وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن
هذا المقال ماخوذ من كتاب (المتعة الزواج المؤقت عند الشيعة – حالة ايران 1978 – 1982 ) تاليف الباحثة الانثروبولوجية د . شهلا حائري وهي حفيدة اية الله الحائري والحائزة على شهادة الدكتورا ه في الانثروبولوجيا الثقافية من جامعة كاليفورنيا .وهي دراسة من موقع محايد كما تصفها الباحثة شهلا .
ماهو زواج المتعة في الاسلام الشيعي في ايران ؟
ماهي جذوره في العمق التاريخي لايران ؟
ماهو الفرق بينه وبين الزواج الدائمي ؟
ماهو زواج المتعة غير الجنسية ؟
ماهي متعة الحج ؟
ماهي متعة النذر ؟
ماهو زواج المتعة الجماعية ؟
هذه المواضيع وغيرها سنتناولها بالتفصيل في مقالات قادمة وحسب ظروف كاتب المقال .
يعرف الفقه الشيعي الزواج بانه عقد مقايضة , يتضمن نوعا من الملكية ,وهذا يعني انه في مقابل موافقة المراة على منح الرجل حق الاتصال الجنسي ,يحق لها الحصول على كمية محددة من المال او من المقتنيات الثمينة .
( المتعة ) هي عادة سابقة للاسلام في شبه الجزيرة العربية .تعتبر شرعية لدى الشيعة الاثني عشرية الذين يعيش اغلبهم في ايران . وقد حظر عمر بن الخطاب في القرن السابع ميلادية عادة المتعة , كما كانت تسمى انذاك .لكن الشيعة يعتبرون قراره غير ملزم .
وفي القرن التاسع اباح الخليفة العباسي المامون ( المتعة ) , لكنه اضطر الى التراجع والى اعادة تحريمه بسبب شراسة المعارضة التي لقيها من جانب السنة .
في ايران ارتبطت ظاهرة المتعة كونها ظاهرة مدينية , وقد ارتبطت تاريخيا بالحج والتجارة مع الاقطار البعيدة . وتتم ممارستها في اطار محيط المقامات الدينية .
الزواج المؤقت كما يسمى حاليا هو عقد بين رجل وامراة غير متزوجة , سواء اكانت عذراء ام ارملة ام مطلقة . يتم تحديد مدته وكمية المال التي ستحصل عليها الزوجة . ولا يتطلب عقد المتعة وجود شهود .كما ان تسجيله ليس مطلوبا . يحق للرجل الشيعي ان يعقد زواج المتعة على من يشاء من النساءاضافة الى حقه في عقد زواج دائم على اربع نساء في ان واحد .
سئل الامام جعفر الصادق هل تعتبر زوجة المتعة احدى الزوجات الاربع ؟ فكان جوابه : ( تزوجوا منهن الفا , لانهن اجيرات ) .
يحق للمسلمة الشيعية عذراء كانت ام مطلقة ان تعقد زواج متعة على رجل واحد في كل مرة ترغب بذلك ,شرط ان تمتنع بعد انقضاء العقد عن ممارسة الجنس لفترة محددة ( اشهر العدة ) .
يعتبر الابناء المولودين من جراء زيجات المتعة شرعيين ويتمتعون نظريا بنفس المكانة والحقوق التي يتمتع بها اخوتهم المولودين من جراء الزيجات الدائمة .وهنا تكمن فرادة زواج المتعة وتميزه على الصعيد الفكري عن (الدعارة ) على الرغم من التشابه الشديد بينهما .
زواج المتعة يتحدى الميل الشائع الى اعتبار التفرقة الجنسية معطى ثابت وخاص بالمجتمعات الاسلامية . وتتحدى محاولات تجميد الشريعة الاسلامية واعتبارها غير قابلة للتغيير او التطور . وهي تفسح المجال واسعا لمجموعة واسعة من التفاسير والتاويلات الحديثة .
