مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي
لا يعرف أو لا يدرك كثرة كاثرة على وجه الدقّة عمق النفوذ الذي تملكه جماعة الإخوان المسلمين في المهاجر الغربية، بعد مرور 3 أجيال تقريباً على حضور الرعيل الأول من سفراء الجماعة إلى بلدان أوروبا، خاصة ألمانيا وسويسرا، منذ زهاء سبعة عقود.
أبناء هؤلاء وأحفادهم، من المصريين والسوريين والعراقيين، ومعهم أيضاً إسلاميو الأحزاب التركية، منذ أيام «الخوجا» نجم الدين أربكان إلى أيام السلطان رجب إردوغان، هؤلاء «الذراري» صاروا من النسيج الألماني والأوروبي، واختاروا بدقة العمل في مؤسسات تشكيل الرأي العام ومؤسسات الضغط، فصاروا «جنود طروادة» من داخل الأحشاء الأوروبية نفسها، وخط دفاع متقدم للذبّ عن الجماعة وحلفاء الجماعة وسياسات الجماعة، تحت دمغة أوروبية!
مؤخراً تتحدث تقارير ألمانية عن معضلة الأثر الإخواني العميق داخل المجتمع الألماني، من خلال قيام الاستخبارات الألمانية الداخلية (هيئة حماية الدستور) بتفحص أنشطة جمعية إخوانية تعرف بـ«ملتقى ساكسونيا» تدير مسجدا يحمل اسم «التقوى» بمدينة راشتات بولاية بادن فوتمبرغ.
وكالة الأنباء الألمانية نقلت عن مسؤول بالاستخبارات الألمانية أن الأنشطة الإخوانية الجديدة تواصل التركيز على أوساط اللاجئين العرب والمسلمين، بغية تجنيد مزيد من الأفراد.
صحيفة «دي فيلت» الألمانية أشارت الصحيفة إلى أن الجماعة بدأت النزوح بشدة إلى ألمانيا بعد عزل محمد مرسي من حكم مصر. ونقلت عن تقرير الجهات الأمنية أن «الجمعية الإسلامية في ألمانيا تضم نحو 13000 عضو، وأنشطتها تغطي جميع أنحاء البلاد». «دي فيلت» ذكرت أن الإخوان استغلوا الجمعية الإسلامية بكولونيا للتحريض السياسي، منذ أكثر من 3 سنوات؛ و«تبييض وجه الجماعة» في الغرب.
بكل حال، فإن قصة الهجرة الإخوانية لألمانيا قديمة، البعض يعيدها إلى صهر المؤسس حسن البنا، رجل الجماعة الخطير، سعيد رمضان، الذي يعتبر السفير الأول للجماعة لدى أوروبا، وقائد «الهجرة الإخوانية» إلى بلاد الجرمان، فهو قد أنشأ عام 1958 أقوى المؤسسات الإسلامية بألمانيا «الجمعية الإسلامية في ألمانيا
IGD»
تفرع عنها عشرات من المنظمات الأخرى، ومجمل المنظمات التابعة لـ«الإخوان» حاليًا، حسب مصادر خبرية، نحو 30 مؤسسة.
دكتور لورينزو فيديو، مؤلف كتاب «الإخوان المسلمون الجدد في الغرب» ذكر أن «كثيرا من كوادر الإخوان احتل مواقع بارزة بألمانيا، مما وطّد من نفوذهم وجعل من ألمانيا قاعدة انطلاقهم لأوروبا».
بعد هذا كله، فحين نقرأ تقريراً إعلامياً أو حقوقياً لصالح الجماعة من جهة ألمانية، يجب أن نبحث عن بصمات خلفاء «السفير الإخواني الأوروبي الأول» سعيد رمضان، وأضرابه من سوريين وأتراك وعراقيين.
ألمانيا تتكلم «إخواني»!