نالَتْ على يَدِهَا ما لمْ تَنَلْهُ يَدي

 يزيد بن معاوية،   العَروض: بحر البسيط
مراجعة: رياض الحبيّب
مُهداة إلى\ المُفكّر الحُرّ

– – –

نالَتْ عَلَى يَدِهَا مَا لَمْ تَنَلْهُ يَدِي * نَقشًا عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بهِ جَلَدِي       

كأنّهُ طُرْقُ نَمْـلٍ فِـي أنامِلهَا * أو رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا السُّحْـبُ بالبَرَدِ

كأنَّهَا خَشِـيَـتْ مِن نَبْـلِ مُقلتِهَا * فألبَسَتْ زَندَها دِرْعًا مِـن الزَّرَدِ       
    
مَدَّتْ مَواشِطَهَا فِي كَفِّـهَا شَرَكًا * تَصِـيدُ قلبي بهِ مِن داخِـلِ الجَسَـدِ       

وقوسُ حاجبها مِن كُـلِّ ناحِيَـةٍ * ونَبْلُ مُقلتِهَا ترْمِي بهِ كَبِدِي       

وخَصْرُهَا نَاحِلٌ مِثلي عَلَى كَفَـلٍ * مُرَجْرَجٍ قد حَكَى الأحزانَ في الخَلَدِ    

إنْسِـيَّةٌ لَوْ رَأتهَا الشَّمسُ ما طَلَعَـتْ * مِن بَعْدِ رؤيَتهَا يومًا على أَحَدِ       

سألتُهَا الوصْلَ قالت لا تُغَـرَّ بنا * مَن رَامَ منَّا وِصَالًـا ماتَ بالكَمَدِ       

فكَمْ قتيلٍ لنا بالحُبِّ ماتَ جَـوًى * من الغرَامِ ولَمْ يُبْدِئْ ولَمْ يُعِـدِ 1

فقلتُ: أَسْتَغفِر الرَّحْمانَ مِن زَلَـلٍ * إِنّ المُحِـبَّ قليلُ الصَّبرِ والجَلَدِ

قالَتْ وقد فتَكَتْ فينا لَوَاحِظُهَا * ما إِنْ أرَى لِقتِيل الحُبِّ مِن قَوَدِ       

قد خَلَّفتْنِي طرِيحًا وهي قائِلَة * تأمَّلُوا كيفَ فِعْـلُ الظَّبْـيِ بالأسَـدِ       

قالَت لِطَيْفِ خيَالٍ زارَني ومَضَى * باللهِ صِفْهُ ولاَ تنقُصْ ولا تَزِدِ       

فقالَ: خَلَّفتُهُ؛ لو مات مِـن ظَمَأٍ * وقلتِ قِفْ عَـن وُرُودِ المَاءِ، لَمْ يَـرِدِ       

قالتْ: صَدَقْتَ، اٌلوَفا في الحُبِّ شِيمتُهُ * يا بَرْدَ ذاكَ الّذي قالتْ على كبدي       
       
واٌسْتَرجَعَتْ سَألَتْ عَنِّي فقِـيـلَ لها: * مَا فِيهِ مِن رَمَقٍ، دَقَّـتْ يَدًا بيَدِ       

وأمْطَرَتْ لُؤلُؤًا مِن نَرْجِسٍ وسَـقَتْ * وَرْدًا وعَضَّتْ عَلَى العُنَّاب بالبَرَدِ       

وأنشَـدَتْ بلِسَانِ الحَـالِ قائِلـةً * مِن غيرِ كَرْهٍ ولا مَطْـلٍ وَلاَ مَـدَدِ 2

واللهِ مَا حَزِنَـتْ أُخْتٌ لِفَقدِ أخٍ * حُزْنِي عليهِ ولا أُمٌّ على وَلَـدِ  

فأسْرَعَتْ وأتتْ تجرِي على عَجَـلٍ * فعِنْدَ رُؤيَتهَا لم أستطِعْ جَلَـدِي

وجَرَّعَتْني بِرِيقٍ مِـن مَرَاشِفها * فعَادَتِ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي       
       
هُمْ يَحْسِدُونِي عَلَى موتِي فوَا أسَفي * حتّى على المَوتِ لا أخلُو مِن الحَسَدِ        

* * *

1
اقتباسًا من قول القرآن: وما يُبْدئُ الباطِلُ وما يُعِيدُ، أي وما يَخْلُقُ إبلِيسُ ولا يَبْعَثُ، واللّهُ جلَّ وعزَّ هو الخالقُ والباعثُ- لسان العرب
2
 أَجمع كثير من أَهل اللغة أَن الكَرْهَ والكُرْهَ لُغتانِ، فبأَيِّ لغة وقع فجائِزٌ، إلّـا الفرّاء فإنّه زعم أَنّ الكُرْهَ (بضمّ الكاف) ما أكْرهْتَ نفسَك عليه، والكَرْهَ (بفتح الكاف) ما أكْرَهَكَ غيرُكَ عليه، تقول: جئتُكَ كُرْهًا وأدخَلْتَني كَرْهًا- لسان العرب

¤ ¤ ¤

يزيد بن معاوية القرشي: مفكر حر

About يزيد بن معاوية القرشي

يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي (25 - 64 هـ الموافق 645 - 683 م)، ولد بالماطرون، ونشأ في دمشق. هو ابن الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان، وفي الترتيب الزمني للخلافة يعتبر سادس خلفاء المسلمين وثاني خلفاء بني أمية، وقد حكم لمدة اربع سنوات كانت من أكثر الفترات تأثيراً في التاريخ الإسلامي. ولي الخلافة بعد تنازل أبوه له للخلافة على سنة تنازل الحسن بن علي لمعاوية سنة 60 هـ. . وفي أيام يزيد كانت فاجعة الشهيد (الحسين بن علي) إذ قتله رجاله في كربلاء سنة 61هـ. وخلع أهل المدينة طاعته سنة (63 هـ) فأرسل إليهم مسلم بن عقبة المري وأمره أن يستبيحها ثلاثة أيام وأن يبايع أهلها على أنهم خول وعبيد ليزيد، ففعل بهم مسلم الأفاعيل القبيحة، وقتل فيها الكثير من الصحابة والتابعين. ويقال إن يزيد أول من خدم الكعبة وكساها الديباج الخسرواني. وتوفي يزيد في نصف ربيع الأول سنة أربع وستين للهجرة بجوار من أرض حمص وكان نزوعاً إلى اللهو، وينسب له شعر رقيق وإليه ينسب (نهر يزيد) في دمشق.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.