كثر الكلام حول الأعراف والإحكام العشائرية, والتي تطبق في حياتنا, والكلام ما بين معترض ومؤيد, هذه الإحكام بعضها يتطابق مع العدل, لكن جزء أخر منها دليل الفكرة الخاطئة وسيطرة أحكام الغابة, بالاضافة الى معارضة بعضها حتى مع أحكام الشرع المقدس او القانون الحياتي, ولكن تطبيق اعرف العشيرة هو الأصل ألان في واقعنا, مع كم الاعتراضات لكنه يمثل حل مقبول من قبل الكثير من الإطراف.
الأسباب كثيرة لاتساع نفوذ قانون العشيرة في حياتنا, لكن أهمها يعود لضعف الدولة وغياب القانون, فالإنسان يجد نفسه وسط غابة تضيع فيها الحقوق, أذا بقي خارج نطاق العشيرة, ويتم التجاوز على حياته أذا انقطع عن الأعمام, لهذا تحولت العشيرة الى مؤسسة لحماية المواطنين, ولحل المشاكل الاجتماعية التي تحصل في حياتنا,والتي تحدث بسبب غياب قانون العقوبات, الذي لو عادت له الحياة لامكن تحجيم دور العشيرة, ولتم نصرت حقوق الإنسان وتشريعات الدين, على حساب الأعراف القبلية.
● أعراف عشائرية تعارض الدين والقانون
هنالك الكثير من الأعراف العشائرية التي تخالف أحكام الدين, مثل الدفاع عن ابن العشيرة حتى لو كان مجرما أو لصا, ودفع مبالغ لتسوية الجرائم التي تحصل من قبل احد أفراد العشيرة, تحت مسمى “الفصل”,مع أن نصوص الأحكام لا تعطي هكذا حق, بل أن أحكام الدين تدعو للعدل ومحاسبة المجرم وحفظ الحقوق, فمبدأ العشيرة أنها كيان واحد, تنصر ابنها ظالما او مظلوما, وتدافع حتى بأسلوب الصراع المسلح وان كانوا ابن العشيرة هو الجاني, فألاهم حفظ شوكت العشيرة.
أما معارضتها للقوانين الدولة, فهي تخط لها طريق مختلف ومتعارض مع المواد القانونية, وترتفع فوق القانون لتكون أحكامها وحلولها بدل القضاء العراقي, مما عطل القوانين وجعلها تركن جانبا, وكلما قويت القبيلة ضعفت الدولة, هي علاقة عكسية لا تتغير.
● أحكام ظالمة ضد المرأة
المرأة في المنطقة العربية تعاني من عادات القبلية مجحفة بحقها, والتي تسلط عليها حجم كبير من الضغوطات, فالقبيلة تعتبر المرأة مصدر للشر وبوابة للعار, ويكون حسابها عسيرا في الأعراف العشائرية , فيتم قتلها على مجرد الشبه في موضوع الزنا, مع أن الإسلام يلزم شهود أربعة وعقوبة الزانية غير المتزوجة الجلد أما المتزوجة الزانية فالرجم, لكن الروح القبلية تلزم الرجل بغسل عاره عبر الذبح أو أطلاقات نارية, حتى من دون تثبت فقط بناء على قناعة الأب او الأخ او الزوج.
وتعامل المرأة كسلعة تعطى مقابل الصلاح, حيث يكون الفصل العشائري ليس أموالا فقط, بل نساء بما تسمى بالفصلية, يتم إهدائها للطرف الأخر, بغية إنهاء الأزمة وكسب ود الطرف الأخر, أي تحولت المرأة بعرف العشيرة إلى سلعة تهدى وتباع.
مع أن الإسلام كرم المرأة, وأوضح دورها الأساسي في تربية الأجيال, فانظر لبشاعة الأعراف العشائرية ومدى انحرافها, عن الشريعة والقوانين الإنسانية.
● النظام السياسي وعملية الانتكاس
المجتمعات عندما تتطور, فأنها تتجه صوب سلطة الدولة وقوانينها, وتتحول العشيرة لأرث وذكرى ونظام بروتوكولي فقط, وهذا يعتمد على حكمة ووعي الساسة, لكن ما حصل منذ عهد صدام والى ألان, هو عملية أعادة الروح للنظام العشائري, بسبب ضعف القانون, وغياب الرؤية لمن بيدهم السلطة, وهو نوع من الانتكاسة المجتمعية, وهذا الحال يؤمن ديمومة سطوة الحكام, فيعمد الحكام على تقوية النظام العشائري ما دام يخدمهم, فانتبه للخبث السياسي.
العلة الكبرى لهذه المشكلة هم الطبقة الحاكمة, والتي ترفض أن يرتقي المجتمع ويرتفع وعيه, لان الوعي يشكل تهديد حقيقي لمصالحهم.
ننتظر أن يصبح القانون هو السائد, وهذا يتم عبر محورين:
المحور الأول: عبر تهذيب قوانين العشيرة لتنسجم مع الشرع والقوانين الإنسانية.
المحور الثاني: يكمن في تفعيل قانون العقوبات.
عندها فقط تتحول حياتنا الى حياة واعية وراقية وخالية من المشاكل, فهل ينتبه الساسة الأذكياء جدا.