وزير للقبض والإسهال

محمد الرديني

لدينا في العراق اخبار جديدة كل يوم… انها تثلج الصدر.. وتزيل الغصات وتحول كل الآم اللطم والنواح والبكاء على الماضي التليد ( شنو تليد؟؟) الى فرحة زفاف يمكن ان يطلق على حاضريها النار من شرطة الفلوجة.
اخر النكات التي سمعها وزير التربية والتعليم العراقي قبل ساعات قليلة ان أجداد العراقيين هم اول من اكتشفوا الكتابة.. ضحك طويلا حتى انه أراد ان يتعلم اللغة المسمارية بعد ان أوعز لمدير مكتبه لشراء مسمار 5 انج هيفاء القوام ( يعني رفيع).
وحتى يثبت صاحبنا انه ( اخو خيته) صرح احد المقربين منه امس ان هناك ٦ ملايين أمي في العراق وهو دليل قوي على ان التاريخ كذاب وابن ستين كذاب.
اقسم لكم أني سأسجل اسمي (كنصير) في حزب الدعوة او مؤيد في التيار الصدري او موزع شاي في حزب الفضيلة ولكن هذا لا يعني أني افكر بالانضمام الى جماعة الصرخي فليس من عادتي استعمال العبوات البلاستيكية بدلا من الحوار.
لماذا اريد ذلك؟
حالما يقول لي وزير التربية والتعليم انه اما بنى مدرسة واحدة او زار مدرسة واحدة او استمع الى ضيم مدير مدرسة واحدة.
من ضمن اسئلة البكالوريا:
كم عدد المتسربين من الكلاب سنويا؟
كم الشحاذين من الطلاب في محافظات القطر العراقي؟.
كم نسبة الرسوب في امتحانات المرحلة الابتدائية؟.
كم عدد خريجي المرحلة الثانوية الذين يذرعون الشوارع جيئة وذهابا؟.
كم عدد اليتامى المحرومون من التعليم؟.
كم عدد الفلاحين الذين تعصرهم الأمية بحيث ظلوا في مكانهم منذ اكثر من نصف قرن؟.
كم…؟ هذا السؤال ترك.
ستقول ان هذا العدد لا تتحمله وزارة التربية الحالية ولسنا مسؤولون عنه بل انه من أخطاء السلطات السابقة.
هذا صحيح تماماً سيدي الوزير ولكن نسيت نقطة في غاية الأهمية بل ومن الخطورة بمكان …صحيح ان الأنظمة السابقة لم تول هذا الامر الاهتمام فقد كانت السلطات مشغولة بتثبيت أركان حكمها ولكن الامر لم يكن كذلك بالنسبة لكم فانتم جئتم عن طريق الانتخابات ثم ان السلطة الان بزعامة حزب الدعوة وهو اكبر قوة شيعية تخّرج منه مئات الفقهاء والشعراء والفنانين وقائدي الثورات والانتفاضات ولهذا كان من جل اهتمامات هذا الحزب نشر التعليم وإنارة العقول .
هل تريدني ان أزيد رغم أني لا احب ذلك ولكن لاباس من السؤال وهو،اقسم لك انه ليس استفزازيا،هل حسبت كم يكلف منصبك ميزانية الدولة (الراتب والمخصصات والأسفار ورجال الحماية والتأثيث السنوي للسكن ومخصصات الخادمة او الخادم مع مخصصات الايفادات الاخرى ,..وغيرها ؟
لا ادري كم يصل الرقم ولكنه يقترب من نصف المليون دولار شهريا وهو رقم ليس متواضعا لوزير تربوي لا يفعل شيئا سوى استلام الراتب اخر الشهر.
لاتحرض عليّ مدير العلاقات العامة في وزارتك لانه سيردح بل ويلطم غير كاظم غرضه رافعا عقيرته ليسطرنا بأغاني الانجازات التي حققتها الوزارة خلال هذه السنوات .
نعم فلدى صاحبنا سلة مليئه بالتهم الجاهزة ولكنه يشعر بالألم لانه سلته خالية من المادة ٤ إرهاب .
ليقل لي صاحبنا هل زار احدى مدارس الطين في بلد يطفو على الذهب الاسود وهل يعرف كم مدرسة يحتاج ريف العراق فقط؟. وهل اقنع وزيره بعدم لجوء المدرسين الى تعليم الصلاة للطلاب على مذهب واحد لاغير وفرضها فرضا عليهم.
وهل تريدون من العراقيين ان يكونوا نسخة واحدة فقط بحيث اذا خاطبتم احدهم كأنكم تخاطبون
كل الشعب العراقي؟.
ولاني بطران وقد اصل الى مرحلة غبية منه فاني اسأل دائماً وبشكل غبي أيضاً… كيف يمكن لمسؤول يتقاضى هذا الراتب وعليه مسؤولية تربية أجيال ومحو أمية رجال ونساء .. اقول كيف يمكن له ان ينام الليل او كيف يتجرا ويذهب للصلاة في يوم الجمعة ويستمع قبلها الى امام الجامع وهو يخطب بالقوم داعيا لهم باتباع سنة الرسول وخلفائه الراشدين؟.
فاصل غير اخلاقي : كشف مؤخراً عن صفقة تم الاتفاق عليها في فينا حول طبع الهويات العراقية (الجنسية وشهادة الجنسية) والتي طالت المصادقة عليها لسنين عدة والبالغة قيمتها (400) مليون دولار .
حيث تم الاتفاق عليها في فينا وبحضور ومشاركة بعض العناصر البعثية ، والمثير للأستغراب من موافقة رئيس الوزراء وصادق عليها حيث تم تحويل المبلغ في 17/6 ، مطالبا بايقاف هذه السرقة واتخاذ الاجراءات اللازمة لاعادة المبالغ الكبيرة التي هي من خزينة الدولة والشعب(المصدر وكالة انباء براثا التي ارفقت الاسماء الصريحة للمشتركين في هذه العملية) .

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.