فؤاده العراقيه
شدني قبل ايام موضوع يتعلق بالأوامر القضائية في العراق والتي تنص على اجراء فحوصات عذرية للنساء عشية الزواج , ومنه فكرت بهذا المقال واسترسلت بافكاري رغم انه موضوع قديم لكنه لا يزال يحتاج للكثير من الوعي الشعبي فيه .
لسنين طويلة قضتها مجتمعاتنا وهي تهتم وتكشف عن عذرية النساء , لكن هذه السنين العقيمة لن يتعلموا منها شيئا ولن تساهم الى حد يومنا هذا برفع من ثقافتهم الجنسية بل ساهمت بتشويهها اكثر, فلا يزال الكثير يتخبط بموقعه دون ان يستفاد من تجاربه وحتى من خبرات العالم متمسكين بقشور كان الأجدر بهم رميها في سلة مهملاتهم لكن رجالنا ما زالوا يبحثون بين الطيات وفي سلة المهملات عن غشاء لا اهمية له لكنه بقي مقدسا لهم بأعتبار مسألة الجنس هي اهتمامهم الوحيد , وفي نفس الوقت لا يعلمون عن هذا الغشاء شيء سوى أنه قطرات من الدم تسيل في اليوم الأول من الزواج واذا فقدت يحكمون على زوجاتهم بعدم الشرف , ويفضلون بذلك من كان لديها ذلك الغشاء السميك ولو كان كونكريتيا لكان افضل لهم ويعني لهم بأن شرفها قويا لا يتأثر بالعوامل المحيطة به , ليزداد شرفه من خلال زيادة شرفها !!
فمن خلال فحص انواع الأغشية في معهد الطب العدلي في بغداد ومنذ سنة 1940 ولغاية يومنا هذا لم يتوصلوا لحقيقة هذا الغشاء الذي اصبح شغلهم الشاغل , ولم يتوصلوا لحقائق اصبحت من البديهيات في بلدان العالم وبأنه على اربعة انواع منه المطاطي ومنه السميك ومنه المتوسط واخيرا الرقيق وتكون نسبة هذا الأخير هي 75% ويكون هذا الغشاء غير مرنا يتمزق لأسباب عديدة , اما ال 25% الباقية فهي اغشية لا يسيل منها الدم عند الأتصال الجنسي مثل الغشاء المطاطي الذي يمر منه عضو الرجل دون ان ينزف , وهناك الغشاء الذي يحتوي على فتحات عديدة ويتمزق بسهولة وربما من سقوط او قفز , فلو احصينا نسبة هؤلاء اللاتي امتلكن الغشاء الرقيق واستخرجنا منه نسبة من تعرضن لفقدانه لأسباب لا علاقة لها بالممارسات الجنسية , وأضفنا عليها نسبة البنات اللاتي يولدن بدون غشاء اصلا , ثم اولئك الفتياة اللاتي تعرضن لحالات اغتصاب منذ صغرهن او في كبرهن , لأدركنا بأن نسبة لا يستهان بها من النساء لن تنزف يوم زفافها .
سنين طويلة جرى فيها الكشف عن عذرية الزوجة بأوامر قضائية تتطلب اجراء فحوصات عشية الزواج بطلب من الزوج بعد ليلة الزواج الأولى في حالة شكوكه بعذريتها , فتُساق الزوجة كونها ملغية الأرادة من قبل زوجها واهله واهلها ممتلكين جسدها بالكامل ليتم الكشف عن غشاء بكارتها , ويحق لهم بعدها اصدار حكم الأعدام بحق هذا الجسد وبحق روحها أيضا ويتم ازهاقها احيانا تحت مسمى غسل العار بأسم العشيرة , والعار الحقيقي هي تلك العقول الغافلة التي لم تستطيع الأرتقاء بمستوى باقي البلدان ولم يتوصلوا لحد هذه الساعة بأن هذا الشرف الذي يتحملون من أجله الكثير لا يتمثل بغشاء رقيق يمكن ان يتعرض للفقدان بأي شكل من الأشكال ولعدة اسباب وأولها واهمها هو الرجل نفسه الذي يتمتع بحياة حرة طليقة وسيحاول ان يكرر فعلته وانتهاكاته دون ان ينال العقاب , فيتعاملون مع الزوجة على انها المذنبة الوحيدة وهي من تتحمل دوما العقاب واخطاء وعهر الرجل لتكون هي الضحية المدانة دوما , ويكون عقابها شديدا وبلا ذنب يذكر سوى أنها امتلكت غشاءاً مقدساً لهم والرجل لا يمتلكه , لكن ذنبها الرئيسي هو انها ولدت بهذه المجتمعات التي لم تعي من امرها شيئا وبقيت متمسكة بأمور شكلية عليها ركنها جانبا والألتفات الى ما هو أهم .
