الشرق الاوسط
إن كل شيء لعربي حقا هنا: الذين ينتقدون كلام الملك الأردني إلى مجلة «أتلانتك»، والذين يمتدحون، والذين «يحللون»: لا أحد منهم قرأ نص المقابلة، بمن فيهم، على ما أخشى، الذين قالوا إنهم ترجموها. ففي جميع النصوص التي أذيعت أو نشرت، ينسب إلى الملك عبد الله الثاني قوله، إن بشار الأسد «قروي» أو «فلاح». وأما في النص فإن كاتب المقال هو الذي يطرح السؤال: «هل بشار الأسد ريفي؟». وفي النص، يقول الملك، إنه «لا عمق في ذلك الرجل»، وهو تعبير مؤدب، أما المترجم الذي لا تهمه اللياقة واللغة الملكية كثيرا، فقد جعلها أن محمد مرسي «سطحي».
يحسن بنا أن نتذكر أن بشار الأسد قد وصف أكرم الحكام العرب «بأشباه الرجال» من دون أن يعترض حرصاء اللغة واللياقة. وأما الرئيس محمد مرسي الذي ذهب إلى باكستان لنيل الدكتوراه من جامعتها، كلية الفلسفة، فقد ألقى أمام فلاسفة بيشاور (أو كراتشي!) خطابا علميا وقعت فيه سبعة أخطاء كارثية عن أسماء كبار علماء مصر، كما فندها الدكتور يوسف زيدان. ولم ينتبه إلى ذلك أحد، لا مانحو الدكتوراه ولا متلقيها ولا كاتب خطابه.
وأما قول الديوان الملكي الأردني إن الكاتب أخرج كلام الملك من سياقه، فهو خارج السياق تماما. نحن هنا أمام صحافي بالغ الاحتراف، يكتب إلى مجلة بالغة الاحترام (عمرها أكثر من 150 عاما) ويقوم ماضيها ومستقبلها على المصداقية التامة. فلو راجع الديوان كلام ملكه، لوجد أنه شجاع وصادق وإصلاحي ومبسط، ويجب تعميمه. فالملك يصف بعض زعماء العشائر بالديناصورات، وهو وصف يعطى أحيانا لبعض علماء أميركا في الفيزياء أو لميخائيل غورباتشوف، فأين هي الكارثة؟ والملك ينتقد بعض أفراد أسرته، وهم بشر. والملك يقول إنه لا علاقة للإخوان المسلمين بالديمقراطية، ومن استطاع أن يثبت عكس ذلك فليتفضل.
القائل إن الموضوع «خارج عن السياق» ينسى ما ورد في النص، وهو أن الكاتب يقابل عبد الله الثاني، منذ توليه قبل 14 عاما. كلاهما، الملك والكاتب، حاول تقديم صورة جديدة لرجل لديه من مواضع الشكوى أكثر مما لدى مواطنيه. وبدلا من أن يترك الديوان لبعض المرتزقة المألوفين الدفاع عن كلام الملك، فإن أفضل دفاع هو نشر النص الحرفي للمقال. إنه أهم دفاع قرأته عن رابع ملوك الأردن.