المحامي ادوار حشوة : المعارضة والثورة !

( دراسة نقدية )

المعارضة والثورة مفهومان انتشرافي الساحة السورية .

١- في سورية قبل الثورة كانت المعارضة سياسية من شخصيات وأحزاب لم تتجاوز مطالبها اكثر من رفع الأحكام العرفية واطلاق سراح معتقلي الراي والغاء نظام الحزب الواحد ولم يقربوا في اَي بيان الجيش العقائدي !

كان النشاط السياسي عبارة عن توزيع منشورات واجتماعات سرية وكانت التظاهرات نادرة جدا وتعرض السياسيون للقمع والاعتقال وأكثر ما كان يحدث نوع من الاٍرهاب بدعوة المعارضين للاجهزة لساعات وتهديدهم .

٢- كان للمعارضة السياسية تنظيم هو ( التجمع الوطني الديمقراطي ) يضم حزب الاتحاد الاشتراكي الناصري بقيادة جمال الاتاسي وحركة الاشتراكيين العرب بقيادة عبد الغني عياش والحزب الشيوعي بقيادة رياض الترك وشخصيات سياسية مستقلة اغلبها صار في اعلان دمشق .

كانت معارضةًخجولة يسكنها الخوف ولا بنجدها الناس الخاىفين أصلا بأكثر من الابتسامات !

٣- ما جرى في عام ٢٠١١ لم يكن سوى ثورة فاجأت المجتمع والمعارضة السياسية وكان يقودها شباب دون الثلاثين وأقل وقد وفر لهم نظام الاتصالات الامتداد من بلد الى اخر ومن الارياف الى المدن.

الثورة لم يخطط لها السياسيون وكانت في أهدافها متواضعة ولكن كانت بحجم الوطن .
(سورية بدا حرية وبدا إسقاط النظام )
.(الشعب السوري واحد واحد) .
لم تكن طاىفية ولا دينية ولم تقربهما لا في مكوناتها ولا في شعاراتها .
في حمص كان لهم جريدة اسمها سورية بداحرية ومن يتولى طبعها على الآلة الكاتبة ناشطة علوية من حي الزهراء ومعها شاب من ال الزعبي .! لا مشروع سياسي ولا اسماء قيادين فقط حلت التنسيقات الشبابية محل الأحزاب
ومحل اَي قيادة شخصية .

تجاوزت الثورة المعارضة السياسية وصمتها خلال خمسين عاما ومارست حق الصراخ الجماعي ! لم تكن مسلحة ولا فكرت بالسلاح ولا اعتدت على مرفق عام او خاص وكانت نقيةًكماء السماء . ولأول مرة زحفت الارياف الى المدن تتظاهر في كميات تعجز عن الوصف, فعبرت عن وحدة الارياف مع المدن فكانت تظاهرة حماة الكبرى مثلا أكثريتها من الريف .

٤- اول محاولة لاصطياد قيادة الثورة كانت من الخارج حيث توافق الاخوان المسلمون مع حزب رياض الترك وشكلوا على عجل مجلسا وطنيا ادعى تمثيل الثورة ولم يكن ذلك صحيحا على الارض .
. وجاءوا ببرهان غليون الاستاذ الجامعي المعتدل واجهة سرعان ما تحرر منهما وغادر !

المحاولة الثانية جاءت من النظام الذي من اجل نزع الشرعية عن المجلس الوطني في ادعاء تمثيل المعارضة ادعى ان المعارضة موجودة في الداخل وهي التجمع الديمقراطي الذي بعد وفاة جمال الاتاسي وانسحاب رياض الترك ووفاة عبد الغني عياش واعتقال النظام لعبد العزيز الخير ورجاء الناصر واياس عياش الأكثر عنادا وصدقا آلت القيادة الى حسن عبد العظيم المحامي من دوما وقد سمح النظام له بهامش محدود متفق عليه مع عبد العظيم تمكن من خلاله عقد مؤتمر في ريف دمشق فتشكلت هيىة التنسيق من احزاب متعددة ادعت تمثيل معارضة الداخل وروج لهذه المقولة النظام ليدعي ان معارضة الخارج من صنع الدول !

