نبيّك هو أنت، لا تعش داخل جبّته..! (12)؟

وفاء سلطان 

هل سينقرض الإسلام أم المسلمون؟
…………..
عام 1932 ولدت الطفلة الأمريكية آنا
Anna
في إحدى قرى ولاية بنسلفانيا النائية كثمرة لعلاقة غير شرعية.

كان جدها، والد أمّها، فلاحا كاثولكيا متعصبا. رفض آنا رفضا قاطعا، ولكي يتفادى رؤيتها بعد أن هربت والدتها وتركتها في رعايته قام بسجنها في إحدى غرف المؤونة القابعة في الطابق العلوي لبيته، والتي لا تحوي أية نافذة باستثناء طاقة صغيرة يدخل منها الهواء وبعض أشعة الشمس.
لم يسمح لأحد برؤيتها، وكان يلقي لها الطعام والشراب وينظف قازوراتها وهي تغط في نومها.
عندما بلغت آنا السادسة من عمرها، وبالصدفة المحضة، اكتشفها بعض المارة فأبلغوا السلطات المسؤولة عن حماية الأطفال في الولاية.
هاجم البوليس بيت الجد وعثروا على الطفلة. لم تكن آنا آنذاك سوى شبحا لا يملك من صفات البشر سوى العظم والجلد.
تلقفها علماء النفس والإجتماع وبدأوا يدرسون حالتها. لم تستطع آنا أن تتفاعل معهم إلا من خلال صوت غريب كان يصدر عنها بين الحين والآخر.
بعد دراسة كافية وافية، اكتشفوا أن ذلك الصوت ما هو إلا صوت هدير القطار الذي كان يمرّ على بعد ميل واحد من بيت جدها مرتين في اليوم، والذي يبدو أنه الصوت الوحيد الذي سمعته خلال حياتها.
تفرغت عالمة نفس أمريكية لدراسة حالة آنا، وحاولت بكل جهدها أن تعيد تأهيل تلك الطفلة، لكن محاولتها باءت بالفشل، وماتت آنا بعد ثلاث سنوات من إكتشافها.
استنتج علماء النفس والسلوك، من خلال قصة آنا والتجارب الأخرى المماثلة، على أن الإنسان لا يولد إنسانا وإنما مخلوقا قابلا للتأنيس.
يتميّز الإنسان عن غيره من الحيوانات بملكاته الجينية التي تؤهله على أن يتبرمج لاحقا من قبل المحيطين به. لكن عندما لا يتم استخدام تلك الملكات، كما في حالة آنا، يهبط الإنسان إلى مستوى أدنى بكثير من مستوى أي حيوان آخر.
كانت آنا في حالتها تلك أدنى سلوكيّا وعقليّا وعاطفيّا من أي حيوان آخر. لم تكن في عامها السادس قد تبرمجت بعد لتعيش حياة البشر، ولذلك فشلت وماتت عندما تطلّب الأمر منها أن تعيش كإنسان.
يقول نبي الإسلام: كل مولود يولد على الفطرة (والفطرة عند الله الإسلام) فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه…
لو كان هذا الكلام صحيحا لصاحت آنا “لا إله إلا الله ومحمد رسوله”، بدلا من أن تقلد صوت القطار الذي لم تسمع في حياتها صوتا غيره، وهو وحده الذي قام ببرمجتها.
…………..
منذ آلاف السنين أكد أرسطو على أنّ الإنسان يتعلم الأخلاق عن طريق التقليد، فهو يقلد ما يفعله غيره، ومع الزمن يتحول السلوك عن طريق التكرار إلى عادة متأصلة.
هذا ما أكده أرسطو، ولم يختلف معه أي من علماء السلوك حتى تاريخ اليوم، باستثناء أنهم أضافوا على أنّ الإنسان يتعلم السيّء أيضا، وليس فقط الأخلاق، عن طريق تقليد الآخرين.
أطلقوا على عملية التقليد تلك تعبير
Internalization
أي “التشرب”، والذي يعني أن الإنسان يتشرّب قيم الوسط الذي يعيش فيه. يتم معظم التشرب خلال السنوات الأولى من العمر ويستمر حتى آخر يوم منه.