يصنف الزواج بفرعيه الدائم والمؤقت على انه ( عقد ) . ان التعرف على النساء اللواتي يحتمل ان يوافقن على عقد زواج مؤقت او العكس يتطلب الكثير من البراعة من جانب النساء . والرجال . هناك تعدد للطرق التي تستعملها النساء في التعبير عن رغبتهن في عقد زواج متعة . فقد تقوم المراة بارتداء حجابها (التشادور ) مقلوبا للتعبير عن رغبتها وجاهزيتها . وقد تستعمل المراة حجاب الوجه ( البوشييه ) لايصال الرسالة نفسها والطريقة التي تتصرف بها النساء تعبر عن نواياهن . فالمراة التي تسير من دون هدف او التي تكثر من التطلع حولها تعطي اشارة حول رغبتها وجاهزيتها , وبطريقة قد تبدو متناقضة . يبدو انه بمقدار ماتغطي المراة نفسها وتتحجب , بمقدار ماتصبح نواياها اكثر شفافية . ومن الطبيعي ان يكون التعبير المباشر لهذه الرغبة موضع ترحيب .
في كتابه ( غرائب بلاد فارس ) يحاول دو لوري de lorey ان يربط زواج المتعة بعادات فارسية كانت سائدة قبل الاسلام . ويعتبر مؤسسة المتعة مؤسسة فارسية قديمة , وحسب الاسطورة فان رستم عقد اول زواج مؤقت مع ابنة الملك . وقد ولد لهما ابن اشتهر فيما بعد وهو ( زهراب ) .
يحق للزوج او رب العائلة عند الزرادشتيين اعطاء زوجته او ابنته من خلال اجراءات رسمية الى اي رجل من قومه يطلبها كزوجة مؤقتة لفترة محددة . وفي هذه الحالة تبقى المراة زوجة دائمة لزوجها الاصلي .وفي الوقت نفسه تصبح مؤقتة لرجلا اخر . واي طفل يولد خلال فترة الزواج المؤقت يعود الى الزوج الدائم , او لوالد المراة
الزواج كعقد
(التبادل كظاهرة عامة , هو منذ البداية تبادل شامل , يطال الغذاء والسلع المصنعة , وتلك الفئة الاثمن من بين سائر السلع , النساء …
لاينبغي ان نفاجا عندئذ بوجود النساء ضمن عمليات التبادل . صحيح انهن في الموقع الاسمى ,لكنهن في الوقت نفسه سلعة مثل سائر السلع المادية والروحية ) ليفي شتراوس – البنى الاولية للقرابة
المتعة كلمة عربية اعطيت لها المعاني التالية :
1- الشيء الذي يؤمن ارباحا ولكن لفترة قصيرة .
2 – الاستمتاع واللذة والاشباع .
3 – الانتفاع من شيء .
ولكلمة متعة نفس جذر كلمة ( متاع ) التي تعني البضاعة والسلعة .
يميز العرب قانونيا ولغويا بين النكاح اي الزواج وبين المتعة اي اللذة . ان الفقهاء الايرانيين المعاصرين يخلطون بين هذين المصطلحين اللغويين , ويطلقون عليهما اسم ( الزواج الدائم ) و ( الزواج المؤقت ) على التوالي .
البعد الاقتصادي
يعتبر الزواج الدائم عقد بيع كامل ونهائي , مثل شراء منزل .يتطلب هذا النوع من الزواج نفقات مالية كبيرة لدفع المهر وخصوصا في حالة الزواج من عذراء . او لتامين النفقات المالية اليومية للزوجة . فحين تكون ملكية السلعة المتبادلة كاملة , كما هو الحال في الزواج الدائم , تحظى عملية التبادل باحترام اجتماعي اكبر . في المقابل يشبه عقد الزواج المؤقت استئجار السيارة , فهو لايتطلب حصول عملية تبادل مالية ذات اهمية ولا يلقي على كاهل الزوجين بمسؤوليات شخصية واجتماعية او اخلاقية مهمة , ولايتعين على الرجل ان يدفع اكثر من تعويض مالي بسيط ,الا في حالة اتفاق الطرفين على شروط مالية معينة .وبما ان هدف الزواج المؤقت هواشباع الرغبة الجنسية وليس التناسل , وبما ان للزوج المؤقت حق الاستفادة من موضوع الايجار وليس امتلاكه . فمن النادر ان يعيش الزوجان في منزل مشترك . وهذا يؤدي الى اضعاف سلطة الرجل على زوجته المؤقتة على الصعيدين القانوني والعملي .