أما عن الأسباب الأخرى فهي المفروض أن تكون بلا اهمية كونها تأتي بغير ارادة صاحبة الشأن , وهي تعرضها لأصابات وخدوش من جراء الحركة واللعب والرياضة وربما ركوب الدراجة والخيل احيانا أو القفز والسقوط من مرتفع .
يأخذ الزوج بعد أن أتضح له بأن زوجته قد تم استعمالها من قِبل غيره جميع مستحقات مهره الذي اشترى به هذه المسكينة ومن ضمنها الهدايا التي قدمها لزوجته لو تم الكشف عن حالة خداع بهذه البيعة التي اسموها الزواج , والحقيقة هي من تعرضت لهذا الخداع أو لنقل الأغتصاب من قبل رجلا آخر , فيطلّقها هذا الزوج وتسلّّم الى الأهل وهم من يقررّوا بعدها كيف سيكون العقاب .
هل يمكننا ان نتصور كيف ستكون نفسية فتياتنا من ضيق في فكرهن عندما تتوقف نظرة المحيط لشرفها وحصره في هذا الغشاء دون الألتفات الى فكرهن وارادتهن الحرة , بل لا يهمهم خداعها لهم , لكنهم يفضلون الخداع وهم يعلمون بطرقه جيدا والتي انتشرت في اوساط هذه المجتمعات البائسة المخادعة من طرق ترميم هذا الغشاء أ وشرائه بأبخس الأثمان , بل لا يهمهم ان كانت تمارس الجنس السطحي , فهذه العلاقات لا دليل عليها ولا تخدش كبريائهم الزائفة , المهم ان يكون الغشاء سليما وهي طريقة من طرق خداع انفسهم , وأي علاقات هذه التي ستبنى وكيف ستنظر المرأة لزوجها الذي هو على استعداد للتخلي عنها فورا دون الألمام بظرفها متناسيا الشرخ الكبير الذي سيحدث لزوجته والتي هي من المفترض انها ستكون شريكة حياته , فيبدأ حياته معها هذا لو كان غشائها سليما على اساس الشك والغاء كيانها !!ولا ادري على اي اساس اختارها ؟؟ واين هي عقولهم سواء رجلا او امرأة ؟ هل انحصرت بهذا الغشاء الذي وصفوه بأنه اعز ما تملكه المرأة ؟؟
ماذا عن عقلها ؟؟
العقل والتفكير هو ما يوصل المرأة الى معاني الشرف السامية , حركتها وليس سكونها وترهلها الذي يريد منها المجتمع السكون لأجل المحافظة على هذا الغشاء , عملها المنتج وليس العمل الذي حصرها به المجتمع من غسل الأطباق وتنظيف البيت , حيث تفقد المراة ذاتها بقوانين الزواج هذه , فالرجل سيكون وصيا على جسدها وعقلها وروحها , فتزداد قيودها وأعبائها مما كانت عليه قبل الزواج , فتضطر للتعود على الخنوع وتقبّل الأذلال لتحمي نفسها اجتماعيا بهذا الشر الأكبر , فلا بديل لها بعد الحصار المفروض عليها غير الزواج فهو بالنسبة لها الخلاص من شر مجتمع يغلق بوجهها منافذ الحياة الحقيقية ( شر لابد منه ) لكن الرجل لا يهمه لو تزوج أو استمر في حياته حرا فهو يمتلك حرية العلاقات من خداعه للمرأة واغتصابه لها او حتى تحرشاته الجنسية ليملي بها غريزته ومن دون قانون صارم يردعه عن مثل هذه التصرفات .
