هزيمة ايران في سوريا

تطورات الاسبوع الأخير تكشف عن ضعف وهزيمة النظام الايراني في المنطقة. هناك تحولان مهمان تمكنا من رسم الافق المستقبلي لتطورات المنطقة الى حد ما.
فأول تحول هو انتهاء الولايتين لاوباما على مدى 8 سنوات حيث وصفهما الملالي الحاكمون في ايران العهد الذهبي. فاستراتيجية اوباما السياسية كانت تتابع في جوهرها بشكل نشط التقرب الى نظام الملالي وهذه السياسة قد قادت الشرق الأوسط الى ما هو عليه الآن وقدمت العراق في طبق من الذهب الى ايران. كما في سوريا هؤلاء الحكام بعد تجاوز الخط الأحمر للقصف الكيمياوي، أدرك الأسد وايران وروسيا أن الطريق مفتوح أمامهم لارتكاب أية جريمة بحق الشعب السوري. وهذه السياسة قد انتهت الآن لتسجل خسارة للنظام الايراني.
التحول المهم الآخر هو الوضع في سوريا. النظام الايراني الذي كان قد مني بالفشل في معركته أمام الشعب السوري قد تعلق بأثواب روسيا لحفظ بشار الأسد وللحؤول دون هزيمته على أمل تغيير توازن القوى لصالحه في ابقاء الأسد على الحكم باستخدام القوة الجوية الروسية ولكن بالرغم من كل الجرائم التي ارتكبتها ايران و مرتزقتها في حلب الا أن تداعيات سقوط حلب قد أبرزت الضعف المفرط للنظام الايراني في المنطقة وداخل ايران. حيث أصبحت ايران الآن في سوريا الى لاعب هامشي.
فلاحظنا أول مثال على ذلك بخصوص توافق لوقف اطلاق النار في سوريا حيث كانت أنقرة وموسكو هما الطرفان اللذان قد صاغا التوافق والضامنان له دون أن يكون لايران أي دور فيه.
عملية درع الفرات اذا استمرت بدعم جوي روسي، ستنتهي الى النتيجة المتوخاة من قبل تركيا عندئذ ستحظى أنقرة بموقع استراتيجي وانتشار عسكري قوي في سوريا. فهذا الأمر من شأنه أن يغير المعادلات المقبلة في سوريا لصالح تركيا. ايران ستكون بهذا الخصوص متفرجة فقط على التعاون الروسي والتركي في سوريا. الأمر الذي لم يكن منظورا قبل ذلك. كما آن حضور تركيا في سوريا وبالتعاون مع روسيا تكستي آهمية كبيرة لموسكو أيضا.
ان تركيا بامكانها أن تكون طرفا أكثر ثقة لموسكو من ايران في اطار استراتيجية روسيا. منطقة القوقاز وأسيا الوسطى بالنسبة لروسيا التي تسعى لتصبح السلطة المهيمنة في هذه المساحة تشكل أهمية كبيرة لها ولا شك أن تركيا من شأنها أن تكون أهم لاعب مؤثر في المنطقة. قضية جورجيا واوكرانيا والقرم تشكل الآن مسارا لروسيا تحسب لها حسابات كبيرة لابعاد النيتو عن منطقة نفوذها. وتقع تركيا في المسار الروسي لهذا الجزء من اوروبا. فهذه الملفات جعلت أهمية تركيا مضاعفة بالنسبة لروسيا ونظرا الى أن تركيا تمتلك ثاني أكبر قوة في النيتو من حيث القوات العملياتية فبامكانها أن تخلق ازعاجات خطيرة لطموحات روسيا في حال عدم تواكبها مع روسيا.
فكل هذه القضايا تبلور حقيقة واحدة وهي أن تركيا تعتبر أهميتها من حيث المنطلق الستراتيجي أكثر من ايران لروسيا وأن المبادرة في سوريا تكون بيد الأتراك والروس.
واذا أراد النيتو أن يمنع سقوط تركيا الى أحضان روسيا، ويبدأ بمجاملة تركيا ببدء الدعم للعمليات التركية، فقد شجع روسيا عمليا على لعبة تقديم التنازلات. عندئذ على موسكو أن تقدم تنازلات أكثر للأتراك نظرا الى أهمية أنقرة لأهدافها ومعنى ذلك تقييد ايران في سوريا أكثر فأكثر.
الروس أثبتوا أنه ليس لديهم مشكلة مع أهداف تركيا في سوريا ويولون الأولوية التعاون مع أنقرة. وهنا نستطيع الاستنتاج بأن ايران هي خاسرة في سوريا وأن توعدات قادة النظام ومزاعمهم بالانتصار في حلب ليس الا زوبعة في فنجان للتغطية على هذه الهزيمة. ان معارضة الشعب الايراني تدخلات النظام في دول أخرى والنقمة الشعبية العارمة حيال استنزاف ثروات ايران لتصدير الارهاب وأعمال القتل والمجازر في سوريا هي عامل حاسم في تصعيد الضغوط المتزايدة على الملالي لوقف تدخلاتهم في دول المنطقة.
وفي يوم الطالب بتاريخ 6 ديسمبر 2016وخلال مراسيم اقيمت بمناسبة يوم الطالب في جامعة امير كبير بطهران قال أحد الطلاب: « دون أدنى شك نحن مدانون أمام دموع أطفال سوريا».
وأضاف أن “التاريخ هو أعدل محكمة، ومن شأنه أن يديننا.. وأنا على ثقة بأن التاريخ سيديننا، ‌‌‌لأننا اخترنا الصمت تجاه الإبادة الجماعية المأساوية في سوريا”.
ثم تساءل هذا الطالب في وسط تصفيق سائر الطلاب، قائلا “هل نحن في سوريا نقف في جبهة الحق؟ فقد قتل 500 ألف وأبيدت أجيال ودمرت سوريا! أين نقف نحن من هذه اللعبة؟ دون أدنى شك فإن دموع أطفال سوريا ستحكم علينا بالإدانة.
وأنهى هذا الطالب الذي كسر حاجز الخوف، قائلاً “هذا هو مطلبنا، فأظن إن كنا لا نريد أن نصبح مدانين من قبل التاريخ علينا أن نحدد موقفنا (من سوريا)”.
كما ان تصريحات خامنئي التي أدلى بها قبل أيام تكشف بوضوح عن اعتراف النظام أن التحولات في سوريا تجري خلافا لما كان يشتهيه الملالي.
ووفقا لوكالة “فارس” الإيرانية، فقد جاءت تصريحات خامنئي لدى استقباله عوائل 7 قتلى من منسوبي القوات الخاصة ممن قُتلوا في سوريا حيث قال: “لو لم نردع الأشرار ودعاة الفتنة من عملاء أميركا والصهيونية في سوريا، لكنا نصارعهم في طهران وفارس وخراسان وأصفهان” وتوحي تصريحات خامنئي بأن إيران تشعر بأنها قد تخرج نهائيا من سوريا رغم خسائرها الكبرى بشريا وماديا، لصالح استراتيجية روسيا.

About علي قاُئمي

كاتب ايراني معارض منظمة خلق
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.