هل الاسلام هش حتى تهزه رسوم كاريكاتورية؟

daiishkhalifacaricateurcharlieارهاب وغباء وانتهازية:

أصاب الأزهر بدعوته المسلمين الى “تجاهل” الرسوم الاخيرة التي تصور النبي محمد في نسخة صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة. وأكدت المؤسسة الدينية السنية المرموقة التي تتخذ مقرا في مصر في بيان انها تدعو “جميع المسلمين إلى تجاهل هذا العبث الكريه”. وأضاف الأزهر أن “مقام نبي الرحمة والإنسانية – صلى الله عليه وسلم – أعظم وأسمى من أن تنال منه رسوم منفلتة من كل القيود الأخلاقية والضوابط الحضارية”.
كما اعتبرت مؤسسات إسلامية أن مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية تتحدّى مشاعر المسلمين بنشرها يوم الاربعاء 15 يناير الحالي رسماً آخر للنبي محمد، يخشى من أن يزيد من حدة الاحتقان الاسلامي.
وعلى الصفحة الأولى للعدد الذي أعده «الناجون» من فريق تحرير «شارلي إيبدو» يظهر النبي محمد بلباس ابيض يذرف دمعة حاملا يافطة كتب عليها «انا شارلي» شعار ملايين المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشارع في فرنسا والخارج للتنديد بالهجوم على الصحيفة الذي اوقع 12 قتيلا في 7 كانون الثاني/ يناير الجاري.

السؤال للاغبياء الذين خططوا للعملية الارهابية “هل الدين الاسلامي هش ورقيق لدرجة ان رسم او رسومات ستهدد كيانه وستقوض الاسلام الذي صمد 1400 عام؟

ردود فعل اسلامية غبية:
قبل صدور فتوى آية الله الخوميني عام 1989 كان سلمان رشدي المسلم البريطاني من أصل هندي كاتبا مغمورا . لم يقرأ كتابه “آيات شيطانية” سوى عدد قليل من الأشخاص وعندما هاج بعضهم في مدينة برادفورد البريطانية ذات الغالبية الآسيوية المسلمة وحرقوا نسخ من الكتاب امام الاعلام العالمي ثم تبع ذلك صدور الفتوى الخومينية التي أمرت بقتله، تحول سلمان رشدي فجأة الى كاتب مشهور وازداد الطلب على كتابه وعلى كتبه الأخرى واصبح مليونيرا شهيرا وشخصية دولية ومرجعا معتمدا عن الارهاب الاسلامي ضد حرية الفكر والرأي والابداع.
أما مجلة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة كانت مجلة اسبوعية ثانوية تبيع 60 الف نسخة على أقصى حد. ولم يسمع بها أحد خارج العاصمة باريس الا القليل من القراء اليساريين. هذه المجلة كانت تنشر رسوما ساخرة للبابا ورؤساء الدول والكنيسة وقادة العالم ونشرت رسوم مسيئة لمشاعر المسلمين. لكن هذا لا يبرر مجزرة باسم الاسلام. ومن المهم أن نذكر انها كانت تسخر من اليهود واسرائيل وقادة اسرائيل وسببت استياء لهم ولكنهم لم يقوموا بتنفيذ مجزرة مروعة.
شارلي ايبدو طبعت هذا الاسبوع 3 ملايين نسخة واكتسبت شهرة عالمية ووجدت موقعا على خارطة الاعلام العالمية وظهرت كضحية للارهاب الاسلامي واكتسبت تعاطف دولي. المحصلة النهائية ان هذه المجلة ستصبح رمزا لحرية التعبير والاعلام في العالم.
أجزم لو تم تجاهل الرسومات لما لاحظ أحد ولكانت زوبعة عابرة في فنجان قهوة. ردود الفعل الاسلامية مثل الذي يطلق النار من مسدسه على قدمهShooting oneself in the foot.
وتصرفت القاعدة كالزوج الغبي الذي خصى نفسه ليعاقب زوجته.