فالإنسان يعيش حياته بكل مراحلها كالإسفنجة التي تمتص محتويات الوسط الذي توجد فيه بخيرها وشرها.
لم تستطع آنا أن تمتص من وسطها سوى صوت القطار، ولذلك عجزت على أن تظهر من معالم إنسانيتها سوى قدرتها على تقليد ذلك الصوت.
ومن خلال دراسة ذلك السلوك بالتفصيل، لاحظ العلماء بأنّ الإنسان يقلد كل من حوله، ولكنه يختار عادة شخصا ما في حياته ويعتبره مثله الأعلى، ثمّ يمتص منه أكثر مما يمتص من غيره محاولا أن يتبنّى شخصيته دون سواها.
تتمّ عملية اختيار المثل الأعلى
Role Model
ومحاولة تقليده بالوعي أو باللاوعي، وتدعى تلك العملية في علم السلوك
Identification
أي التقمّص.

كان القطار الكائن الوحيد في حياة آنا، ولذلك لم يكن أمامها من خيار سوى أن تختاره كمثلها الأعلى، ثمّ حاولت أن تتقمص شخصيته بتقليدها لصوته كقيمة وحيدة اكتشفتها فيه.
هناك حقيقة أخرى مثيرة للدهشة توصل إليها هؤلاء العلماء في سياق دراستهم لمفهوم “المثل الأعلى”، وهي أنه كلما ازدادت شهرة شخص ما كلما ازداد احتمال أن يختاره الآخرون كمثلهم الأعلى، وكلما ازدادت أهمية الدور الذي يلعبه ذلك الشخص كمثل أعلى.
وهنا تبرز أهمية المشاهير في المجتمع وفي أي حقل من حقوله، كأبطال السينما ولاعبي الرياضة والأنبياء ورجال الدين والمفكرين وغيرهم، كمثل أعلى يقتدي بهم الناس الذين يعيشون في ذلك المجتمع.
في منتصف التسعينات وقعت شركة نايكي للأحذية الرياضية مع مايكل جوردن لاعب كرة السلة الأمريكي الشهير عقدا بملايين الدولارات، على أن يظهر من خلال دعاية تلفزيونية وهو يرتدي حذاء نايكي ولمدة بضع ثوان.
تجاوزت مبيعات تلك الشركة من الحذاء في العام الأول بعد بث الدعاية الثلاثة بليون دولارا، وهو رقم قياسيّ في تاريخها.
صاحب محل لبيع الأحذية في شيكاغو قال: في اليوم الأول بعد بث تلك الدعاية تلقيت أكثر من ثلاثمائة مخابرة هاتفية من مراهقين يسألونني إن كنت أقتني حذاء مايكل جوردن.
في البلدان الحضارية التي تحترم إنسانها وتهتم بمثله الأعلى، يضع المجتمع مشاهيره تحت عدسة مجهره ويراقبهم عن كثب، ثمّ يقيّمهم بطريقة قاسية جدا إلى درجة قد دفعت بعضهم إلى القول: لا أريد أن أكون مثلا أعلى فأنا لست إنسانا مستقيما! محاولين بذلك أن يخففوا من ضغوط المجتمع التي يضعها فوق كاهلهم ليكونوا إناسا مستقيمين.
من لا يذكر
Rose Pete
كأشهر لاعب بيسبوول في تاريخ أمريكا، وكان في زمنه مثلا أعلى لكل شباب جيله.

قرروا أن يصنعوا له تمثالا ويضعوه في متحف المشاهير في العاصمة واشنطن
Hall of fame.
قبيل ذلك بزمن قصير اعترف، عبر مقابلة وجد نفسه خلالها تحت المجهر، بأنه قامر مرّة في لاس فيغاس على خسارة فريقه، فسقط سقوطا مريعا في تلك اللحظة، وخسر لقبه كـ
Hit king
وفرصة ليخلد في متحف المشاهير.