كلا المذكورين للمعارضة السياسية في الداخل والخارج (لا يمثلان الجيل العظيم من الشباب الذين خرجوا بالثورة من اعماق الظلم المقيم بل كلاهما حاول ان يسلب شبابها مشروعية التمثيل مستفيدا من ضعف تجربتهم السياسية .)

٥- النظام في الداخل ركز عبر الحل الامني والقمع العسكري المسلح على شباب التظاهرات وتنسيقياتهم على امتداد الوطن
وحصد بالرصاص جموعهم واعتقلهم وعذبهم وقتلهم في سجونه في ابشع عملية ارهاب سلطوي في التاريخ ولم يقرب السياسين التقليدين وفِي مرحلة لاحقة لم يقرب داعش .!

٦-في الخارج لم يكن لشباب التظاهرات اَي ممثل او وجود في المجلس الوطني ثم في الاىتلاف لان الخارج مع تدخل الدول  صطنع للثورة قيادات أكثرها لم يكن معارضا وما هي الا طبقة اغتصبت حق شباب الثورة وباعت أهدافها للخارج !

٧-بعد ان استخدم النظام السلاح ضد الشعب شرطة ومخابرات وجيش ذهبت اقلية من المتظاهرين الى التماس السلاح الدفاعي
ومن هذا الباب دخلت دول إقليمية على الخط ودفعت بالسلاح والمال الى الداخل بحجة نجدة الثورة ثم المتطرفون الدينيون
استوردوا من الخارج مقاتلين من الاخوان المسلمين ومن القاعدة وتولى هذا التجمع الديني السيطرة وقتل مثل النظام شباب الثورة الذين لم يحملوا السلاح وتوافق هولاء مع النظام في تحويل الصراع الأساس من السياسة الى الدين.

النظام حقق عبر الطاىفية تماسك جيشه حول قيادته والاخوان والقاعدة حولوا شعارات الثورة في الحرية الى أهداف إقامة دولة دينية على نسق ما كان في بداية الاسلام وطارت الثورة الشبابية العظيمة !

٨- اما الضباط الذين انشقوا عن النظام كانوا على نوعين الاول انشق ولم يحمل السلاح لانه رفض الحل الامني واستخدام الجيش لقتل الشعب وكان في هدا النوع الاول ضباط علويون وسنة ومسيحيون .

النوع الثاني حمل السلاح وقاتل في بعض المناطق ولكن التيارات الدينية القادمة واموالها تكفلت في إقصاء الضباط وقتل أكثرهم وصار العمل المسلح مرهونا للقاعدة وداعش وبعض الدول الإقليمية .

٩-من اخطاء المعارضة المسلحة الكارثية انها اتجهت الى تحرير الارض مدعية النصر في ظرف افتقدت فيه الطيران والتوازن في نوعية السلاح فصارت المدن والقرى التي سيطروا عليها مع عدم قدرتهم على حمايتها هي السبب في تدميرها وتهجير سكانها.

في مثل هذا الوضع فان حرب العصابات لا تحرير المناطق التي لا يمكن حمايتها من الغارات والمدفعية والصواريخ هي طريقة
الحرب في الثورات حين تحتكم للسلاح بالأضافة الى ذلك توزع المسلحين الى ٤٠٠ فصيل يفتقدون القيادة الموحدة ويتوزعون على دول ومنظمات .!

١٠- المعارضة السياسية على اختلاف أنواعها لم تعد تمثل الوجه المشرق لثورة البدايات واعتقد ان الضباط الذين رفضوا سياسة النظام وانشقوا عنه ولم يشاركوا في الحرب ورفضوا عسكرة الثورةاصلا هم الاقرب الى روح وشعارات شباب البدايات.

ومهما اوغل الاستبداد في وحشيته ومهما استعان بالخارج هو مثل الذين في المعارضة المسلحة استعانوا بالخارج دولا ومنظمات وقادمين من مجاهل التاريخ وتسببوا كلهم في خراب البلد وكلاهما في موقع المسؤولية مع الفارق ان وحشية النظام لا يمكن ان يشبهها نظام في التاريخ المعاصر !
وهذا هو السوال
١٣-٧-٢٠١٨

About ادوار حشوة

مفكر ومحامي سوري
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.