مقدمة
في الأجزاء الثلاثة السابقة , عرضتُ بعضَ أسباب إنفصام الشخصية المُسلمة . وأهمّها على الإطلاق تناقض النصوص الدينية ( من داخل السوبر ماركت الديني ) , وما يطلبهُ تجّار الدين من العامة من جهة .
مع حقيقة الفهم والفعل وطبيعة تطوّر الأشياء والحياة على أرض الواقع , من جهة ثانية .
كأن يُخبرنا شيخاً ما , بأنّ هذه الحضارة الغربية وكلّ ما وصلوا إليه هي رجسٌ من عمل الشيطان .
لكن في نفس الوقت ( الله ) قد سخّر هؤلاء الكفرة لنا ولخدمتنا . وما علينا إلاّ الحصول على كلّ شيء منهم , ثم لعنهم ليل نهار والدعاء عليهم بالفناء كقردة وخنازير !
فتخيّلوا الشخصية الناتجة عن مثل هذا التفكير .
( شاهدوا الرابط الأوّل / على سبيل الضحك على تفكير الاشياخ )
وهذا كُلّهُ يُختصَر حسب تعبير أحد الأصدقاء الذين علّقوا على الجزء الثالث من هذهِ الورقة , وهو السيد ( أوراها دنخا سياوش ) , بأنّ هناك أصلاً (( إنفصام في القاعدة الفكرية للمسلم )) !
وهذا ينعكس على تصرفاته في المجتمع الذي بدوره يقبل هذه التصرفات باعتبارها نابعة من هذا الفكر .
وقد لايفهم البعض ما نعنيه بلفظة الإنفصام هنا ,أو يظّن أنّ قصدنا منها يشمل كافة مظاهر المرض تظهر على كلّ شخص مُسلم .
وعندما يجد أنّ بعضاً من تلك المظاهر غير ظاهرة عليهِ شخصياً يظّن أنّ كلامنا هو مجرّد هواء في شبك .
لذا تقتضي الضرورة توضيح مُبسّط لمعنى الإنفصام المقصود هنا .
*************
الفصام أوالإنفصام أو الشيزوفرينيا
Schizophrenia
بالأصل هو مرض دماغي مُزمن يَصيب عدد من وظائف العقل , فتحدث إضطرابات وجدانية وسلوكيّة وفكرية وعقلية , تتفاوت حدّتها حسب تحمّل المرء وتربيتهِ الاُسرية وتكوينه النفسي والثقافي .
وقد تصل الامور الى حدّ الهلوسة , أو الحديث والضحك مع النفس
( ليس كما يحدث أحياناً لجميعنا ) , لكن بطريقة كأنماّ هناك شخص جالس بقربه يحدّثه .
ومن أعراض الإنفصام : إضطراب تفكير المُصاب , وفقدانه السيطرة على التفكير بشكل واضح ومنطقي ومترابط .
أو يشعر بأنّ كائناً فضائياً ( ملاك أو شيطان ) يتحكم بأفعالهِ وأفكارهِ.
أو يشعر بأنّ الآخرين يتآمرون عليه ويزرعون أفكار مُدمّرة في عقلهِ .
أو أنّ الشيخ (الفلاني) عندما تحدّث في التلفاز ,كان يقصدهُ شخصياً !
ومن مظاهر الإنفصام الأخرى , إضطراب المشاعر عموماً والتبلّد الوجداني أحياناً واللامبالاة لحدث مهم .. كالموت .
وكذلك ضعف الإدراك أو رؤية أشياء غير حقيقية , وتباين السلوك , كتغيير تعابير الوجه بطريقة دائمة , وقد يصل الامر الى الإكتئاب .
وهناك حالة مهمة هي قيام المرء بكل ما يُؤمر بهِ دون نقاش وكأنّهُ بلا إرادة !
(حاولوا مقارنة الجملة السابقة مع إصغاء العامة للمشايخ في صلاة الجمعة مثلاً ,أو تفجير الإنتحاري لذاتهِ بعد سماعهِ فتوى حقيرة ) .
بالطبع ليس بالضرورة أنّ كلّ ما فات ( وغيرهِ كثير) , موجود في كلّ شخصية مُسلمة مؤمنة . لكن مظهر واحد أو أكثر موجود في الغالبية حسب ظنّي !
( المصدر : ويكيبيديا مع التصرّف )
*************
وعودة الى أسباب إنفصام الشخصية المُسلمة , نضيف اليوم ما يلي :
هل المثليّة الجنسيّة حرام أم حلال ؟
لا يختلف إثنان في الإسلام على تحريم المثليّة والشذوذ الجنسي .
أو هكذا كنتُ أظّن ! وقد كتبتُ مراراً ضدّ إنفلات الحُريّة من عقالها الى درجة أن تكون المثليّة حالة مقبولة ,بل يُشجّع عليها في بعض المجتمعات الغربية , بأن تُسّن القوانين الحمائية لهم ويُعاملون كزوج وزوجة !
