زهير دعيم
“نحن سعداء لتقديم هذا الكتاب الذي هو ثمرة ثمينة للتعاون بين مؤسسة الكتاب المقدّس في إسرائيل وبين مؤمنين من جميع أنحاء العالم الذين يحبّون الكتب المقدسة”.
بهذه الكلمات توجّه السيد فيكتور كاليش المدير العامّ لمؤسسة الكتاب المقدّس في اسرائيل ، في منتصف شهر تموز الفائت الى العديد من أعضاء الكنيست الإسرائيلي والشخصيّات الهامّة في البلاد..
كلمات جميلة مهذّبة تحمل في طيّاتها كما في داخل مظروفها المحبّة والخير والفداء المجانيّ من خلال العهد الجديد ( الإنجيل ) ، فما كان من عضو الكنيست اليمينيّ المتطرّف ميخائيل بن آري الا أن مزّقه أمام كاميرات الصّحافة والإعلام وقذف به في سلّة المهملات !! هكذا بوقاحة وصَلَف.
ونددنا وتذمرنا بهدوء وقلنا : “عيب” الأجدر بالسيد ابن آري أن يشكر السيد كاليش ،ثمّ أنّه هو حرّ في ان يقبل الهدية أو أن يرفضها او يردّها الى صاحبها بذوق ،حرٌّ في أن يقرأ الإنجيل او يضعه على الرفّ ،ولكن ان يفعل ما فعل ويجرح مشاعر مئات الملايين من المسيحيين فهذا عيب ومناف للأخلاق وللإنسانية وللذوق الحسن.
ولم تمضِ أيام على هذه الحادثة ،حتى تمّ الاعتداء من قبل مجموعة من اليهود المتطرفين فكتبوا باللغة العبرية شعارات بذيئة بحقّ ملك الملوك ورب الأرباب على جدران وأبواب دير اللطرون على مشارف مدينة القدس، وبالأمس القريب استفاق رهبان دير الفرنسيسكان الواقع على جبل الزيتون والمُطلّ على القدس القديمة ؛ استفاقوا على شعارات تُلطّخ أحد مداخل الدير وباللغة العبرية تهاجم الربّ يسوع له المجد وتنعته بأبشع العبارات..
وفي كلّ الحالات سمعنا كلامًا، كلامًا فقط ،فقد ندّد واستنكر ذلك رئيس الدولة ورئيس الحكومة وعدد من الوزراء في هذه البلاد.
…تنديدات وامتعاض لا تغطية حقيقيّة لها.
أين هم الجُناة ؟ أين هم ؟ ولماذا لم تُلق الشرطة القبض عليهم حتى يلقوا جزاءهم؟…أتراهم يعيشون في المريخ ؟ أترى ان الشرطة الإسرائيلية عاجزة وغير قادرة على كشف هويتهم وتقديمهم للعدالة؟!
والسؤال الذي يفرض نفسه هو : ماذا كان سيحدث لو أنّ الأمر كان معكوسًا ؟ ماذا كان سيحدث لو أنّ عربيًا مسيحيًا كان او غير مسيحيّ أذنب وارتكب جناية كتابة شعارات مسيئة لليهودية على أبواب احد الكُنُس ؟.
هل كان الأمر سيمرّ مرّ الكرام بتنديد لا يسمن ولا يغني عن جوع؟ وهل سيفلت الجُناة من أيدي العدالة الاسرائيلية ؟ أم ستقوم الدنيا ولا تقعد وسيقولون : عنصرية..لا ساميّة .و…
نعم في خلال فترة وجيزة لا تتعدّى الثلاثة أشهر حدثت هناك ثلاثة اعتداءات على الربّ وانجيله ، فلم نسمع من المسيحيين الا استنكارًا وتنديدًا وصلوات تُرفع الى الربّ الحيّ كيما يفتح ويُكحّل عيون هؤلاء المعتدين بنوره العجيب وأن يغفر لهم ويسامحهم ، فالإله الذي نعبده كان وما زال نموذجًا رائعًا للغفران والمسامحة أضف الى ذلك أنّه إله قويّ لا يحتاج لي ولا الى غيري حتى نأخذ بثأره، فالنقمة له يقول في كتابه المقدّس.
أترانا ضعفاء ، أترانا جبناء إن نحن سامحنا وصلينا ولم نثر ونشتم ونهدم ونخرّب المصالح الخاصّة والعامّة ؟ أترانا ضعفاء ان نحن لم نقتل أو نهدّد بالقتل؟
أترانا جبناء ان نحن تذمرنا بصمت واستنكرنا بهدوء وصلينا بحرارة ؟!
لا أظنّ ذلك.