هيمنة الرجل وحقه في الوصايا التي امتلكها بتشجيع من مجتمع متخلف تضمنت حقه في امتلاك جسدها وتدخله في ادق تفاصيله .
فلو كان هذا الغشاء دليل عفة المرأة وشرفها !!! فما هو دليل عفة الرجل وشرفه ؟؟
ما السبب في ان المجتمع اباح للرجل ان يعتدي على شرف المراة من خلال اغتصابه لها ؟؟
ما السبب في عقوبة الفتاة التي فقدت غشائها ووصفها بعدم الشرف ؟ وماذا عن شريكها الذي افقدها هذا الشرف من مفهومهم سواء كان اغتصابا او عن طريق خداعها والتسلل لها ؟
ما السبب في حق الرجل في الممارسات العديدة وقت ما يريد ؟؟
سيجيب البعض بأن هناك فروقات فسيولوجية بين الرجل والمرأة !!فالمرأة هي من تحمل وتلد وسينتج عنها اطفال غير شرعيين وستعم الفوضى !! لكنهم لا يدركون الفوضى التي يسببوها بالغاء عقلها والأهتمام بغشاء بكارتها فقط , ولا يدركون الفوضى المتسببة بزواجاتهم الغير واعية وانجابهم لأطفال بدون المامهم بأبسط امور الحياة , وبدلا من ان يحاولوا زيادة وعي فتياتنا بدون كبت وقمع وتخويف ومنع ومن دون ان يردعوا الرجال المسيئة واصدار قوانين صارمة بحقهم لو سولت لهم أنفسهم ان يعتدي على اي فتاة , بدلا من هذا كله يأتون على زيادة مآسيهم بأفكار لا تعينهم للمستقبل .
ننشد لمجتمع يؤمن بمعاني الشرف الحقيقية ولا يقصره على غشاء ممكن ترقيعه او وضع بديلا له وان لا نحصر الشرف به , الشرف يتمثل بصدق الكلمة والعمل الصالح .
لا ننشد أباحيه في العلاقات والفوضى , لكننا ننشد العدل من والمساواة في الحقوق للجنسين , وننشد حق المرأة في الحياة والمطالبة بزيادة وعيها والتخفيف من قمعها لأجل خلق منها انسان نافع , فعقل المرأة اعز ما تملكه وليس غشاء بكارتها بالعقل تستطيع الحفاظ على نفسها , علينا الكشف عن عقول هؤلاء الذين يطالبون بالكشف عن العذرية والبحث عن الأسباب التي جعلت مجتمعاتنا تتخلف عن سائر المجتمعات , قبل الكشف عن عذريتها …..
ابداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا … بهم نهزم التخلف وننصر الأنسانية
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
تأملات طفلة في مجتمع ذكوري
وانا طفلة كان يتبادر الى ذهني سؤال لا يهتم له الكبار فكنت اسأل عن السبب في أن الشركات التي تنتج مواد التنظيف والغسيل تخاطب النساء فقط , كأن يضعون في اعلى العلبة افتحي من هنا أو اضغطي هنا , فكنت أخجل من هذه العبارة ولكني أداري خجلي منها عن طريق قطعهذه العبارة ورميها في سلة المهملات لقناعتي بأن هذا هو مكانها الأصلي , أو اقوم بتضليل تلك العبارة أو مسح حرف الياء أو نون النسوة التي كنت اخجل منها دوما حيث كانت نفسي تشمأز منها كونها تخاطب الجنس الأدنى فقط والذي انتمي اليه وسأتحمل في المستقبل أعباء وقرف هذا العمل الذي سيشل قدراتي ولا أستطيع الأبداع من خلاله , تصرفي هذا على السجية يحمل من العفوية والسذاجة الشيء الكثير .