يجب على كل مجتمع أن يرى مثله الأعلى داخل كرة من الكريستال، فينقضّ عليه عندما يُسيء إلى دوره، وهذه هي ضريبة الشهرة!
فمتى يرى المسلمون نبيهم و “اسوتهم الحسنة” داخل تلك الكرة؟!!
………………….
معظم الردود التي تناولت كتاباتي سواء الرسائل التي تصلني من خلال بريدي الإلكتروني أو المقالات التي تنشر في الكثير من المواقع قد أجمعت على أنني لا أميّز بين الإسلام والمسلمين، مطالبة إياي أن لا أقيّم الإسلام من خلال تصرفات المسلمين!
أشعر بالشفقة على هؤلاء الذين يطلبون مني أن أميّز بين هدير القطار والصوت الذي تصدره آنا!
يقول المؤرخ والكاتب الأمريكي المبدع
DAVID C. MCCULLOUGH
: التاريخ هو من نحن وكيف أصبحنا من نحن.

ست سنوات كانت تاريخ آنا، ولم يحمل لها ذلك التاريخ سوى هدير القطار الذي كان يمر على بعد ميل من بيت جدها، ولذلك لم تستطع كمخلوق بشري أن تتجاوز ما قدمه لها تاريخها، فأصبحت من خلال تقليدها لهدير القطار ذلك التاريخ.
ألف وأربعمائة عام والمسلمون مسجنون في إحدى زوايا الأرض المظلمة، لاتربطهم ببقية العالم علاقة، لا يسمعون في سجنهم سوى هدير نبيهم، فكيف تريدونني أن أفصل بينهم وبين ذلك الهدير؟!!
أما المؤرخ الفرنسي
ETIENNE GILSON
فيقول: التاريخ هو المختبر الوحيد الذي يُثبت نتيجة الفكرة.

