طلال عبدالله الخوري 9\5\2017 © مفكر حر
مؤتمر أستانة مناطق خفض التوتر الروسية التي تشمل إدلب، وشمال حمص، والغوطة الشرقية، والجنوب السوري،, الحشود لقوات أمريكية وبريطانية وأردنية باتجاه الأراضي السورية, مؤتمر جنيف القادم.. ثلاثة أحداث مرتبطة ببعضها, فما العلاقة بينها؟
كما قلنا سابقاً, نحن ننظر إلى فهم وتحليل ما يجري بسوريا من زاوية الصراع الوجودي بين القوتين العظميين روسيا وأميركا, والذي سينتهي فقط بتدمير او استسلام احداهما للاخرى, لذلك لفهم هذه الأحداث يجب أن نعود لزيارة وزير الخارجية الأميركية “ريك تيلرسون” لموسكو, بعد ضربة التماهوك لمطار الشعيرات بسوريا, حيث قدم عرضاً للرئيس الروسي ” فلاديمير بوتين”, بعدم معارضة مصالحه في القاعدة البحرية في طرطوس والجوية في حميميم في سوريا, مع رفع العقوبات الاقتصادية عنه, وبالمقابل لهذا طلب منه ان ينسحب من جزيرة القرم الاوكرانية ويوقف دعمه للنظام الإيراني والمساعدة في إخراجه من سوريا على حدود اسرائيل, وأيضاً إيقاف دعمه لطالبان في افغانستان ولداعش في العراق ولحفتر في ليبيا وللحوثيين في اليمن, وللزعيم الكوري الشمالي في برنامجه النووي.. .
طبعا ضرب مطار الشعيرات كان إهانة كبيرة لبوتين, وما عرضه تيلرسون عليه هو أقل بكثير من طموحه بأن يكون لاعباً دوليا في الشرق الاوسط, مع عدم مطالبته بالانسحاب من القرم,.. فقام على أثرها بوتين بترتيب مؤتمر الأستانة اللاخير في بداية أيار الحالي لكي يرد على عرض تيلرسون.. (إذاً مؤتمر الأستانة الأخير هو فقط للرد على عرض تيلرسون, وللأسف أغبياء المعارضة السورية الذين حضروا المؤتمر ومعهم رئيس تركيا الاخونجي “رجب طيب أردوغان”, الذي يستغل الإسلام بالسياسة, ساعدوا المجرم بوتين كثيراً بقبولهم حضور الاستانة .. وانا اقول الله يحمي الشعب السوري من غباء أردوغان والفصائل السورية التابعة له اكثر من إجرام الأسد وبوتين المقدور عليهما اميركياً)… فماذا كان هذا الرد؟؟.. ببساطة, ومن بديهيات السياسة هو تعطيل اي مشروع أميركي في أي نقطة بالعالم ووضع العقبات امامه… وأول ضربة كانت للمشروع الأميركي الذي عرضه الرئيس ترامب في خلق “المناطق الأمنة” للشعب السوري, فقدم بوتين مشروعه المنافس له وهو ما يسمى “المناطق منخفضة التوتر”.. وحتما المشروعان سيتصادمان ويعرقلان احدهما الأخر, وهذا بالضبط ما يريده بوتين كطريقة لأجبار أميركا للتفاوض معه والإذعان لمطالبه… اما الضربة الثانية هي إعتماد إيران كضامن لأتفاق الأستانة , مما يعني تثبيت وجود ايران اكثر فأكثر في سوريا.. وهذه ستكون عقبة كبيرة بوجه المشروع (الأميركي- الاسرائيلي) بإخراج إيران من حدودها مع سوريا… وحتما هنا تجرأ بوتين للمرة الأولى بمخالفة رغبة إسرائيل وليس أمريكا فقط!!!.. ونحن نعتقد بأن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي بعد خطوة بوتين هذه… إذا من الواضح بأن رد بوتين هو رفض العرض الأميركي الذي قدمه تيلرسون وهذا ما تنبأنا به في مقالاتنا السابقة منذ وصول ترامب للسلطة وقلنا بأنه سيفشل بتحسين علاقته مع بوتين لأن السعر الذي يطلبه بوتين خطير جداً على الأمن القومي الأميركي وعلى أمن حلفاء أميركا… اذا نتوقع بأن تزيد روسيا وايران من تمسكها بالنظام السوري والاستثمار أكثر وأكثر بعرقلة المشاريع الاميركية كلها مهما كانت وحتى لوكانت مفيدة للشعب السوري بأكمله, ولكن للاسف أردوغان والمعارضة التي تتبعه يساعدون النظام وحلفائه ضد المشروع الأميركي الوحيد الذي يقف مع الشعب السوري بصدق.
الأن, أميركا تطرد داعش من العراق والطبقة السورية لكي تحاصرها بعاصمتها بالرقة , وبذلك سيكون المنفذ الوحيد لها هو بإتجاه دير الزور ومناطق نفوذ النظام وهذا ما تريده بالضبط أميركا وهي ان ترد للنظام وحلفائه بضاعتهم الداعشية لكي يدفعوا ثمن هذا الوحش الذي سمنوه, .. فأنتبهت روسيا وايران لهذه الخطوة وقاموا بطرد داعش والنصرة من جرود يبرود والغوطة وابقوا لها منفذ واحد الى الحدود الأردنية من اجل ان تذهب بضاعة داعش باتجاه الأردن لهز استقراره كحليف لأميركا مما سيجبرها على الجلوس معهم ومفاوضتهم… فكان الرد الأميركي بمناورات ” الأسد المتأهب” بمعسكر الزرقاء على الحدود السورية الاردنية, وتم الحشد هناك لكي يتم ابعاد داعش الى مناطق النظام..
كان هذا الرد الاميركي الأول على بوتين أما الرد الثاني فكان الدعوة لمؤتمر جنيف جديد في منتصف ايار \ مايو الحالي, والهدف منه بسيط جداً وهو الرد على مؤتمر الأستانة, وتسفيه مقرراته وخاصة من ناحية اعتبار ايران احد الضامنين وتقوية شوكتها في سوريا, حيث سيتم تجاهل وعزل إيران والنظام… وسنرى مثلا ديمستورا يصافح المعارضة من دون ان يسلم على مندوب النظام السوري كما فعل في السابق.. وطبعا سنرى الخطوات الأخرى التي ستتخذها أميركا للرد على وقاحة بوتين بمؤتمر الاستانة… ولن نتكهن اكثر من ذلك… فأبو إيفانكا يعتمد خطة ذكية بعدم الإفصاح عن خططه لكي يحرم العدو من الوقت والموارد كما قلنا بمقالاتنا السابقة.