مَنْ هذا ؟

مَنْ هذا ؟
زهير دعيم
ارتجّتِ المدينة !!
الكلّ يتساءل ويستفسر في تلك المدينة العتيقة الخالدة والتي مرَّ عليها الكثير من القادة والفاتحين ، ولكنها لم ترتجّ كما ترتجّ اليوم.
فماذا أصاب الاورشليميين؟ بل ماذا أصاب المدينة برمّتها  حتى راحت تتزلزل وتهتزّ وتتراكض .
من هذا؟!!
من هذا الذي يجذب اليه النفوس من كلّ الشرائح والاجناس والمشارب؟
من هذا الذي تفيض النعمة من عينيه ومن بين شفتيه ويديه وتُردّد الطبيعة عذب ألحانه؟!
من هذا الذي يتحدث بسلطان ؟
ويأتي الجواب من هناك..من الواقفين في مواكب الزمن : إنّه يسوع النبي الآتي من ناصرة الجليل…
حقًّا إنه النبيّ والحبيب والإله المُتجسّد والرفيق والطبيب والشَّبَع والارتواء والعريس وكلّ نسمة مُنعشة ، وغيمة حبلى بالمطر ،وخير منهمر فوق الرؤوس…
..إنّه ابن الانسان ، ابن السّماء ، أبن الله ومشتهى الامم وحلم البشرية ومجد السّماء.
وتقف الكلمات عاجزة ، خرساء ، فالمفردات في كلّ اللغات الحيّة تعجز عن إيفائه حقّه ..إنّه فوق الكلمات والأوصاف والتعابير والمفردات.
ارتجّت المدينة …وسيرتجّ العالم والفضاء قريبًا حين يأتي السيّد مع مواكب الملائكة ومحافل قدّيسيه على السّحاب.
ارتجّت المدينة وملأ التساؤل اذهان البشر ..من هذا ؟
ولكن هذا التساؤل سيزول ويذوب حينما يمتطي الربّ متن السحب آتيًا في مجدٍ عظيم ، فلن يتساءل وقتئذٍ أحد ، الكلّ سيعرفه وستركع كلّ الرُّكب عند أقدامه، وسترنّم الشفاه ؛ كلّ الشّفاه ترنيمة جديدة.
آهٍ ..نسيت أن أقول ان الشيطان سيرتجّ حينها وسيموت خوفًا..
من هذا؟
إنّه يسوع القارع على القلوب، الباسم أبدًا في جمالية ورقة وحنان ..إنّه المُخلّص الذي ما زال فاتحًا ذراعيه قائلا : تعالوا اليّ ..ادخلوا في مجدي ..أذهبُ وأعدّ لكم منازل ..لا تخافوا..ثقوا أنا هو ..أنتم أحبّائي .
هذا الرّاعي سيغلق الباب يومًا ، وقد يكون هذا اليوم الآن ، فاملأ سراجك زيتًا من الآن، وجهّز جواز سفرك مختومًا بالدم الكريم  وتهيّأ، فالانطلاق قد يكون الليلة ، الدقيقة التسعون قد تكون الليلة ، في “عزّ” كانون والبرد والعواصف ، فالربّ لا يخشى البرد والعاصفة والموج ..
تلفّع أخي بشال المحبّة وعانق الكلمة وذُب بها هوىً، وستدفأ حتمًا..نعم فالدفء فيها والطمأنينة في حناياها وهدأة البال في ربوعها، والقداسة على تلالها وروابيها.
ارتجّت المدينة ..
وسترتجّ الدنيا والسّماء قريبًا .
فرتّب اخي حقيبة سفرك ودعها تكون جاهزة ، فقد تكون السّفرة التي تتوق اليها النفوس في هذه الليلة ، وعندنا ستكون زيارتك ليست للتي ارتجّت وانما لاورشليم السمائيّة المُهلّلة والفَرِحة  القائلة : افتحوا الابواب ..افتحوا المصاريع ليدخل ربّ المجد.

About زهير دعيم

زهير دعيم زهير عزيز دعيم كاتب وشاعر ، ولد في عبلّين في 1954|224. انهى دراسته الثانويّة في المدرسة البلديّة "أ" في حيفا. يحمل اللقب الاول في التربية واللاهوت ، وحاصل على شهادة الماجستير الفخرية في الأدب العربي من الجامعة التطبيقيّة في ميونيخ الالمانيّة. عمل في سلك التدريس لأكثر من ثلاثة عقود ونصف . حاز على الجائزة الاولى للمسرحيات من المجلس الشعبيّ للآداب والفنون عن مسرحيته " الحطّاب الباسل " سنة 1987 . نشر وينشر القصص والمقالات الاجتماعية والرّوحيّة وقصص الأطفال في الكثير من الصحف المحليّة والعالمية والمواقع الالكترونية.عمل محرّرًا في الكثير من الصحف المحلّية.فازت معظم قصصه للاطفال بالمراكز الاولى في مسيرة الكتاب. صدر له : 1. نغم المحبّة – مجموعة خواطر وقصص – 1978 حيفا 2. كأس وقنديل – مجموعة قصصيّة –1989 حيفا 3. الجسر – مجموعة قصصيّة حيفا 1990 4. هدير الشلال الآتي – شعر 1992 5. الوجه الآخَر للقمر مجموعة قصصيّة 1994 6. موكب الزمن - شعر 2001 7. الحبّ أقوى – قصّة للأطفال 2002 ( مُترجمة للانجليزيّة ) 8. الحطاب الباسل- 2002 9. أمل على الطّريق -شعر الناصرة 2002 10. كيف نجا صوصو – قصة للأطفال (مُترجمة للانجليزيّة ) 11. العطاء أغبط من الأخذ –قصة للأطفال 2005 12. عيد الأمّ –للأطفال 2005 13. الخيار الأفضل – للشبيبة -2006 14. الظلم لن يدوم – للشبيبة 2006 15. الجار ولو جار – للأطفال 16. بابا نويل ومحمود الصّغير – للأطفال 2008 17. الرّاعي الصّالح –للأطفال 2008 18. يوم جديد – للأطفال 2008 19. الفستان الليلكيّ – للأطفال 2009 20. غفران وعاصي – للاطفال 2009 21. غندورة الطيّبة – للأطفال 2010
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.