اليست ألف وأربعمائة سنة كافية لإثبات نتائج الفكر الإسلامي؟!! أليست أوضاع المسلمين هي النتيجة الحتمية لذلك الفكر؟!!
…………….
منذ أقل من اسبوعين قام رجل يمني يتجاوز الثلاثين من عمره باغتصاب طفلة لا تتجاوز الثامنة من عمرها على سنة “الله” ورسوله!
عندما قرأت النبأ في موقع “العربية” كان هناك أكثر من مائتي تعليق، أدلى بهم القراء من كلّ حدب وصوب.
أجمع كلّ القراء، بلا استثناء، على وحشية تلك الجريمة وانهالوا على مرتكبها بأبشع الشتائم. لكنهم نسوا أو تناسوا بأن ذلك الرجل المسكين القابع في أحد جحور اليمن لم يسمع في حياته سوى هدير نبيه، ولذلك لم يخرج في تصرفه عن حدود تقليد ذلك الهدير!
كانت الطفلة عائشة في عامها السادس عندما رفض محمد أن يدخل فيها واكتفى بمفاخذتها، “رحمة” بعمرها الغض! ثم صبرَ صبر الأنبياء حتى بلغت عامها التاسع فاستمتع بها، وكان يومها فوق الخمسين!
لا فرق بين هدير القطار وصوت آنا فكلاهما نفس الصوت، ولا فرق أيضا بين نكاح محمد لعائشة ونكاح صاحبنا اليمني لطفلته، فكلاهما نفس الجريمة!
هذان الحدثان يثبتان قوة العلاقة بين المثل الأعلى وأتباعه!
ويستحيل عليّ، كما يستحيل على غيري، الفصل بينهما.
………..
حتى تاريخ بداية عصر الإنترنيت استطاع الإسلام أن يحمي نفسه بالسيف، سجن أتباعه بين دفتي القرآن وكتب الحديث، ولم يسمح لهم بتجاوزها خوفا من حد ذلك السيف.
حسب إحصائيات الأمم المتحدة لا يزيد عدد الكتب التي طُبعت في العالم العربي خلال التاريخ الإسلامي كله عن عدد الكتب التي تمّ طبعها في اسبانيا، كأفقر دولة اوروبية، في عام واحد.
ألا نستطيع، وبناء على تلك الحقيقة المرعبة، أن نتصور حجم العزلة التي فرضها الإسلام على أتباعه؟!!
بين ليلة وضحاها فاق المسلم ليجد بحرا من المعلومات، وقد أغرق غرف نومه وأفسد عليه عزلته.
حتى تاريخ منتصف التسعينات لم أقرأ في حياتي سطرا واحد تناول التعاليم الإسلامية بالنقد. فجأة وبدون سابق إنذار رأينا الغسيل الإسلامي بكل أدرانه منشورا على حبال العالم كله.
العقول الإسلامية التي تبرمجت قبل منتصف التسعينات ستظل، ولو نظفناها بالأسيد، أسيرة ذلك الفكر مهما تظاهرت بأنها تحررت منه.
هل هناك أسيد يستطيع أن يتفوق على الفكر الماركسي في قدرته على تنظيف العقل من أدران الأديان؟!!
طبعا لا يوجد، ومع هذا نرى المسلم المتمركس يسقط بين الحين والآخر مع القرضاوي في نفس الخندق، كمؤخرتين في سروال واحد!
أما الأجيال المسلمة التي بدأت عملية برمجتها بعد ظهور الإنترنيت ستتحرر، ولو عاشت داخل قبضة القرضاوي، من أدران الإسلام إلى حد ما، وكل جيل يأتي بعدها سيكون أكثر تحررا.
لم يعد باستطاعة أحد أن يسجن ابنه أو ابنته في غرفة المؤونة، فالإنترنيت تدخل مع الضوء والهواء وتحمل الحقائق المجردة بلا رسوم جمركية!
قد يحتج أحد بقوله: ولكنها تحمل في الوقت نفسه المزيد من هدير محمد، وعليه أردّ:
لا ضير من ذلك، فعندما تتنافس البضائع يستطيع الإنسان أن يميّز غثها من ثمينها، لقد استطاع الإسلام أن يستمر لأنه لم يسمح لمنافس آخر أن يتصدى له في تاريخه، أما اليوم فلقد خرج الأمر عن نطاق سيطرته، ولم يعد باستطاعته أن ينفرد في ساحة الوعي واللاوعي عند أتباعه!
يتهافت رجال الدين الإسلامي اليوم على الإنترنيت كما يتهافت الجراد على حقل زرع، وتذكّرني أسرابهم الهائمة بما كنت أراه في مختبر الأحياء الدقيقة في كلية الطب يوم كنت طالبة.
