1+3=4

محمد الرديني

لاندري لماذا حمل قانون الارهاب الرقم 4 .. ولاندري كذلك لماذا ابتعدت كلمة القانون عنه ليحل محله مصطلح (مادة 4 ارهاب).
اصحاب الزيتوني في النظام السابق شجعوا الناس البسطاء منهم والمعقدين على كتابة التقارير الاستخباراتية ضد كل من يشتبه به معترضا على قرارات السلطة او يبدي كرهه لها بالكلام او بالفعل.
هذه التقارير تكتب يوميا لقاء مبالغ مغرية واذا لم يتم الدفع فكلمة الشكر كافية مع الاحتفاظ بحظوة عند ذيول السلطة.
وحصل ما حصل فالابن يكتب التقارير عن ابيه او امه او اخيه حتى يصل الى سابع جار، والمدير العام لايجد وقتا لأدارة مؤسسته لأنه مستغرق في كتابة التقارير عن جميع موظفيه حتى ولو كان احدهم اعلى مرتبة حزبية منه.
وراحت بسبب هذه التقارير الملفقة كلها ارواح ابرياء لم يحصلوا لا على دفء الحياة الدنيوية ولا على مكان في جنة المعممين.
وجاءت سلطة جديدة الى العراق واستبشر الناس ولكنهم صعقوا بنوعين من “الزلم”،الاول من نزع الزيتوني ليطلق لحيته او سكسوكته ويروح زائرا بايفاد من الدولة الى العتبات المقدسة ويصلي جماعة هناك.
اما النوع الثاني فيضم نفس كتّاب التقارير السابقين ولكن هذه المرة يستعملون مادة 4 ارهاب.
وبات من السهل جدا ان تتعارك امرأة مع جارتها لتتصل بعد ذلك بالجهات المختصة في مكافحة الارهاب وتقول لهم : اشك ان ام كاظم،وهذا اسم جارتها، ارهابية.
ويصدق الضابط المسعول عن مكافحة الارهاب فيأتي مع فوجه ليلقي القبض عليها والى ان تثبت أم كاظم انها لاتعرف من الارهاب سوى اسمه يكون جلدها راح الى “الدباغ”.
اما اذا كان طالبا بالمرحلة الثانوية فانه مستعد بكتابة او مهاتفة جماعة رقم 4 ارهاب عن أي مدرس يتسبب في رسوبه.
اما اذا رفض احد الآباء شابا تقدم لخطبة ابنته فسينام ليلته الثانية ب”القلق”، بضم القاف الاولى وتسكين القاف الثانية.
وما ان تنتهي عركة بعض الشباب مع بعضهم حتى تجد ان خمسة او ستة منهم حملهم “زيل” الى ابو غريب.
هل تعتقدون ان هذا الكلام فيه مبالغة؟ من يعتقد ذلك عليه ان يثبت بالبرهان القاطع مايقول.
كتب لي احد ازملاء امس تعليقا قال فيه : صدام حولنا الى عبيد وامعات وزادوا عليه اصحاب الايادى التى يدعون انها متوضئة (متوضأة) قانون 4 ارهاب وما ادراك ما 4ارهاب اى انك تنتهى كانسان بوشاية مخبر سرى او خلاف مع مسؤول او شلة هذا المسؤول او جاء بك قدرك البائس بسيارتك او كنت ماشيا امام الالهة الجدد من اصحاب الفخامة والسيادة والمعالى واعتبروك مهددا لمركباتهم وسياراتهم المظللة وابواقها التى تحذرك وتدعوك للابتعاد عن الاباطرة الجدد القادمين من بلدان اللجوء ومن حول اتجاه بوصلته من الزيتونى الى الذقون والسبحة والمحابس واصبح كلامهم بدل قال القائد قال الله وقال الرسول والله والرسول براء منهم (انتهى التعليق).
وبما اني حائزعلى شهادة “شمّام” في الدورة الاخيرة مع الكلاب البوليسية فقد شممت رائحة الصدق كل الصدق فيما قاله هذا الفتى.
ماهو المانع في أن يتحول كتّاب التقارير السابقين الى مادة رقم 4؟.
ليس هناك أي مانع ابدا فذيل الكلب لا”ينعدل” ابدا.  تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.