلقون من أن جبهة النصرة قد توجه نيرانها ضدهم.
أهمية القنيطرة الرمزية:
يمثل الاستيلاء على معبر القنيطرة من قبل جبهة النصرة والجماعات الأخرى انتصارا هاما. كان الموقع معقلاً قويا للجيش السوري في مرتفعات الجولان و يقع على طرف الطريق الرئيسي المؤدي إلى
دمشق. عندما استولى المتمردون على المعبر، قبضوا أيضا على 45 من قوات حفظ السلام من فيجي، وحاصروا نحو 80 آخرين من الفلبين. وتمكنت القوات الفلبينية من الهروب في وقت لاحق إلى بر الأمان و لكن ما تزال القوات من فيجي في الأسر حيث تم سجنهم كرهائن في مكان مجهول.
المعارضة تنفي أنها تستهدف مراقبي قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك
UNDOFD.
و لكن جبهة النصرة، تتهم الأمم المتحدة بالتواطؤ مع سوريا و تدعي أن النظام يستخدم سيارات الأمم المتحدة البيضاء، وأن قوات حفظ السلام يساعدون قوات النظام في الإشتباكات.
و في هذا السياق ذكرت صحيفة التايمز اللندنية في تاريخ 3 سبتمبر أن فرع القاعدة الرسمي في سوريا (النصرة) طالب الأمم للمتحدة بشطب اسم الجبهة من قائمة المنظومات المصنفة كارهابية وذلك مقابل الافراج عن قوات السلام من فيجي. حددت جبهة النصرة مطلبين أخرين للإفراج عن الرهائن وهما: وصول مساعدات إنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في دمشق، والتعويض المالي عن ثلاثة من مقاتليه قتلوا في معركة بالاسلحة النارية مع القوات الدولية في مرتفعات الجولان.
السيطرة على المعبر هو مظهر رمزي لقوة السلطة في دمشق. ووفقا للمعارضة السورية، استخدم النظام القنيطرة لإثارة العواطف وللعب مناورات لتحقيق مكاسب سياسية. منذ بدء النزاع السوري في 2011، كانت الهضبة تحت التوتر، مع تزايد عدد الصواريخ وقذائف الهاون التي تضرب الجانب الاسرائيلي التي في معظمها طائشة، و لكن كان هناك ردود اسرائيلية متفرقة في بعض الأحيان.
اسرائيل تعتبر بشار الأسد أفضل حارس لأمن اسرائيل:
ياللا سوريا
(yallasouriya.wordpress.com)
موقع اخباري سوري معارض ولكنه موثوق للأخبار السورية، قال أنه منذ عام 2012، كانت لدى الأسد خطة مدروسة وهي خلق التوترات في المنطقة المنزوعة السلاح في القنيطرة. وذلك لتعزيز موقف النظام الزئف انه مؤيد الفلسطينيين ومناهضة إسرائيل، لقد سمح النظام للفلسطينيين الذين يعيشون في سورية في مايو 2011 للوصول إلى حدود مرتفعات الجولان. ومنذ مارس 2012، ظهرت إتهامات للأسد من قبل المعارضة باثارة المتاعب في المنطقة ليس بهدف شن الحرب ولكن لإعطاء انطباع للشارع العربي أنه ليس صديقا لإسرائيل. النظام يدرك تماما نتائج أي حرب جادة مع إسرائيل.
يقول السوريون إن إسرائيل تريد توسيع المنطقة المنزوعة السلاح داخل الأراضي السورية، لكنها تحتاج إلى الضوء الأخضر الأمريكي. والجيش السوري الحر، والجبهة الإسلامية وجميع حركات المعارضة الأخرى لن تقبل بوجود قوات الحكومة السورية في عقر دارها. إذا استولت إسرائيل على المزيد من الأراضي، فإن دمشق ستتهم المعارضة بالتواطؤ مع إسرائيل التي لا تزال تخشى المقاتلين الاسلاميين بما فيه الكفاية لدعم الاسد الذي تعتبره أفضل حارس للمصالح الإسرائيلية.
أهداف دمشق الحقيقية:
دمشق لديها هدف ذو شقين: و هما تعزيز المخاوف الإسرائيلية من الجماعات المتمردة حتى تضع الضغط على الولايات المتحدة لتمتنع عن تسليح المعارضة السورية. ولإبقاء الأسد في السلطة. و من خلال اثارة توترات واشتبكات ثانوية متبادلة مع اسرائيل ترد فيها ضد قوات النظام السوري يمكن للأسد أن يدعي أنه لا يواجه الإرهابيين فقط ولكن أيضا يواجه إسرائيل العدو التقليدي للدول العربية.
زفي بارعيل المعلق الإسرائيلي ومحرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هاآرتس الاسرائيلية يلاحظ أن قرب القنيطرة من الحدود مع إسرائيل يجعل للمعركة على البلدة أهمية استراتيجية كبيرة للجيش السوري، ولكن على المدى الطويل لا تؤثر على قبضة الأسد ومقدرته على استعادة السلطة على القنيطرة. وفي مقاله مؤخرا في صحيفة هاآرتس، أشار بارعيل أن القنيطرة “بالغة الأهمية” من وجهة نظر إسرائيل، ولكنه رأى أنه حتى لو استعاد نظام الأسد السيطرة على المعبر “، فإنه لن يكسب به الحرب ضد الثوار.
ألاعيب ومناورات بشار الأسد ستفشل في تغييرمجرى التاريخ.
لندن
المصدر ايلاف