في ذلك المخبر كنا نراقب تحت عدسة المجهر مزارع جرثومية مخلتفة. عندما نسقط فوق إحداها قطرة من المضاد الحيوي المناسب كانت الجراثيم تنشط وتزداد حركتها بشكل هستريائي. ثمّ وبعد زمن قصير، يصل خلاله المضاد الحيوي إلى عتبة مفعوله، تموت تلك الجراثيم وتخمد حركتها إلى الأبد.
في أقلّ من ثانية وجدت تلك الجراثيم نفسها في حالة مواجهة مع المضاد الحيوي. كما وجد رجال الدين الإسلامي، ولأول مرّة في تاريخهم، أنفسهم في حالة مواجهة مع الحقيقة!
الهستيريا التي ضربت قطيعهم لن تطول، وعندما يصل عصر المعلومات إلى عتبة مفعوله سيخمد هديرهم إلى الأبد.
إنها مسألة وقت يتحرك بسرعة الضوء، ولا يحتاج ذلك الوقت في نقله للحقيقة إلى نوافذ في غرف المؤونة، كما ولا يخاف من سيف.
……….
لقد بدأت الأجيال الجديدة من المسلمين تعي بأن الإعتداء على حرمة طفلة من قبل رجل بالغ لا يمكن أن يكون وفق أي مقياس زواجا أخلاقيا، بل اغتصابا وجريمة يُفترض أن يعاقب عليها القانون.
معرفتهم تلك هي الخطوة الأولى في طريق تحررهم من عقائدهم، ولا شكّ بأنه ستليها خطوة لاحقة يكفرون عندها بنبيهم الذي ارتكب تلك الجريمة قبل غيره، وكان المثل الأعلى لأتباعه عبر التاريخ.
استنكارهم لجريمة الرجل اليمني كانت الخطوة الأولى، وفي القريب العاجل سيعون بأن ذلك الرجل كان يقلد نبيه، ولم يتجاوز في سلوكه قيد أنملة سلوك ذلك النبي.
لو سمعت آنا في عالمها صوتا آخر غير هدير القطار لجاء صوتها مختلفا، ولو سمع المسلم في عالمه صوتا آخر غير هدير نبيه لكان وضعه مختلفا.
في القرن الواحد والعشرين بدأت الأجيال الجديدة المسلمة تسمع أصوات جديدة، ولذلك سيصل بها الحال إلى وضع مختلف عما كانت عليه الأجيال السابقة.
الإسلام ليس في خطر وحسب، بل هو الخطر ذاته وعندما يكون لدى المسلم أكثر من خيار سيختار الطريق الأكثر أمنا.
……………
قد لا يسقط الإسلام بالضربة القاضية، لكن سقوطه سيكون أسرع بكثير ممّا أتوقع ويتوقع الكثيرون.
الأحداث المتلاحقة بسرعة على الساحتين الإسلاميّة والدولية تشير إلى ذلك، واللبيب من الإشارة يفهم!
عبر التاريخ الإسلامي كلّه لم نشهد ما شهدناه في العشر سنوات الأخيرة!
من كان يتوقع أن يقوم ملك السعودية، كأكبر معقل إسلامي والتي فنت اليهود والنصارى على أرضها عن بكرة أبيهم، بزيارة بابا الفاتيكان يوما؟!!
من كان يتوقع أن يُطالب رجال الدين السعوديون بلقاء حاخامات اليهود لفتح حوار بين الأديان؟!!
من كان يتوقع أن يزور مفتي الأزهر، كأكبر مركز إسلامي في التاريخ، فرنسا ليقول للنساء المسلمات هناك ” اخلعن الحجاب”؟!!
من كان يتوقع أن يخرج علينا يوما شيخ إسلاميّ ليقول: القرآن كتاب غير مقدس أو الأحاديث النبوية كذبة كبيرة أو التدخين لا يُفطر في رمضان، وما إلى ذلك من أمور كان البت فيها نوعا من الإنتحار؟!!
الخلاف الذي نراه بين المدافعين عن الإسلام أنفسهم إشارة أخرى على أنهم سينتهون على أيدي بعضهم البعض!
من كان يتوقع أن يزور بابا الفاتيكان كنيسة في تركيا تحولت يوما إلى مسجد ثمّ إلى متحف ويصلي فيها؟!!
من كان يتوقع أن يقف بابا الفاتيكان أمام العالم كله ليعترف بأن التاريخ الإسلامي تاريخ إرهابي؟!!
لقد قام البابا، ولأول مرّة في التاريخ، بتعميد رجل مسلم ترك دينه الإرهابي، على حدّ قوله، واعتنق المسيحيّة.
