وأمطرت لؤلؤًا

يزيد بن معاوية

نالت على يدها مالم تنله يدي … نقشاً على معصمٍ أوهت به جلدي

كأنهُ طُرْقُ نملٍ في أناملها …     أو روضةٌ رصعتها السُحْبُ بالبردِ

وقوسُ حاجبها مِنْ كُلِّ ناحيةٍ … وَنَبْلُ مُقْلَتِها ترمي به كبدي

مدتْ مَوَاشِطها في كفها شَرَكاً  … تَصِيدُ قلبي بها مِنْ داخل الجسد

إنسيةٌ لو رأتها الشمسُ ما طلعتْ … من بعدِ رُؤيَتها يوماً على أحدِ

سَألْتُها الوصل قالتْ :لا تَغُرَّ بِنا … من رام مِنا وِصالاً مَاتَ  بِالكمدِ

فَكَم قَتِيلٍ لَنا بالحبِ ماتَ جَوَىً … من الغرامِ ، ولم يُبْدِئ  ولم يعدِ

فقلتُ : استغفرُ الرحمنَ مِنْ زَلَلٍ … إن المحبَّ قليل الصبر  والجلدِ

قد خَلفتني طرِيحاً وهي قائلةٌ … تَأملوا كيف فِعْلُ الظبيِ بالأسدِ

قالتْ:لطيف خيالٍ زارني ومضى … بالله صِفهُ ولا تنقص ولا تَزِدِ

فقال:خَلَّفتُهُ لو مات مِنْ ظمَأٍ … وقلتُ :قف عن ورود الماء لم يرِدِ

قالتْ:صَدَقْتَ الوفا في الحبِّ شِيمتُهُ … يا بَردَ ذاكَ الذي قالتْ على كبدي

واسترجعتْ سألتْ عَني ، فقيل لها … ما فيه من رمقٍ .. و دقتْ يداً  بِيَدِ

وأمطرتْ لُؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ  … ورداً ، وعضتْ على العِنابِ بِالبردِ

وأنشدتْ بِلِسان الحالِ قائلةً … مِنْ غيرِ كُرْهٍ ولا مَطْلٍ ولا  مددِ

واللهِ ما حزنتْ أختٌ لِفقدِ أخٍ … حُزني عليه ولا أمٌ على ولدِ

إن يحسدوني على موتي ، فَوَا أسفي …  حتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ

يزيد بن معاوية القرشي: مفكر حر

About يزيد بن معاوية القرشي

يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي (25 - 64 هـ الموافق 645 - 683 م)، ولد بالماطرون، ونشأ في دمشق. هو ابن الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان، وفي الترتيب الزمني للخلافة يعتبر سادس خلفاء المسلمين وثاني خلفاء بني أمية، وقد حكم لمدة اربع سنوات كانت من أكثر الفترات تأثيراً في التاريخ الإسلامي. ولي الخلافة بعد تنازل أبوه له للخلافة على سنة تنازل الحسن بن علي لمعاوية سنة 60 هـ. . وفي أيام يزيد كانت فاجعة الشهيد (الحسين بن علي) إذ قتله رجاله في كربلاء سنة 61هـ. وخلع أهل المدينة طاعته سنة (63 هـ) فأرسل إليهم مسلم بن عقبة المري وأمره أن يستبيحها ثلاثة أيام وأن يبايع أهلها على أنهم خول وعبيد ليزيد، ففعل بهم مسلم الأفاعيل القبيحة، وقتل فيها الكثير من الصحابة والتابعين. ويقال إن يزيد أول من خدم الكعبة وكساها الديباج الخسرواني. وتوفي يزيد في نصف ربيع الأول سنة أربع وستين للهجرة بجوار من أرض حمص وكان نزوعاً إلى اللهو، وينسب له شعر رقيق وإليه ينسب (نهر يزيد) في دمشق.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.