موشحة جادك الغيث

موشحة جادك الغيث

لسان الدين ابن الخطيب

جادك الغيـث إذا الغيـث همـى ….. يـا زمـان الوصـل بالأنـدلـس

لـم يكـن وصـلـك إلا حلـمـا ….. في الكرى أو خلسـة المختلـس
إذ يقـود الدهـر أشتـات المنـى ….. ننقـل الخطـو علـى ماتـرسـم
زمـرا بـيـن فُــرادى وثـنـا ….. مثلمـا يدعـو الحجيـج الموسـم
والحيا قد جلـل الـروض سنـا ….. فثغـور الزهـر فـيـه تبـسـم
وروى النعمان عن مـاء السمـاء ….. كيف يـروي مالـكٌ عـن أنـس
فكسـاه الحسـن ثوبـاً مُعلـمـاً ….. يزدَ هـي منـه بأبهـى ملبـس

…..

في ليـال ٍ كتمـت سـر الهـوى ….. بالدجـى لـولا شمـوس الغُـرر
مال نجـم الكـأس فيهـا وهـوى ….. مستقيـم السيـر سعـد الأثــر
وطرٌ مافيه مـن عيـبٍ سـوى ….. أنـه مــرَّ كلـمـح البـصـر
حيـن لـذّ النـوم شيئـاً أو كمـا ….. هجـم الصبـح هجـوم الحـرس
غـارت الشهـب بنـا أو ربمـا ….. أثـرت فينـا عيـون النـرجـس

…..

أيٌّ شـئ لامـرئ قـد خلـصـا ….. فيكون الـروض قـد مكـن فيـه
تنهـب الأزهـار فيـه الفُرصـا ….. أمِنـت مـن مـكـره ماتتقـيـه
فـاذا المـاء تناجـى والحـصـا ….. وخـلا كـلٌّ خلـيـل بأخـيـه
تُبصـر الـورد غيـوراً بَـرمـا ….. يكتسي مـن غيظـه مـا يكتسـى
وتــرى الآس لبِيـبـا فهـمـا ….. يسـرق السمـع بأذنـي فــرس

…..

يا أهَيلَ الحي مـن وادي الغضـا ….. وبقلبـي مسـكـنٌ أنـتـم بــه
ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا ….. لا أبالـي شرقـه مـن غـربـه
فأعيدوا عهـد أنـس قـد مضـى ….. تعتقـوا عبدكـم مــن كـربـه
واتقـوا الله ، وأحيـوا مغـرمـا ….. يتلاشـى نفـسـاً فــي نـفـس
حبـس القلـب عليكـم كـرمـا ….. أفترضـونَ عـفـاء الحُـبُـس

…..

وبقلـبـي منـكـم مـقـتـربٌ ….. بأحاديـث المنـى وهـو بعـيـد
قمـر أطلـع مـنـه المـغـرب ….. شقوة المضني بـه وهـو سعيـد
قـد تسـاوى محسـنٌ أو مذنـبٌ ….. فـي هـواه بيـن وعـدٍ ووعيـد
أحـور المقلـة معسـول اللمـى ….. جال في النَّفْـس مجـالَ النَّفَـس
سدد السهـم فأصمـى إذ رمـى ….. بـفـؤادي نبـلـه المـفـتـرس

…..

إن يكـن جـار وخـاب الأمـل ….. ففـؤاد الصَّـبِّ بالشـوق يـذوب
فـهـو للنـفـس حبـيـب اول ….. ليس في الحب لمحبـوب ذنـوب
أمــره معـتـمـل ممـتـثـل ….. في ضلوع قـد براهـا وقلـوب
حكـم اللحـظ بــه فاحتكـمـا ….. لم يراقب فـي ضعـاف الأنفـس
ينصـف المظلـوم ممـن ظلمـا ….. ويجـازي البَـرَّ منهـا والمُسِـي

…..

