آلام واحدة وردود أفعال مختلفة قد تصيب الانسان بالاحباط

libertycamp2حدثان مؤلمان وتعاملان مختلفان
آلام واحدة وردود أفعال مختلفة قد تصيب الانسان بالاحباط
*حسن محمودي
يعتبر خطف الابرياء وقطع رؤوسهم ارهابا وعملا وحشيا جبانا أينما كان وفي أي بلد كان لانه ليس الا عملا ارهابيا عدوانيا ضد الانسانية ولا يمت بصلة لأي قيم أو أخلاق أو أعراف. و وقد شاهدها العالم هذه الجرائم عبر وسائل الاعلام ثم انتفض لها وأقام الدنيا ولم يقعدها.، ولكنه من المؤسف أن ترى تفاوتا في مواقف هذا العالم ذاته من مكان لآخر كأنهم يعيدون الى أذهانك قول (قتل امرئ آمن قضية فيها نظر وقتل وحش ضاري في غابة جرم لا يغتفر) ففي مكان من عالم اليوم نفس العالم الرافض للارهاب المحارب له وفي نفس الزمان والمحيط هناك محنة أخرى يعاني منها مرضى مصابون بامراض مستعصية بما في ذلك السرطان أو ورم في المخ وكذلك عملية وفاة 21 من سكان مخيم ليبرتي بطريقة الموت البطيء من خلال فرض حصار طبي جائر عليهم.، ويعتبر هذا الحصار الطبي المنهجي ايضا جريمة مخجلة تدمي قلوب البشرية ذي الضمائر الحية حيث ان النية من الحصار هي القتل والتنكيل لاسباب سياسية تتعلق بدولة أخرى.، ويبدو أن هناك فرقا بين هذا وذاك مما يثير تساؤلك هل يصحو ويغفو الضمير البشري وفق إرادة موجهة وقد يكون كذلك .. بحيث لم يشاهد ولم يسمع احد عن ذلك وفي الحقيقة يجب القول بانهم لم يسمحوا بسماع ذلك ورؤيته وتم التعتيم عليه.
إنه مخيم ليبرتي الواقع بالقرب من مطار بغداد الدولي. فهل سمعتم دوي اصوات المرضى المصابين بالسرطان والامراض المستعصية أو المصاب بورم في المخ في هذا المخيم؟ ويسمع هؤلاء المرضى يوميا دوي اصوات الطائرات العملاقة التي تحلق فوق سماء هذا المخيم ويسألون أنفسهم هل يعرفون ماذا يجري في هذا المخيم تحت أجنحة هذه الطائرات وهل يشعرون بذرة من الظلم الذي يعصف بنا وهل يعلمون؟
أكّد أمين عام المنظمة الدولية لحقوق الإنسان وسفير المفوضية في الشرق الأوسط هيثم ابو سعيد أنه ‘تلقّى شكاوى كبيرة من مخيم ليبرتي الواقع قرب بغداد، وأن الوضع الإنساني غير لائق ولا يتمتّع بأدنى المقومات الحياتية اللائقة هناك والتي كفلتها الشرعية الدولية وتبنتّها الحكومة العراقية’.
وأشار أمين عام المنظمة الدولية لحقوق الانسان في بيان الى أنّ ‘المفوضية الدولية تحذّر من إستمرار إنتهاك تلك الحقوق التي يعاني منها سكان المخيم لغرض تعذيبهم واهانتهم والقتل والتنكيل بهم ومنع وصول الدواء للتداوي هو أمرٌ مرفوض كلياً كما أشار إلى أن التعامل مع مواطنين المخيم بمكيال مختلف على اساس عرقي وديني وطائفي وحزبي وجغرافي وعشائري أيضاً مرفوض ونذكّر أن هؤلاء الأفراد هم محميون بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، سيما وأنه تم التيقن منهم وتفتيشهم بشكل دقيق من قبل السلطات وبعض الجهات الدولية في مواقعهم وتمّ الاعتراف بهم فردا فردا من قبل قوات التحالف الدولي والامم المتحدة كافراد تحت الحماية الدولية وفقا للاتفاقية الدولية اتفاقية ( جنيف الرابعة) وعلى الحكومة العراقية أن تتعامل معهم بناءً على تلك المقاييس كلاجئين معترف بهم تحت مظلة المفوضية السامية’.
