لقد مرت سنتين على وفاته ولا تزال فى عينى دمعة لم تنزل و كلما تذكرته سقطت و عادت مرة أخرى الى عينى.
تتجمع و تسقط و يعود الألم لا يفارقنى فلقد مات الطيب الأمين …
لقد استعان الله بالملائكة لنشر الفضيلة و لكن أبى نشرها من جواهر فمه و يديه الكريمة …
أنها البصره لقاء المياه .. هل شاهدتم أنهر تلتقى لتولد من جديد. إنها البصرة دمعة فى عينى فلقد فقدت طفولتى بعدما هجرتنى.
كل يوماً أكبر و البصرة تصغر سناً و تزداد شباباً و الخوف سوف تعود طفلة و تعود لرحم أمها حواء.
أبى فى الزمن الجميل كان أسمراً و فى الزمن الأجمل ازداد اسمرار, قالت لى حورية الصباح أبيك جميل فهو روح المساء و عطر الغناء و عشق النساء.
و فى الليل مثل الياسمين أبيض الجبين أسمر البهية عندما تمر الريح من قربة تشتم عطر النخيل, عندما يسقط المطر تضحك البلابل و الشجر .. سبحان الله .. لقد خلقه الله فى ليلة القدر و عندما توفى رجع لرب القدر.
قال أبى يوماً “هيثم, لا تصادق الأغنياء صادق الفقراء فقلوبهم غنية و أرواحهم بهية .. ” و لم أفهم الحكمة حتى نضجت و فهمت بأن الفقير يضحك عندما يجد قطعة خبزة هنيئة و الغنى يغضب عندما يكون رقم حساب البنك ليس كالبقية …
و من كلماته ايضاً “عندما خلق الله الحب وزعها على البشر” و لكن لحبى له أعطانى حب البشر و هذا هو المستحيل.
اليوم فى فجر سقط مطر و نظرت للأرض رأيته يرقص فوق الحجر فبكيت و سقطت دمعة فوق الحجر و رقصت مع الحجر .. فهل أبى هو قطرة القدر؟
كل شيء وردى ألا خدوده سمراء, شكراً للرب ما أجمل هذا المساء …