مـا لقلبـي كلمـا هبـت صبـا ….. عاده عيـدٌ مـن الشـوق جديـد
جلـب الهـم لــه والوصـبـا ….. فهو للأشجان فـي جهـدٍ جهيـد
كـان فـي اللـوح لـه مكتتـبـا ….. قـولـه : إن عـذابـي لشـديـد
لاعجٌ في أضلعـي قـد أضرمـا…..فهي نـارٌ فـي الهشيـم اليبـس
لم يـدع فـي مهجتـي إلا ذِمـا ….. كبقـاء الصبـح بـعـد الغـلـس

…..

سلمي يا نفس فـي حكـم القضـا ….. واعمري الوقت برجعي ومتـاب
ودعي ذكـر زمـان قـد مضـى ….. بين عُتبى قـد تقضـت وعتـاب
واصرفي القول الى مولى الرضى ….. ملهـم التوفيـق فـي أم الكتـاب
الكريـم المنتـهـي والمنتـمـي …..أسـد السـرج وبـدر المجـلـس
ينـزل النصـر علـيـه مثلـمـا ….. ينـزل الـوحـي روح الـقُـدس
مصطفـى الله سَمِـيٌّ المصطفـى ….. الغنـي بالله عـن كــل أحــد
مـن إذا ماعَقـد العهـد وفــى ….. وإذا مـا فتـح الخطـب عـقـد
من بني قيس بـن سعـد وكفـى ….. حيث بيت النصر مرفـوع العَمَـد
حيث بيت النصر محمًّي الحمـى ….. وجَنى الفضـل زكـي المغـرس
والهـوى ظـل ظلـيـلٌ خيـمـا ….. والنـدى هـبَّ الـى المغتـرس

…..

هاكهـا ياسِبـطَ أنصـار العُلـى ….. والـذي إن عثـر الدهـر أقـال
غـادةً ألبسهـا الحـسـن مُــلا ….. تبهـر العيـن جـلاءً وصـقـال
عارضت لفظـاً ومعنـى وحلـى ….. قول مـن أنطقـه الحـب فقـال:
هل درى ظبي الحمى أن قد حمى ….. قلب صـب حَلَّـه عـن مكنـس
فهـو فـي حـر وخفـقٍ مثلمـا ….. لعبـت ريـح الصبـا بالقـبـس

‎ابن الخطيب (مفكر حر)؟

About لسان الدين بن الخطيب

هو لسان الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن الخطيب، في غرناطة, درس لسان الدين الطب والفلسفة والشريعة والأدب. ولما قتل والده سنة 741 هـ في معركة طريف كان مترجماً في الثامنة والعشرين، فحل مكان أبيه في أمانة السر للوزير أبي الحسن بن الجيّاب. ثم توفي هذا الأخير بالطاعون الجارف فتولى لسان الدين منصب الوزارة. ولما قتل أبو الحجاج يوسف سنة 755 هـ وانتقل الملك إلى ولده الغني بالله محمد استمر الحاجب رضوان في رئاسة الوزارة وبقي ابن الخطيب وزيراً. ترك ابن الخطيب آثاراً متعددة تناول فيها الأدب، والتاريخ، والجغرافيا، والرحلات، والشريعة، والأخلاق، والسياسة والطب، والبيزرة، والموسيقى، والنبات. ومن مؤلفاته المعروفة (الإحاطة في أخبار غرناطة)، (اللمحة البدرية في الدولة النصرية)، (أعمال الأعلام). أما كتبة العلمية فأهمها: (مقنعة السائل عن المرض الهائل)، وهو رسالة في الطاعون الجارف الذي نكبت به الأندلس سنة 749 هـ، ذكر فيها أعراض ظهوره وطرق الوقاية منه. (عمل من طب لمن أحب) وهو مصنف طبي أثنى عليه المقري في (النفح). (الوصول لحفظ الصحة في الفصول) وهي رسالة في الوقاية من الأمراض بحسب الفصول
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.