تقول الأسطورة أنه عندما كانت الأرض خاليةً من البشر كانت الفضائل والرذائل تجوب الأرض وحدها، وتشعر بالملل الشديد، فأراد الإبداع أن يجعل الأمر أكثر حماساً، فاخترع لعبة “ الاستغماية أو الغميضة”!
راقت الفكرة للجميع وتحمسوا لها، فصرخ الجنون قائلاً: أريد أن أبدأ، سأغمض عيني وأبدأ العد، وأنتم عليكم الاختباء، ثم سأحاول العثور عليكم واحداً تلو الآخر! فوقف عند جذع الشجرة ووضع يديه على عينيه، وبدأ العد..
بدأت الفضائل والرذائل بالإختباء، فاختبأت الرقة في الوردة، واختبأ العطاء في الغيمة، والقسوة في كومة الأحجار، وهكذا حتى اختبأت الفضائل والرذائل جميعاً إلا الحب!
وقف حائراً كعادته لا يملك قراراً لكنه عندما سمع الجنون قد اقترب من المئة، اختبأ في سنبلة قمح، وعندما فتح الجنون عينيه، وكان ذكياً جداً، سرعان ما وجد الرقة مختبئة بين الورد، وشاهد العطاء في الغيمة، واكتشف القسوة عند كومة الحجارة، وأكمل بحثه يكتشف فضيلة ويعثر على رذيلة، ولكنه لم يستطع أن يكتشف الحب، فلم يخطر بباله أن يكون قريباً منه إلى هذا الحد، عند السنبلة التي كان يعد إلى المئة قربها!
غضب الجنون من فشله، وأراد أن يكتشف الحب بأي ثمن، فأخبره الحسد أن الحب مختبئ في سنبلة القمح، فأخد غصناً مليئاً بالشوك وتوجه إلى السنبلة وضربها، فدخل الشوك في عيني الحب وفقد بصره وصار أعمى!
صاح الجنون نادماً: يا إلهي، ماذا فعلت؟! وماذا يجب عليَّ أن أفعل لأكفر عن ذنبي هذا!!
فقال له الحب: لن تستطيع أن تعيدَ إلي بصري مهما فعلت، لهذا عليك أن تقودني طوال العمر.
ومن يومها مشى الحب في هذه الحياة أعمى يقوده الجنون!!