سمير عطا الله :الشرق الاوسط
يردد سيرغي لافروف منذ بداية الاستفحال في القضية السورية أن للشعب السوري وحده أن يقرر مسألة ذهاب أو بقاء الرئيس بشار الأسد. وهذا كلامُ حق دون جدال.. لكن على وزير خارجية الإمبراطورية الروسية أن يشرح للعالم؛ أين هو الشعب السوري اليوم، وبأي طريقة يمكن أن يقول رأيه وبأي استقلالية وفي أي صناديق اقتراع.
لم يعد للدولة وجود في سوريا؛ فهي ممزقة بين جيشين يخوضان الحرب في طول البلاد وعرضها، ولم يعد الإنسان يأمن الوقوف أمام فرن، وهناك مليونا سوري تركوا البلد إما إلى الخيام أو إلى الخارج، ومجلس الشعب الأخير انتخب في ظروف ساخرة، فكيف يمكن الوقوف على رأي الشعب السوري؟
إن الوزير الروسي المكفهر أبدا (وليس هناك ما يدعو إلى انفراج للوجوه) يخدع الأمم والعرب.. هو في مأزق؛ مثله مثل النظام، ولذلك تتحدث موسكو بضع لغات مختلفة في اليوم الواحد.. لقد قطعت وعودا لبشار الأسد غير قادرة على الإيفاء بأي منها. كما أساءت تقدير الموقف عام 1967، أساءت قراءة الوضع السوري والعربي والإسلامي، ودفعت حليفها الأخير إلى هذا الحريق.
ماذا تستطيع روسيا أن تحقق للأسد بالقاعدة العسكرية أو من دونها؟ هي تعرف من تجربة أفغانستان أن قاذفات القنابل لا تحسم شيئا على الأرض في مثل هذه الحروب، وتعرف أن أقوى قوة ضاربة لم تحقق نصرا واحدا في فيتنام، وتعرف أنها ورطت وتورطت.
أبسط عقل سياسي كان يعرف في مارس (آذار) 2011 أن الحل بالقوة لن ينجح في سوريا وأن القمع انتهى زمنه ومفعوله. تأخر الأستاذ فاروق الشرع (أو لم يصغ له) لكي يصل إلى هذا الاستنتاج. الحل كان في الإصلاح السريع لا في الشروحات الطويلة. كان في إمكان الروس أن يفيدوا بشار الأسد من تجربتهم، وكان في إمكان الصينيين أن يساعدوه برسم خريطة طريق للخروج من ثقافة أوائل القرن الماضي واقتصاد الفشل واختيار هوغو شافيز حليفا وحيدا في هذا العالم.
القوة حل في الحروب الخارجية. في الحروب الداخلية لا تقوى الـ«ميغ» إلا على الأفران.. وفي طوابيرها يقول الناس رأيهم في السيد لافروف، لا حاجة لاستفتاء.