وغالبيتنا يعرف موقف رجال الدين الإسلامي من المثليين بالرفض المُطلق ,الى حدّ التجريم .
(والمفروض أنّنا نُدهش لسماع خبر أنّ أحدهم مثلي الجنس )
بل أنّ تظاهرات المهاجرين المسلمين في الغرب الكافر ,قائمة ضدّ هذهِ الظاهرة المقيتة .
لكن لنصغي للإمام الداعية المُسلم / الأمريكي الأسود عبدالله , الذي يُجاهر بمثليّتهِ ويقدّم رؤية خاصة حول الإسلام والمثليّة , تستند الى القرآن نفسه كما يقول :
(( لطالما كنتُ ناشطاً في الدفاع عن حقوق المثليين . وعندما تحوّلتُ الى الإسلام , إلتقيتُ بالعديد من المثليين المُسلمين . ما ساعدني على تقديم دراسة حول التأويل الإيجابي للمثلية في القرآن .وما توّصلتُ إليه , هو أنّ اللغط في التأويل . إذ أنّ مُفسّري القرآن يضعون تفسيراتهم الخاصة بينما القرآن لا يتحدّث مباشرةً عن المثليين إنّما يُشير الى قصةِ لوط .
واللغط هو حول إستخدام اللواط كإسلوب تعذيب وليس كعلاقةِ حبّ ))
تقول المذيعة التي تقرأ الخبر ( وفاء شباعي ) ما يلي :
عبدالله ذهبَ أبعد من ذلك في تأويلهِ , إذ يقوم بتزويج المثليين حسب الشريعة الإسلامية .حاولنا الإلتقاء ببعض هؤلاء دون جدوى فهم لا يجرأون حتى الآن على الظهور أمام الكاميرة , لأسباب في معظمها إجتماعية ودينية . الرابط الثاني
************
في الواقع , إنّ ( قصة الإمام عبدالله ) ذكرتني بطريقة تعامل الكنيسة في الغرب عموماً مع مثل هذهِ القضايا .
إذ غالبية الكنائس أخذت على عاتقها موقفاً عاماً مؤدّاه أن تتماشى مع الرأي العام للجمهور . كما نسمع في قضايا الإجهاض والمثلية وزراعة الإجنّة والتخصيب الصناعي والإستنساخ البشري وحتى ال
Big bang
القصد من هذا السلوك هو الوصول الى حالة (الدين لله والوطن للجميع )
ولا أظّن أنّنا سننجح يوماً ,ما لم نتبّع ذلك الطريق العلماني .
وفي كلّ الأحوال فمشايخنا صاروا كما نرى اليوم برغماتيين أكثر من ميكافلي , أو جارلس بيرس ( مبتكر المصطلح ) ,وبإستطاعتهم قلب الأبيض أسوداً لو شاؤوا وإتفق ذلك مع مصالحهم المادية .
فلماذا لا يُسارعون اليوم لعزل الدين عن الدولة في دكاكينهم الخاصة , ومن يرغب ببضاعتهم , يمكنه الوصول إليهم دون عناء .
لكن في حالة العكس وإصرارهم على البقاء وتسيّد الساحة السياسية والإقتصادية والإجتماعية فمصيرهم معروف , مزبلة التأريخ لا ريب !
************
الخلاصة
عند إطلاعنا على بعض مظاهر الفصام , نجد أنّ من بينها حالة اللامبالاة أو عدم الإكتراث , لحوادث مهمة تحصل في محيط الشخص , أو بعيدة ويسمع عنها .
فإنظروا اليوم الى حال الغالبية المسلمة , وقد تشبعّت بمناظر وأخبار القتل والموت ( في سوريا مثلاً ) , حتى غدت لا تهتم كثيراً بها .
وحتى عند قتل الحيوانات , قد تصل الوحشيّة فيها وعدم الإكتراث بالحيوان , الى نوع من إنفصام الشخصيّة .
(قبل مدّة قرأتُ خبر إمتناع شركات اُسترالية بتصدير المواشي الى مصر لغضبهم من فلم يصوّر الوحشية التي يُعامل فيها الحيوان قبل ذبحهِ)
أمّا عن الكوارث التي تحصل خارج ديار المُسلمين , فحدّث ولا حرج
عن مقدار اللامبالاة بها .
بل أن بعض المشايخ يُظهرون فرحتهم وغبطتهم الكُبرى بزلزال أو تسونامي أو حريق غابات أصاب القوم في دار الكفر .
و لا تسألوا عن شيء أكثر إحتقاراً في نظري من التشفّي بمصائب الآخرين , أو الوقوف بلا حراك , أمام ضحيّة وجلادها .
فأي شيء يقوم به المشايخ الكرام , لا يدعو الى الإنفصام ؟
***************
الروابط
الأوّل / للضحك , أحلام عن محمد مرسي العيّاط
الثاني / إمام مسلم أمريكي مثلي ,يزوّج المثليين المُسلمين
تحياتي لكم
رعد الحافظ
22 يونيو 2013