بهية مارديني : ايلاف
بعد حوالي السنتين ونصف من عمر الثورة السورية كانت جماعة الاخوان المسلمين في سوريا تنأى بنفسها عن جماعة الاخوان في مصر لأسباب عديدة.
فبالرغم من أن الاخوان حزب واحد الا ان تجربة الاخوان الفاشلة في مصر وانعدام مصداقيتهم ورغبة اخوان سوريا بألا تُحسب عليهم، اذ كانوا يقدمون انفسهم على أنهم تشاركيين، كانت السبب الاول في هذا التباعد.
والسبب الثاني كان التقارب بين مصر وايران مابعد تسلم الرئيس المصري محمد مرسي دفة السلطة وهو ما كان مصدر نزاع داخل البيت الاخواني السوري حيث لا يريد اخوان سوريا ان يُستخدم هذا التقارب المعلن ضدهم.
وأما السبب الثالث فهو عدم وضوح الموقف المصري الرسمي باتجاه الملف والنظام السوري.
لتلك الاسباب الثلاث، بدأ تراجع العلاقة بين اخوان مصر واخوان سوريا لمصلحة تركيا، واكتشف فجأة اخوان سوريا خطأ الابتعاد عن تركيا وركزوا مع انقرة.
الى أن جاءت زيارة جماعة الاخوان المسلمين في سوريا للمملكة العربية السعودية بغطاء المجلس الوطني لتساهم بتعميق الفجوة بين اخوان سوريا ومصر لعدم رضا المملكة عن تجربة الاخوان في مصر، وفي المقابل كان اخوان سوريا في ذات وقت الزيارة في رحلة مماثلة الى قطر في محاولة غريبة لتفسير طبيعة زيارة المملكة وأهدافها.
ولكن ما جرى تاليا هو أنه مع اول استحقاق للاخوان السوريين لم يطبقوا اتفاق جدة ونكصوا بعهودهم للمملكة، وكان ادائهم مناقضا للوعود في توسعة الائتلاف من حيث العدد والاسماء الامر الذي جعل بعض المعارضين يقولون عنهم أنهم “لعبوا على حسابهم”.
بالنسبة للسوريين كان الامر مفهوما مع السياق العام للاخوان اذ انهم اقدموا على هذا الأمر بعد ان ارسلوا المراقب العام الحالي رياض الشقفة والسابق علي صدر الدين البيانوني ليزورا قطر ويحاولان شرح زيارة جدة.
في اجتماع الائتلاف الاخير من أجل التوسعة لم تتحقق رغبة المملكة العربية السعودية في ايجاد التوازن الضروري والمطلوب داخل الائتلاف السوري المعارض لصالح الثورة السورية، وأصبح الاخوان متهمين باتهامين أحلاهما مُرّ، فان كان وجودهم قويا في الائتلاف فهم متهمين بانهم لم ينفذوا اتفاق جدة، ولم يفرضوا الاعداد المطلوبة لتحقيق التوازن، وان حاولوا تنفيذ الاتفاق وفشلوا، فهذا يعني انهم عديمي التاثير.
ولكن بكلا الحالتين وباضافة كتلة الجيش الحر وكتلة الحراك الثوري الى التوسعة الاخيرة انكشف ظهرهم وأصبح عددهم في الائتلاف بكل أجنحتهم لايتجاوز الـ 10 بالمئة.
وان كنا اليوم لا نلمح في الاعلام أي هجوم واضح ضد الاخوان المسلمين في سوريا فهذا قد يعني بشكل او بآخر انهم غير ملحوظين في الحراك الثوري السياسي الحالي ولذلك لاتتم مهاجمتهم.
كل هذا دفع اخوان سوريا لرمي البيض باتجاه السلة المصرية، وكان المشهد المصري واضحا اذ لم ُيدعى من المعارضة السورية الا المراقب العام الحالي والسابق للاخوان المسلمين في سوريا الى مؤتمر لنصرة سوريا أثناء اعلان الرئيس المصري محمد مرسي قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وإغلاق سفارتها في القاهرة..
هذا المشهد المصري اذا قارناه بمؤتمرعلماء المسلمين نجد أن في الاجتماع الاخير كان الاخوان المسلمين غائبين تماما عنه صحيح أن المؤتمر انعقد في مصر الا ان المشهد كان عربيا خليجيا بامتياز، حيث تصدر المشهد الشيخ اسامة الرفاعي وهو ليس من الاخوان المسلمين ليؤكد كما يبدو من ذلك أن اتفاق الاخوان المسلمين في سوريا مع السعودية انتهى تماما.
وغاب عن المشهدين العربي والمصري الشيخ معاذ الخطيب الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض ولم تتم دعوته الى الحدثين حدث مؤتمر نصرة الشعب السوري أو حدث مؤتمر علماء المسلمين.ولذلك يمكن تفسير انتقاده بيان علماء المسلمين.حيث انتقد الخطيب فتوى رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي حول الجهاد في سوريا، وقال الخطيب أن بعض الفتاوى الدينية تزيد “العمى السياسي”.
واتهم الخطيب دولاً لم يحددها بالتجارة بدماء السوريين “الذين يواجهون مكراً دولياً واقليمياً”، لافتاً إلى أن هناك دول تخاف البعبع الايراني وتريد حماية نفسها عبر تحويل الصراع الى بلاد الشام، في اشارة الى دول خليجية.
وقال الخطيب “هناك عروش قد تنهار، وخائفة من البعبع الإيراني، ما هي أفضل طريقة لحمايتها؟ تحويل الصراع إلى بلاد الشام للخلاص من الجماعات الجهادية المؤرقة لهم ومن حزب الله معاً”.
وتساءل الخطيب: “من سيدفع الثمن؟ سوريا شعباً وأرضاً، وشباباً مخلصين ونساء وأطفالاً”، مضيفاً “كل الدول تتاجر بدماء السوريين الذين يواجهون مكراً دولياً واقليمياً”.
يُذكر أخيرا أن الاخون تنظيم دولي أعلى الهرم فيه المرشد العام وهو المصري محمد بديع وفي باقي الفروع (الدولة)يكون هناك مراقب عام للفرع لكنه يتبع ادبيا المرشد العام، وكان حتى وفاته عبد الله الهويدي نائب المرشد العام وهو سوري الجنسية.