البابا يزور اليوم أمريكا، وهي المرة الخامسة والعشرين التي يزور بها بابا الفاتيكان أمريكا، لكنها المرّة الأولى في التاريخ الأمريكي التي يذهب بها الرئيس الأمريكي لإستقبال ضيفه في المطار!
لقد قام البابا بزيارة معبد يهودي في أمريكا، وتلك هي المرّة الأولى التي يزور بها بابا الفاتيكان معبدا يهوديّا في أمريكا!
من كان يتوقع أن تتجرأ صحيفة غربية على نشر رسوم كاريكاتوريّة تجسد إرهابية محمد؟!!
من كان يتوقع أن يتمّ تصوير فيلم “فتنة” في دولة صغيرة ومسالمة كهولندا، ليظهر من خلاله المخرج كيف يحرّض القرآن على الإرهاب؟!!
ختاما وهو الأهم، من كان يتوقع أن تخمد ردود فعل المسلمين بتلك السرعة أمام فيلم “فتنة” الهولندي؟!!
من راقب ردود فعل المسلمين على الرسوم الكاريكاتورية عندما نشرت لأول مرّة وقارنها بردود فعلهم على فيلم “فتنة” سيتذكر تجربة الجراثيم التي ذكرتها في عرض تلك المقالة، وسيتذكر بأنّ ردود أفعالهم الهستريائية ستخمد إلى الأبد عندما يصل عصر المعلومات إلى عتبة مفعهوله، وهذا ما يحدث اليوم!
أليس ما يجري دليلا قاطعا على أن العالم كله قد اتحد لمواجهة الإسلام، وعلى أن المسلمين قد بدأوا يفقدون توازنهم أمام الضغوط العالمية؟!!
لقد تحوّل الإسلام اليوم إلى جمر في أيدي معتنقيه، فكم سيطول تحملهم لحروق ذلك الجمر؟!!
سألوا فرعون: من فرعنك؟
فردّ: لم يمنعني أحد من أن أكون فرعونا!
فهل يستطيع الإسلام أن يتفرعن بعد اليوم؟!!
……………….
الفكرة الجميلة لا تحتاج إلى من يدافع عنها وتفرض نفسها، والفكرة القبيحة لا تستحق من يدافع عنها ومصيرها أن تموت.
لقد هستر هؤلاء المتشبثون بالإسلام، وراحوا يصرخون: فرّقوا بين الإسلام والمسلمين، إذ لا علاقة للإسلام بما يسلكه المسلمون اليوم!
والسؤال الذي يواجه هؤلاء المهسترين:
ما دام الإسلام فكرا جميلا لماذا عجز على أن يفرض نفسه رغم كل سيوفه المسلولة وغير المسلولة؟!!
ولماذا استطاع المسلمون أن يعزلوا أنفسهم ويعشوا داخل علبة سردين مضادة للصواريخ الإسلامية؟!!
وليس من جواب سوى: الإسلام والمسلمين، كما هو صوت آنا وهدير القطار، وجهان لعملة واحدة!
ماتت آنا ومات معها هديرها عندما فرضوا عليها أن تعيش الحياة كإنسان،
وسيموت الإسلام عندما يفرض العالم على أتباعه أن يعيشوا كبشر.
القضاء على الإسلام كأحد وجهيّ تلك العملة المفلسة، سيسقط تلك العملة في مزابل التاريخ!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

2 Responses to نبيّك هو أنت، لا تعش داخل جبّته..! (12)؟

  1. RAME says:

    يا سيدة سلطان ،كم يدفع لك سيدك من ألمال والمال حتى تشوهي ألتاريخ ألإسلامي وفقا لمبدأ ألحقد والكراهية والإستعلاء وأنا كمختص في علم ألنفس أثول لك هنيئا لك مالك ألملوث وقد غاب عنك أن في علم ألنفس لا يشوهوا ألحقائق وقد غاب عنك أيضا في هذه ألمقالة ألمليئة بالحقد والكراهية كعادتك قد قمتي بتأسيسها وفقا لقصة رجل مسن كاثوليكي قام بما فام به وهل هذا ما تعلمه من ألسيد ألمسيح عليه ألسلام ،بالطبع لا وهو تصرف وفقا لأهوائه وأنتي تكتبي وفقا لأهواء من يدفع لك أكثر .
    مؤسف جدا.

  2. Sara says:

    احسنت سيدتي…انت الوجه المشرق للشرق الاوسخ…لك مني احلى تحية ..

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.