حدثتني احدى النساء اللواتي شوه المجتمع عقلها ونال من تفكيرها عن حُبها لزوجها المتسلط وكيف انها صارت تعشقه اكثر من ابنائها بالرغم من تصغيره لشأنها في كثير من الأحيان .
نظرت لها مندهشة من موقفها هذا وسألتها عن السبب في هذا الحب الغريب له بالرغم من تسلطه عليها وقمعه لها .
فقالت لي بأن الرجل يبقى رجلا مهما صغر فهو كبير والمرأة تبقى امرأة مهما كبرت فهي صغيرة !! , بما معناه ( أن قانون الحياة يجعل من الرجل متسلطا على بيته وراعيا لزوجته واطفاله يقودهم كما يقود الراعي أغنامه ), وأن كان أمياً وعلى المرأة طاعته وتوفير متطلباته النفسية والجسدية وصب اهتمامها الأول على زوجها قبل ابنائها , بمعنى وضع عصارة جهدها لخدمته واحتوائه عاطفياً وليذهب الأبناء الى الجحيم فمن اين لها القوة لمراقبتهم بعد هذه الجهود ؟!
فسألتها كيف غفرت له زواجه بامرأة أخرى عليها .
قالت لي : كانت نزوة وخدعته تلك التي تزوج منها والحمد لله بأنه رجع الى عقله.
قلت لها : اين كان عقله وكيف سيكون راعيا لك ولأبنائك وهو لا يتمكن من رعية نفسه ومنعها من الخطأ ؟ ولما نسامح الرجل ولا نغفر للمرأة ؟.
اجابت بأنها لا حول لها ولا قوة وهي مجبرة على أن تسامحه , فلا بديل لها ولا معيل غيره وعليه أن تتشبث به باسنانها وتتخلى عن كرامتها وتعمل جهدها لاجل ان لا تخطفه واحدة غيرها , وكل هذا لأجل ان تحافظ على شكل بيتها من الخارج فقط , فهي وليدة بيئتها وضحية مجتمع عاهر شوه طبيعتها .
ففكرت بالكيفية التي صارت هذه المرأة والكثيرات غيرها بلا حول ولا قوة وشعرت بنفسيتها الذليلة المهانة ومدى استهتار زوجها بحقها كأنسان .
فلو حظيت هذه المرأة على شيء من الحرية والثقافة , فهل كانت سترضخ لذلهّا وهوانها ؟ وهل ستتنازل عن حقها لو علمت بأن لها حقوق مسلوبة ؟
حرية المرأة وحقوقها لا تعني الانحلال بل تعني الحد من حقوق الرجل التي صارت فوضى واستهتار له في بعضها .
نستطيع ان نتوصل من خلال بعض الأفكار الى تركيبة عقل الأنسان العربي وكيف تكوّنت ثقافته وكيف بنيّ اساس ادراكه منذ ان ساد النظام الطبقي الأبوي , ومنذ ان استغلت السلطات الحاكمة الدين لتقوية نفوذها واذلال المرأة بهذا النفوذ , وبعد ان ادخل هذا النظام في عقل الرجل اسلوب في معاملته للمرأة كسيد عليها باعتباره الأعلى مرتبة والأكثر وعيا والأقوى جسدا , روّضت المرأة على الخضوع وأُدخِل في تركيبتها النفسية بأن خضوعها للرجل سيكمّل جمالها وأنوثتها , فصارت غالبية النساء ممن لم يحظين بفرصة للتثقيف تتباهى بضعفها وقلة حيلتها امام الرجل القوي الجبار, فشاعت بين النساء عبر قرون عديدة غريزة الخضوع (العبودية) ووصل بهن الحال الى رفض الزوج الرقيق الذي لا يردعها , ووصل الحال ايضاً بالبعض الى عدم شعورهن بفحولة الرجل ما لم يستخدم معهن القوة , ومن ثم الصق الرجال هذا الخضوع بطبيعتة المرأة السيكولوجية ,ولا اعلم كيف يلصقوا السكون في الطبيعة بالرغم من انها متغيرّة , فتناسوا تأثيرات البيئة والمحيط وتشجيعه لها لتكون كائن ضعيف , واحيانا يصل الحال الى استسلامها له, ليزيدها نعومة ورقة وجمالا ولتكمل انوثتها لأجل ان يتهافت عليها الرجال ,
فاصبحت العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة السيد بالعبد وعليها طاعته واجبة , فهو قد امتلك العقل ليرشدها , والقوة الجسدية ليحميها , أو ليستخدمها ضدها حين يرغب ذلك , ولضربها لو اراد التنفيس عن غضبه في الخارج , وعليها وجوب تحمّل غضبه واهانته لها برحابة صدر الزوجة المطيعة , ولا يحق لكائن من يكون ان يسأله عن السبب فهو امتلك جسدها بعقد زواجه منها وصار بمثابة الاه لها وحقها ان تسجد له !!
* انتابني القرف من امرأة اخرى عندما رأيتها مكتئبة ولكنها تكثر من صلاتها , وعند سؤالي عن السبب علمت بأنها تعاني من تهميش زوجها لها وانها تعرضت للأهانة من قبله وعدم مراعاتها كأنسانة لتجد نفسها بعد سنوات مفتقدة للكثير من مقومات الحياة , وعند سؤالي لها عن الحلول التي تستطيع لها , قالت الحل بيد الله هو من سينتقم لي !!.
اما المحيطين بها فهم وجه مكشوف لمجتمع تعفن تدريجيا ووصل به الحال الى فقدان حاسة الشم لديه وعدم قدرته على شم رائحة القانون النتنة وعدم استطاعته رؤية وجهه الحقيقي فتعود على شكله القبيح.
نحن مجتمعات مؤمنة !! ولا اعلم كيف ؟
الأيمان هو قوة سواء كان للرجل او المرأة فكيف نحرّض المرأة ونريد لها ان تكون ضعيفة وخاضعة للرجل ؟
الأيمان هو مساواة وليس تفرقة : وما نراه في مجتمعاتنا التفريق وعدم مساواة الرجل بالمرأة بجميع الحقوق والواجبات , حيث
لا زالت القوانين لحد يومنا هذا تعطي للرجل الحق بتأديب زوجته في حالة خروجها عن طوعه , وهذا الخروج يستطيع هو ان يتلاعب به كيف ما يريد
هو عدلا وليس ظلما : وما نلمسه هو الظلم .
هو حب المعرفة والتطور وليس سكونا: ونحن نحصر المعرفة بالرجل فقط من خلال حصر مجالات المرأة بالبيت والرجل .
وجميع ما ورد ذكره لا علاقة للمرأة به فهو يخص الرجل فقط .
فهل الأيمان مطلوب للرجل فقط ؟
ومن سيتحمل مسؤولية تردي اوضاع النساء ؟
هل هي المرأة بخضوعها ورضوخها لعبوديتها ؟ أم هو الرجل بتمتعه بقهرها ,؟ ام هي عاداتنا التي تعودنا عليها وعرفنا بها تخلفنا وعدم فهمنا للحقيقة .
ابداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا بهم نهزم التخلف وننصر الأنسانيةفؤادة العراقية (مفكر حر)؟