كان معلم الفلاسفة أرسطو يقول: إن الإنسان في منزلة بين المنزلتين، ما بين الحيوان والآلهة (اليونانية). فهو يشترك مع الكائنات الحيّة الأخرى في الغذاء والتوالد والحركة والتوقع والمشاعر. أما ما يجمعه مع «الآلهة» فهو القدرة على تأمل الحقائق الخالدة. ويعبّر هذا الكائن المميّز عن تفكيره باللغة أو النطق، في حين أن الكائنات الأخرى حياتها «عمل» فقط، كالنحل والنمل. قفير أو وكر يتكرر طوال العصور. ووسائل «تفاهم» (اتصالات) واحدة. لن يكون للنمل «وادي سيليكون» في كاليفورنيا. ولن يهتم النحل لنزول الجيل السادس من تليفون الإنترنت المسمى باسمها (آيفون).
الوسطية هي قدرة إنسانية فقط، في رأي أرسطو، بسبب طاقة الإنسان على الحساب. فالشجاعة، مثلا، هي الوسط ما بين التسرّع والجبن. يعادل ذلك البيت الشهير، الرأي قبل شجاعة الشجعان. أو بالأحرى ينبثق منه. ويقسم أرسطو البشر إلى طبقتين: الكثيرين (الأكثرية) والحكماء. أما أفلاطون فيرى أن الجميع سواسية في الفهم.
و«هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»؟ كتبت مرة تحت عنوان «عن كليهما» أن وينستون تشرشل وشارل ديغول أنقذا بلديهما لأنهما تجاوزا محدوديات العامة ونفاد صبرها، فعلّق قارئ كريم على ذلك بأنني «منظّر للاستبداد». لا، لم يحصل. أرجو أن تبحث عن الذين أنظّر لهم، وسوف تجد أنهم من بناة الأمم وآباء الشعوب وشجعان التسامح وفرسان المصالحة. تشرشل وديغول كانا أشهر أصحاب هذه الفضائل. ومعهما الألماني كونراد أديناور، والروسي ميخائيل غورباتشوف، والسنغافوري لي كوان يو، والصيني دنغ كسياو بنغ وأمير أفريقيا نيلسون مانديلا. يقابل هؤلاء أولئك الطغاة والمستبدون الذين حوّلوا شعوبهم إلى عبيد وجماجم وقبور جماعية وبنوك مركزية منهوبة على ظهور السفن.
الإنسان، في رأي أرسطو، يشبه الآلهة لأنه مثلها يطلب المعرفة. لذلك، الشعوب المستقرة هي التي تطلب المعرفة ولا تتسابق في الجهل. خذ هذا المثال: داعش أميركية، وداعش إيرانية، وداعش سورية، وداعش تركية، وداعش صهيونية، وداعش عراقية وداعش خليجية أو سواها.
كيف يمكن أن تكون كل ذلك؟ يمكن ذلك عندما لا تطرح أمة بكاملها سؤالا واحدا. عندما لا تجد أحدا يفكر أو «يتأمل»، مفضلين على ذلك سلوك النمل والنحل. يقول أرسطو إن البقر مخلوق لأن يعيش حياته من اللحظة إلى اللحظة الأخيرة، كالبقر. لكن المفاجأة، أو الشواذ، هو عندما تقرر مجموعات كبرى من الناس أن تحيا من اللحظة الأولى إلى الأخيرة من دون وقفة تأمل أو تفكير.
أعطنا مثلا. إليك هذا المثل: لو ولد ستيف جوبس وعاش في حمص لكان عاش في الفقر ومات بين الأنقاض. لكن لأنه ولد وعاش في وادي العلوم فقد مات كأشهر مبدع علمي، واستطاع أن يبني أغنى شركة في تاريخ العالم. في حمص تُقصف دكاكين الفقراء وبيوتهم وغرف الجوع التي كانت تُعرف بغرف الطعام.
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :