من هو الأكثر تقربا لله؟

أولا من كل قلبي أود بالتقدم بالشكر الكبير لمجلتنا العزيزة إيلاف لفتحها باب الحرية الفكرية والإبداع.. الذي أراه من خلال كتابات معظم كتابها.. حتى وإن عتبت بعض الشيء على عدم مراقبة التعليقات الجارحة التي يكتبها بعض المعلقين.

شدّني الحوار الدائر على صفحات إيلاف والذي بدأه الدكتور نجم عبد الكريم في مقالته في 17 -4.. تحت عنوان “” إلى من يعبدون المسيح بدون تشنج “”..

بعدها بيوم واحد فقط.. رد عليه الأستاذ جوزيف بشارة في مقالته ” حول مقال “إلى من يعبدون المسيح “.

ولكن ما حثني اليوم على الكتابة. ليست أي من المقالتين.. ما حثني هي جرأة الأستاذ طاهر مرزوق في مقالته اليوم 20-4 “إلى من يعبدون إله الإسلام “.

.

في محاضرة مفتوحة رتبتها لي مؤسسة

The Humanist Group in London

تحت عنوان “حقوق المرأة حقوق عالمية ولماذا قصّر الله في مساواتها مع الذكر” تحدثت فيها عن إيماني بان حقوق المرأة يجب ان تتخطى كل الحدود بما فيها الحدود الدينية والتقاليد.. وبأن هذه الحقوق لا تختلف بين نساء العالم أجمع.. أما موضوع المساواة.. فلقد عمل الرجل من خلال تفسيراته وتأويلاته الدينية وإبقاء على سلطته وإحتكاره للمرأة على إبقائها في منزلة أقل من الرجل..

من ضمن الحوار كان تحدي صريح لسيدة.. لماذا نستعمل الديبلوماسية المطلقة حين نتكلم عن الله.. ولماذا لا نقولها علنا بأن الإنسان إخترع الإله.. وأن الله غير موجود.. لم اندهش من السؤال نظرا لجو الحرية الفكرية الموجود في لندن.. وبمنتهى الإقتناع والديبلوماسية أجبتها.. أولا أن الديمقراطيات التي نعيش فيها تضمن حق وحرية الإعتقاد للجميع.. ثانيا.. بغض النظر عن إيماني بعقيدة أو أخرى فأنني غير مستعدة لإهانة عقيدة أي إنسان مهما كانت هذه العقيدة لأنها حرية شخصية إضافة إلى أنها توارث من أب عن جد.. ثالثا أن إهانة عقيدة أي إنسان ستنفره مما أدعو إليه من التعايش.. وبالتالي فإن رسالتي ودعوتي لهذا التعايش والإحترام المتبادل أهم من إقراري أو إنكاري لوجود الله.. ورابعا وهو الأهم في نظري.. بأنني لم أرى شخصا واحدا عاد من موته ليخبرني سواء عن الله أو عن أي من الأديان أقرب إليه عز وجل…

سيدي القارىء.. في كتاب اللاهوت العربي للكاتب المبدع يوسف زيدان.. ومن خلال قراءاتي المتعددة للعديد من الكتاب الآخرين.. والتي ومن خلالها توصلت إلى قناعات معينة أكدتها تلك الكتب.. تؤكد بترابط الأديان الإبراهيمة الثلاث.. وبترابط الحضارات.. وبالتالي بترابط معتنقي هذه الديانات.. ففي مدينة قريبة لمدينتي وجدت ومن عائلتي ذاتها من يعتنقون المسيحية.. بما يعني بأن فرع عائلتي هو من إعتنق الإسلام فيما بعد ربما إيمانا.. وربما أيضا تهربا من دفع الجزية!! ووجدت من عائلات أخرى نصفهم مسلمون وآخرون من نفس العائلة يعتنقون اليهودية.. ربما لأن اليهودية كانت الديانة الأصل والأولى..

وعليه فإنه وكما ان هناك العديد من التساؤلات في الديانة المسيحية.. هناك العديد من التساؤلات في كلتا الديانتين أيضا.. فمثلا..

كتبت في مقالة سابقة عن دور خديجة في حياة النبي.. وعن طموحها لأن يكون للعرب نبيا وكتابا كما لليهود وللنصارى.. ثم دور القس ( إبن عمها ) ورقة بن نوفل وعلاقته الحميمه مع النبي (سلام الله عليه ) والذي قال وبعد حزنه الشديد على وفاته بانه خاف أن يتركه الوحي بممات ورقة بن نوفل.. وأن الكاتب الحريري حاول في كتابه قس ونبي أن ’يثبت بأن الجزء المكّي من القرآن ليس إلا ترجمة للإنجيل العبراني التي كان يقوم بها القس ورقة بن نوفل؟؟

كلنا درسنا في طفولتنا عن الحج كفرض من فروض الإسلام.. ولكن ما لم نكن نعرفه عن الحج.. أن أول من عرف بأهميته وضرورته الإقتصادية لقريش.. هو قصي بن كلاب. الجد الخامس للنبي.. والذي كان يامل ويطمح للنبوة.. كما ورجال آخرون كثر في قريش والقبائل الأخرى.. ولكنه كان الأبعد نظرا.. حين طلب من قريش السكن حول كعبة مكة لضمان الأمن من غزو القبائل الأخرى.. وللترويج لها عن طريق حسن وفادة الحجاج.. ليفضلوها عن الثلاثة وعشرون كعبة أخرى كانت موجودة ومن ضمنها كعبة نجران..

لقد درسنا في مدارسنا بأن بئر زمزم.. هو ما حفرة النبي إسماعيل بيديه حين تركة والده النبي إبراهيم وأمه هاجر في مكه بعد أن طردتهم زوجته الأولى سارة.. ولكنني وجدت ومن خلال كتب التراث بأن جد النبي الأول عبد المطلب.. هو من حفر زمزم لسقاية الحجاج.. وأنه أيضا كان يحلم بالنبوة.. وأيضا تكلم عن الملكين اللذان شقا صدرة لإخراج الشيطان من قلبه.. وهي القصة المشابهه لقصة النبي سلام الله عليه..

وأن ركض هاجر ما بين الصفا والمروة هلعا على ما سيحدث لها مع صغيرها في صحراء قاحله.. أصبح شعيرة من شعائر الحج..

بمعنى أن الحج كان موجودا ومعمولا به قبل الإسلام..وأن الإسلام أخذ به تماما وكما كان ايام الجاهلية فيما عدا الطواف بالملابس بدلا من الطواف بدونها كما كان يحدث في الجاهلية.

نعم لقد إرتبطت الأديان بالقصص والأساطير.. وحان الوقت لكي نتخلص من هيمنتها على عقولنا.. ومن بنائها لجدران التفرقة بيننا كبشر..ولكن بدون جرح مشاعر معتنقي أي من الديانات.. وإلتزام الموضوعية القصوى في التساؤل فيما قد ما يشوب هذه الأديان من تساؤلات يجب أن تخضع للمسؤولية الفكرية والموضوعية التامة.. والأهم الحكمة فيما هو القصد من ورائها..

في إحدى عيادات لندن.. قابلني الطبيب البنغلاديشي الأصل بإبتسامة عريضة بعد أن عرف من إسمي أنني من أصول عربية.. وأخبرني بكل إعتزاز أنه ذهب للعمرة السنة السابقة.. وبدون أن أدري وجدت نفسي أقول له.. ألا تعتقد أنه قد يكون من الأجدى وتقربا لله لو أنك أنفقت هذا المبلغ على تعليم احد المحتاجين في دولتك الفقيرة.. بل وربما بناء مسكن لعائلة لا تجد سقفا.. أو لأناس يتضورون جوعا..؟؟؟

أندهش الطبيب من ردي العفوي.. وحار في الإجابه ربما لأن ما عرضته يمثل منطقا جديدا لم نتعود نحن المسلمون على إستعمالة…

ولكني وحين فكرت مليا في الموضوع.. وجدت انه أقرب للمنطق من زيادة الأموال السعودية والتي وبحمد الله ليست بحاجة إلى زيادة.. فإضافة إلى عائدات النفط.. بلغت إيرادات المملكة من موسم الحج السنة السابقة 16 مليار دولار.. هذا إضافة إلى إيرادات العمرة التي لا تنقطع طيلة السنة.. ترى ماذا سيكون الرد لو ’سئل النبي سلام الله علية الآن ما هو الأهم والأكثر تقربا لله عز وجل.. هل زيادة أموال السعوديين أم مساعدة فقراء المسلمين؟؟؟ 

نحن وفي القرن الحادي والعشرين في امس الحاجة للترويج للأخذ من القيم الأخلاقية للأديان كلها.. لنستطيع العيش والتعايش وفي بناء علاقات إنسانية تؤكد إنسانيتنا كبشر مرتبطين ببعضنا الآخر بدلا من مناظرات بين رجال الدين يحاول كل منهم إثبات بان دينه هو الأصح والأحق بأن ’يعبد.. ثم يتنافس كل منهم في بناء أفخم كنيسة.. وأكبر وأفخم مسجد بينما البعض من معتنقي هذه الديانات يتضورون جوعا وفقرا..

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية

About أحلام اكرم

كاتبة فلسطينية تهتم بحقوق الانسان منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية سعدت كثيرا حين وجدت مقالاتي منشورة على منبر المفكر الحر .. ولكن ما أود أن ألفت إنتباه المرحرر والقراء وللصدق فقط بانني وإن كنت أعتشق مصر وأكن الكثير من الحب والإحترام لمصر ولشعبها الكرام .. ولكني لا ولن أتنكر لأصولي الفلسطينية .. فأنا من أصل فلسطيني .. درست وتخرّجت من جامعة الإسكندرية .. وإن ندمت على شيء فهو عدم معرفتي أو علمي بما تحمله الإسكندرية من تاريخ عريق قرأت عنه في كتب الأستاذ يوسف زيدان .. أعيش منذ سنوات كثيره في لندن .. فيها تعلمت الحب .. والإنسانية والحياة .. ولكني لم أغلق عيني وأذني عن رؤية الجوانب السلبية أيضا في الثقافة الغربية .. وبكن تحرري وتحريري من العبودية التي شلّت تفكيري لزمن طويل .. هو الأساس الذي ثني على الكتابة علّني أستطيع هدم الحواجز بيننا كبشر .. وهي الحواجز التي إخترقتها حين إستعدت إنسانيتي وأصبحت إنسانة لا تؤمن بالحواجز المصطنعه .. وأروّج للحقوق العالمية للمرأة .. مع شكري العميق للمفكر الحر .. وتقديري للقراء ..
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.