هذي المدينة تشبه متسوليها

وهذي المدينة تشبه متسوليها..خمسة معاقين في بقعة صغيرة واحدة ، يشكلون معا لوحة فريدة من التنوع في الإعاقة..لا أحد يشبه الآخر..امرأة بيد بلا كف ويدها الأخرى بلا كوع وقصيرة جدا، مقابل رجل بدين متورم القدمين لدرجة تكادان أن تنفجرا، ومشلول يبيع البسكويت مناديا بسكوت على حب النبي ،مقابل أعمى يصيح (عطوني بس حق عيوني)، وفي المنتصف امراة وطفليها القزمين الباكيين،
يبدو المشهد لوحة سريالية في فيلم صامت .
تتعدد انواع الإعاقة وتتنوع، التعاطف متبوع بالدفع..وترتيب المعاقين مدروس بعناية، لتنتقل من إعاقة نحو أخرى أكثر ألما..تتصاعد الميلودراما وانت تعبر بينهم..فعلا تركوا لك ممرا بينهم لتراهم بوضوح..لترهق عيناك بمحاولة الهروب من الرؤية.. وإن تمعنت شكرت على سلامتك الخادعة..شكرت على انك لست معاق مثلهم..


يبدو انهم يصوبون نارا مخادعة صوبك..لتصمت..لتعبر مطأطئ الرأس هاربا من فداحة الصورة ومحتفلا بالنجاة..
هو مكر من وضعهم هنا، من علّم الأعمى تلك العبارة مستحيلة التحقيق بالغة القسوة..من يجعلك تعتقد بأن عبارة على حب النبي هي ماركة بسكوت جديدة فتلفت أصلا لتتذوق او تشتري، المهم أنك حينها ستدفع للقدمين الخاليتين من الحياة ، من يفرض على أم أن تعرض لحم طفليها في شمس لاهبة وتزاود على دموعهما بأبخس الأثمان..وتجمع سقط المال وتملأ جيوبها ، وتغلق عروات معطفها بأزرارها الفاقعة في الوقت المستقطع مابين رمية وأخرة لقطعة نقود معدنية على منشفة بائسة.
هو المكر الواهم لنجاة بلا قوام..تدفعك بعد تجاوز المعاقين الخمسة لشراء كيلو بزر دوار القمر او كيلو من البسكويت الرخيص المكشوف وتقول وبالحمد تدوم النعم..وقشور البزر تملأ المكان..تستهلك ما تبقى من حيّز بلا علامات حرب..

Salwa Zakzak

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.