أنا مع إدخال إيران الحوار حول سوريا. ومع وجود الروس في المفاوضات، خصوصا خارج جنيف، لأن جنيف نتيجة لا مقدمة. وأنا مع الوقوف على خاطر الصين، لأن 1.2 مليار إنسان استذوقوا حكاية الوقوف على خواطرهم، ولا ضرورة لأن نعكرها. السياسة حقائق لا أمنيات، وترسم دائما على الأرض، ولو من الجو بالميغ والبراميل المتفجرة.
أنا مع دخول إيران إلى المجتمع الدولي وأن تصير عضوا عاملا، يقبل قراراته ويلتزم مواثيقه ويقرأ معه أمثولات التاريخ. ومع أن يفهم فلاديمير بوتين أن استعادة روسيا حجمها الدولي لا يعني أن تفقد ضميرها وقلبها وتعود إلى ستالين. فقد يدرك – مثلا، فقط مثلا – أنه أرسل إلى سوريا أساطيله وأرسل إليها 75 شاحنة تحمل الكيماويات إلى مكان إتلافها، لكنه لم يرسل خيمة واحدة أو كيس طحين أو مستوعب أدوية. لماذا؟ لأن هذا للأسف ليس من عادات الروس.
أنا مع انضمام إيران إلى جنيف، لعلنا نسمع مندوبها يستنكر قصف السوريين بالبراميل المحشوة أنواعا متطورة من المتفجرات. ولعل مندوبها يعرض ما هي حصتها في إغاثة هذا الكم غير المسبوق من اللاجئين في التاريخ. إنها فرصة لكي نعرف من روسيا والصين وإيران إن كانت محاربة التكفيريين هي ترميد سوريا وتفريغها من أهلها وتوزيعها على مخيمات وملاجئ وعراء وحشي.
قبل أن نعرف ما هي شروط إيران على أميركا وحصتها في النفوذ، وقوة بوتين في التقاسم مع واشنطن، وتفهم مخاوف الصين، نريد أن نعرف بماذا ستساهم هذه الدول في لملمة جراح سوريا ووقف دمارها المعلن وعدم تحولها إلى دولة تكفيرية في قلب العالم العربي. إن المهم الآن ليس فقط التكفيريين القادمين من أنحاء الأرض لوضع أختامهم الدموية على صدر سوريا، وإنما الشعب السوري الذي كفر بكل ما هو أسرة دولية وقانون دولي وتجبر روسي وتهرب أميركي.
لقد خدع الجميع الشعب السوري وحولوه إلى طوابير في الخيام. حرضه الأميركيون و«الأصدقاء» ثم انصرفوا عنه. وبينما كانوا يخدمونه كان المتطرفون يتسللون. هؤلاء مسؤولية أصدقاء الثورة وأعدائها بالتساوي. ولعل العالم يحصل في جنيف على «اتفاق مبادئ» من روسيا وإيران: توقعان مثلا على بند يحظر استخدام البراميل والميغ في قصف النساء والأطفال وتهجير المدن والقرى. مثلا.
أما عن أميركا، فلننسَ أميركا الآن. فهي مشكلة كبرى: إلى أين تشحن كميات الأعتدة والأسلحة الموجودة في أفغانستان. هناك الكثير منه مما تكلف إعادته إلى البلاد كثيرا. لذلك، يوضب في مستوعبات ويوزع على الدول الصديقة. إذا كنت دولة صديقة، توقع هديتك. وتذكر دائما أن أميركا لا تنسى أصدقاءها.
منقول عن الشرق الاوسط