الانتهازيون نتينياهو وحسن نصرالله:
بنيامين نتينياهو رئيس وزراء اسرائيل الذي ينتهك حقوق الفلسطينيين ويسرق اراضيهم وينكل بهم ويرتكب ابشع الجرائم بحقهم في غزة والضفة الغربية تحول في يوم وليلة الى مكافح للارهاب والتطرف الاسلامي وانتهز فرصة شارلي ايبدو ليظهر على المسرح العالمي كقائد مسالم وعقلاني يحترم حقوق الانسان وحرية التعبير.
كما ان المقاوم والممانع حسن نصرالله ندد بالعملية الارهابية في باريس وادان التكفيريين مبررا بذلك جرائم حزب الله ضد الشعب السوري.
ونشرت صحف لبنانية وعربية تقارير تفيد أن حزب المقاومة والممانعة يشارك النظم السوري في حصار وتجويع الفلسطينيين في مخيم اليرموك. بئس هكذا مقاومة وهكذا ممانعة منافقة.
كما فضحت مجزرة باريس عورة الاسلام السياسي المتشدد الذي اساء للعرب وللمسلمين. ظهور القاعدة على الساحة لم يخدم الاسلام والمسلمين والمستفيد الأكبر من احداث 11 ايلول كان اريل شارون وليس الفلسطينيين أو المسلمين. والمستفيد الأكبر من ظهور داعش الارهابية المأجورة على الساحة هم اعداء الشعب السوري اي النظام وحلفاءه حزب الله وايران وروسيا.

هل الاسلام دين حب وتسامح حقا؟
الغرب يشاهد الاسلام ليس من خلال دراسات علمية دقيقة وابحاث ثيولوجية ودراسات دينية عميقة ومضنية. المؤرخون يفعلون ذلك ويتوصلون الى استنتاجات وينشرون دراسات اكاديمية لا يقرأها الا عدد قليل من المختصين والمتخصصين. ولكن على مستوى شعبي عام يحصل الانسان الغربي على معلوماته عن الاسلام مما يشاهده على نشرات الاخبار المتلفزة وعلى ما يقرأه في الصحف وفي صفحات الشبكات الاجتماعية على الانترنيت. وما يشاهده ويقرأه منذ التسعينات عن الاسلام والمسلمين لا يخلو من العنف والقتل والكراهية والمجازر والاقتتال الداخلي وانتهاك القاصرات والتجارة بالنساء وقطع الرؤوس كما تفعل داعش الان واضطهاد الأقليات والعمليات الارهابية ضد المدنيين.
باختصار شديد هناك تصادم بين مباديء حقوق الانسان ومفاهيم الحرية المدرجة في الميثاق الأممي لعام 1948 وبين نصوص الدين الاسلامي.
لقد سئم العالم من سماع النغمة المتكررة ان الدين الاسلامي دين حب وتسامح وسلام. وهذا يبقى شعارات وكلام الا اذا ترجم الى افعال على واقع الأرض.
أين المحبة والتسامح في العراق وايران؟ أين التسامح والمحبة في الباكستان وسوريا وافغانستان؟ أين المحبة والتسامح في السودان او ليبيا؟
يوجد في القرآن ما لايقل عن 28 آية تحرض على قتل الكفار وأهل الكتاب وهي بحاجة لدراسة ومراجعة وتعديل او حذف او اعادة تفسير.
لذلك في رأيي المتواضع اعتقد ان الوقت قد حان لمراجعة شاملة للنصوص الدينية التي تكرس الكره لمن هو غير مسلم وتصفه بالكافر وتحلل قتله. وهناك حاجة عاجلة لتعديل النصوص التي تشجع على ارتكاب أعمال العنف ضد الآخرين وتنص على اساليب وعقوبات لا تتناسب مع روح العصر. لماذا لا يتفق العلماء المسلمين المتنورين على منهج جديد معاصر ينقذ الاسلام من بوتقة العصور الجاهلية؟ هل يمتلكون الشجاعة والرؤيا لاعادة النظر في النصوص الدينية القرآنية والاحاديث النبوية التي يتم الاشارة لها والاستشهاد بها لتبرير ابشع الجرائم واقبح الممارسات؟
في الدول الاسلامية مع استثناءات محدودة جدا يتم اضطهاد الأقليات ويتم اضطهاد المرأة واستغلال القاصرات جنسيا ناهيك عن المذابح والمجازر التي ترتكبها جماعات وعصابات تحمل تسميات اسلامية مختلفة.

نهاد اسماعيل
لندن

About نهاد إسماعيل

كاتب عربي ليبرالي يعيش بلندن
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.