وطني ..

أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف

 ولكنني أحب الرصيف أكثر

 …..

 أحب النظافة والاستحمام

 والعتبات الصقيلة وورق الجدران

 ولكني أحب الوحول أكثر.

 *****************

 فأنا أسهر كثيراً يا أبي‏

 أنا لا أنام‏

 حياتي سواد وعبوديّة وانتظار‏

 فأعطني طفولتي‏

 وضحكاتي القديمة على شجرة الكرز‏

 وصندلي المعلّق في عريشة العنب‏

 لأعطيك دموعي وحبيبتي وأشعاري

 *********

 المرأة هناك

 شعرها يطول كالعشب

 يزهر و يتجعّد

 يذوي و يصفرّ

 و يرخي بذوره على الكتفين

 و يسقط بين يديك كالدمع

 **** *****

 وطني

 …….

 على هذه الأرصفة الحنونة كأمي

 أضع يدي وأقسم بليالي الشتاء الطويلة

 سأنتزع علم بلادي عن ساريته

 وأخيط له أكماماً وأزراراً

 وأرتديه كالقميص

 إذا لم أعرف

 في أي خريف تسقط أسمالي

 وإنني مع أول عاصفة تهب على الوطن

 سأصعد أحد التلال

 القريبة من التاريخ

 وأقذف سيفي إلى قبضة طارق

 ورأسي إلى صدر الخنساء

 وقلمي إلى أصابع المتنبي

 وأجلس عارياً كالشجرة في الشتاء

 حتى أعرف متى تنبت لنا 

أهداب جديدة، ودموع جديدة

 في الربيع؟

 وطني أيها الذئب الملوي كالشجرة إلى الوراء

 إليك هذه “الصور الفوتوغرافية”

 ………..

 لماذا تنكيس الأعلام العربية فوق الدوائر الرسمية ،

 و السفارات ، و القنصليات في الخارج ، عند كل مصاب ؟

 إنها دائما منكسة !

 **** ****

 اتفقوا على توحيد الله و تقسيم الأوطان

 ********

مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير

 أناشدك الله يا أبي:

 دع جمع الحطب والمعلومات عني

 وتعال لملم حطامي من الشوارع

 قبل أن تطمرني الريح

 أو يبعثرني الكنّاسون

 هذا القلم سيقودني إلى حتفي

 لم يترك سجناً إلا وقادني إليه

 ولا رصيفاً إلا ومرغني عليه

‎محمد الماغوط (مفكر حر )؟‎

About محمد الماغوط

محمد أحمد عيسى الماغوط (1934- 3 أبريل 2006) شاعر وأديب سوري، ولد في سلمية بمحافظة حماة عام 1934. تلقى تعليمه في سلمية ودمشق وكان فقره سبباً في تركه المدرسة في سن مبكرة، كانت سلمية ودمشق وبيروت المحطات الأساسية في حياة الماغوط وإبداعه، وعمل في الصحافة حيث كان من المؤسسين لجريدة تشرين كما عمل الماغوط رئيساً لتحرير مجلة الشرطة، احترف الفن السياسي وألف العديد من المسرحيات الناقدة التي لعبت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي في الوطن العربي، كما كتب الرواية والشعر وامتاز في القصيدة النثرية وله دواوين عديدة. توفي في دمشق في 3 أبريل 2006.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.