نعيش عندما نكف عن لعب دور الله على الأرض

assilzebanفي أول ليلة لي في بيروت، سألت نفسي “على شو الناس خابصينا ببيروت؟ ولا في أي فرق بينها وبين عمان إلا البحر”! لكن المشاهدات الأولى عادة ما تخطيء. في بيروت تكتشف أن التطور ليس بارتفاع البنيان ولا بتواجد أعرق ماركات المطاعم والملابس العالمية كتلك الموجودة في عمان. التطور الحقيقي يكمن في إتقان فن الحياة. وهناك شعب يحترف هذا الفن. فأسباب الحياة موجودة في كل مكان. في ذلك الشارع الذي يمتد على طول الشاطيء حيث يسهر الناس حتى الصباح. ما بين راكض، وراكب دراجة ومدخن أرجيلة وعاشق يحتضن حبيبته دون أن يتكلف أي منهم عبء مصاريف المطاعم والمقاهي. هناك حياة تمشي جنبا إلى جنب مع تلك المحجبة التي ترافقها سافرة ترتدي تنورة لا يتجاوز طولها الخمس عشرة سنتيمترا. هناك حياة في وجه سائق التكسي الصائم بمحض إرادته والذي يخبرك بأدب أن لا مشكلة لديه في أن تأكل أو تدخن أمامه. هذا هو المؤمن الحقيقي..وليس ذاك الذي يتغنى بالتسامح في بوستات على الفيسبوك ويتمنى ذبحك إذا ما شعر أنك لست صائما! هناك يتجلى التسامح في أبهى صوره. فالتنورة القصيرة لا ترعب أحدا. والمطاعم لا تغلق أبوابها في رمضان، ومع ذلك هناك من قرر أن يمتنع عن الأكل والشرب لأنه مؤمن حقيقي وليس لأنه خائف من الغرامة والحبس وقبل هذا كله النظرات. أعود إلى قاعدة أؤمن بها بشدة: نعيش عندما نكف عن لعب دور الله على الأرض!

About اسيل الزبن

اسيل الزبن كاتبة اردنية ليبرالية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.