استقبلت امس ابو الطيب قادما من باريس بعد ان لبى دعوة لحضور مؤتمر”مستقبل الشرق الاوسط في عصر الاسلمة”.
وما ان غادرنا المطار حتى صاح مسرورا:لقد جلبت لك احلى هدية.
وطفق يحكي عن رحلته والنقاشات التي دارت في المؤتمر وكيف انبهر باللوفر وجلس القرفصاء امام العديد من اللوحات لكنه وبسبب اصابته بالفوبيا لم يستطع الصعود الى برج ايفل.
وظل يتكلم بحماس شديد ولكني،بصراحة، لم اصغ له تماما فقد كنت افكر بالهدية المنتظرة ولأني اعرفه جيدا،فهو لايعجبه العجب ولا الصيام في رجب،فقد اثارني التفكير بهديته التي،حتما ستكون منتقاة بعناية.
ما ان وصلنا حتى اسرعت في طلب الهدية واعتقد انه احس من لهجتى بانه لامجال للتريث.
ناولني قميص بني اللون مشبع بالمربعات الصغيرة والتي كنّا نسميها ايام زمان”بالكاروهات”.
صعقت وانا انظر الى القميص وماكان مني الا ان اتمتم:
انه قميص ياابا الطيب.
نعم انه قميص ولكن ليس كالقمصان.. فقط اقرأ في أي بلد صنع.
تلمست القميص القطني الناعم وقرأت”صنع في بنغلاديش”.
مستحيل،بنغلاديش تصنع هذا القطن الحريري وتصدره الى باريس؟.
قال:
نعم أخي العزيز.. فمازلتم تنظرون الى هذه الدولة على انها “قمة” في التخلف والفقر وكأنكم تعتقدون ان الفقر او الجهل يدوم عند الشعوب.
معظم المتابعين يعرفون ان بنغلاديش التي يبلغ عدد سكانها مابين 149 الى 195 مليون نسمة ترأست مجلس الامن لدورتين.
ويعيش معها الفقر والفساد ولكنها تصدر اجمل القمصان.
صحيح ان الهند تحيطها من كل الجهات تقريبا ويعيش الفساد في بعض مفاصل الدولة.. ولكنها تصدّر اجمل القمصان.
دولة خرجت من كهف الفقر مؤخرا وآلت على نفسها ان تواكب العالم المتحضر لأنها تنتج اجمل القمصان وتصدرها الى ارقى الدول.
حذارى ان تسيئوا فهمي وتقارنوا العوراق العظيم مع بنغلاديش.
فالعراق بلد “الحضارات” ومهد “الثقافات” ومنبع الحريات ولكن للاسف لاينتجون القمصان الجميلة.
قد تجد في سوق “البالة” في الباب الشرقي اجمل القمصان ولكنها ليست صناعة عراقية.
صناعتنا العراقية معروفة ولا سبيل الى اخفائها.
عندنا البترول”بح”
عندنا الكبريت”بح”
عندنا المياه الحلوة”بح”
عندنا مصايف ولا مصايف سويسرا ولكن “بح”.
عندنا الاهوار التي تغار منها “البندقية” ولكن تقع ضمن قائمة “بح”.
ماذا بقي لدينا بعد ذلك؟.
اوه ، لدينا العنتريات وحوار “القنادر” في البرطمان.
لدينا حكومة يعجز حتى ابن خلدون في معرفة سياستها.
لدينا اصحاب الكروش الذين جاءوا من المهجر وهم يتمنون “باكلة بالدهن” وجاءهم الفيض من حيث يدرون.
عندنا كل هذا ولكننا لانصنع القمصان.
فاصل مرعب: انها كارثة حقيقية ان يضم مجلس البرطمان 15 عضوا يتعاونون مع القاعدة وبعضهم صدر بحقه امر قضائي بالقبض بعد ثبوت الادلة القطعية ولكنه لم ينفذ.
صدك فالتوه.تواصل مع محمد الرديني فيسبوك