في عقود البيع يباع الشيء باكمله , واما في حالة عقد الزواج الدائم فان المراة ترافق موضوع البيع لانها تحمله معها , ولانه جزء لصيق منها . ومن وجهة نظر ايديولوجية يتم الخلط بين المراة وموضوع البيع , لذلك يفترض ان يكون من الطبيعي تشديد سيطرة الرجل عليها ..اما في حالة الزواج المؤقت فان المراة هي المؤجر وموضوع الايجار في ان معا . فهي التي تفاوض الرجل على شروط العقد . وهذا لايختلف عن اي عقد ايجار اخر .
وفي حالة الزواج المؤقت فان مايتم تبادله هو ( حق ) استعمال العضو الجنسي للمراة , وليس عملها , وهذا لايستتبع ضرورة خضوع المراة بشكل كامل لسلطة زوجها . لان التبادل ليس نهائيا .وتتمتع المراة قانونيا في اطار هذا الزواج باستقلالية اكبر وبسيطرة اكثر على نشاطاتها الخاصة . فالقيم المالية المقدمة مقابل السيطرة على العضو الجنسي للمراة ,تترجم القيم والمعاني الاجتماعية والثقافية التي يؤمنها كل نوع من انواع الزواج .
البعد الاجتماعي – الثقافي
ينظر الاسلام الشيعي الى الاعضاء التناسلية والجنسية للمراة على المستويين الواقعي والرمزي , على انها سلعة منفصلة عن شخصها , اي انها شيء يمكن تجريده وتجسيده ماديا في ان واحد . ثم التعامل على انه كيان قائم بذاته . وعلى الرغم من ان الايديولوجيا الذكورية تفصل النشاط الجنسي للمراة عن جسدها , فانها تعتبر ان النشاط الجنسي يختزل وجود المراة ويرمز اليه . وبذلك تتحول المراة من شخص الى شيء . والاسلام الشيعي اذ يدمج الرمز بما يمثل , ينظر الى النساء كاشياء مرغوبة يجب جمعها وتفريقها وعزلها وتحجيبها . اشياء ذات ثمن لاتقدر لتمكن الرجل من الاحساس بقوته ورجولته . ( راجع – الاستاذ وليد مهدي ( الكعبة الرمز والدلالة )وعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=349026
تبدو الثنائية النموذجية لدى ليفي شتراوس صالحة لاقامة مقارنة نظرية كاملة مع علاقة الرجل والمراة كما يحددها الفقه الشيعي .فالرجل يمثل القانون والنظام وهو حامل لواء الدفاع عن تقاليد المجتمع . في المقابل تمثل المراة ( الطبيعة ) , وبالتالي فهي لاتقاوم , ولايمكن الاستغناء عنها , وهي ايضا صاحبة نزوات قوية وتثير الخوف في نفوس الاخرين .هذه القوة الجنسية الانثوية تتغذى من القواعد الشرعية والمعتقدات الشعبية التي تحذر الرجال بشدة بل تمنعهم من النظر الى فروج زوجاتهم , لئلا تصاب ذريتهم بالعمى عند الولادة ( الحلي –شرائع الاسلام ) . وهي نفس فكرة تغطية الكعبة بالاستار (الاستاذ وليد مهدي –الكعبة الرمز والدلالة ) وعلى الرابط التالي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=349026
في الزواج المؤقت ونكاح الاماء لايتم التطرق الى النشاط الجنسي لدى المراة . وحتى عندما تمنح النساء بعض الحقوق مثل الحق في الجماع مرة على الاقل كل اربعة اشهر . فان ذلك لايعني اعترافا بالحاجات الجنسية للمراة , وانما للتمييز بين الاوجه الترفيهية والتناسلية للنشاط الجنسي
على المودة نلتقيكم …