واتصلت بالدكتور محمد الذي يفحص المرضى في المخيم بشكل دوري حيث قال:
« شاهدنا حاليا في هذا المخيم ان الحصار الجائر أخذ ابعادا جديدة ويضيق الخناق على السكان يوما بعد آخر بحيث يجب ان ننتظر عواقبه الخطيرة. انني ومن باب قـَسمي كطبيب أرى أنه من واجبي ان أحيطكم علما بالظروف المزرية التي فرضتها القوات العراقية التي تعمل بأوامر ايرانية على المخيم بحيث انهم يتدخلون في جميع شؤون السكان العلاجية ويمنعون نقل السكان الى مستشفيات بغداد بذرائع مختلفة. انهم يضعون كل يوم مضايقات وقيود جديدة. و مع الأسف بالرغم من الكم الهائل من الرسائل والاتصالات وحتى اللقاءات المباشرة مع مراقبي اليونامي في مخيم ليبرتي فانهم لم يفعلوا شيئا ملموسا حتى الآن».
توفي محمد بابايي احد سكان ليبرتي بتاريخ 28 نيسان/ ابريل 2014 بسبب منع قوات الامن العراقية نقله الى بغداد لمعالجته من مرض في القلب، كما توفي تقي عباسيان في 18 ايلول/ سبتمبر 2014 بسبب وضع العراقيل من قبل القوات العراقية وذلك بعد تحمله لآلام ومعاناة كبيرة.
اتصلت بعدد من المرضى وقالت احدى المريضات واسمها «سمانه ع»: بعد فترة من الانتظار والمتابعة أخيرا أخذت موعدا مع الطبيب الا ان قوات الاستخبارات المتمركزة في مدخل المخيم عرقلت خروج سيارة الاسعاف من المخيم بذرائع مختلفة وقد وصلت الى عيادة الطبيب متأخرة جدا ولم أتمكن من اكمال عملية علاجي واليوم و بعد مرور 7 أشهر مازلت لم أتمكن من الذهاب الى الطبيب مجددا وقد ساءت كثيرا حالتي المرضية.
احد المرضى الاخرين اسمه «احمد ط» يقول تعرضت منذ آذار/ مارس 2014 لصداع شديد نتيجة الضرب الذي تعرضت له خلال الهجوم الإرهابي على مخيم اشرف وحينها تم نقلي بعد مرور 22 يوم الى بغداد ولكن بسبب العراقيل التي وضعتها قوات الاستخبارات المتمركزة في سيطرة مدخل المخيم وبذرائع مختلفة تأخرنا في الوصول الى المستشفى واعتذروا عن استقبالنا بحجة إنتهاء الدوام. الا ان وبسبب اصراري قام الطبيب بعيادتي وقال لي ان الصداع الذي تعاني منه بسبب اصابتك بنوبة في المخ وانتم تتأخرون في المراجعة للعلاج .، وبعد اسبوعين اصبت بنوبة ثانية وعند مراجعتي المستوصف الداخلي للمخيم بشكل طاريء وهو مستوصف يفتقر الى ابسط المستلزمات الطبية، كان الطبيب يائساً جدا، الا انه ورغم كل هذه المعاناة وحالتي السيئة تلك لم و لن استسلم أبدا مع أنني أواجه جدران الصمتت واللامبالاة والخذلان.
تتطلب هذه المعاناة التي اوردنا جزءا يسيرا منها شيئا من العدل و اتخاذ خطوات انسانية عاجلة من قبل المؤسسات الدولية خاصة الأمم المتحدة وكذلك اهتمام والتفات من قبل وسائل الاعلام لايصال صوتنا وآلامنا الى مسامع العالم لوضع حد لهذا الحصار الطبي والسماح للمرضى بالحصول الحر على الخدمات الطبية ومراجعة الاطباء بكرامة ويسر وهذا بمثابة الحد الادنى لاحد حقوق الانسان.
*كاتب ايراني

About حسن محمودي

منظمة مجاهدي خلق الايرانية, ناشط و معارض ايراني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.