من داخل عالم أردوغان (1-5): غضب وهوس

يستيقظ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بين الخامسة والسادسة صباحا. يجري بعض التمرينات الرياضية، ثم يرتدي ملابسه ويستعد للإفطار.
وجبته الأولى غالبا ما تكون خفيفة، بسبب إصابته بمرض السكري. وخلال الإفطار يحب قراءة الصحف التي تغطي سياسته بشكل إيجابي وتنتقد معارضيه، مثل صحيفة صباح المملوكة لأصدقائه.
يتوجه أردوغان الذي يبلغ من العمر 64 عاما بعد ذلك إلى القصر الرئاسي حيث يلتقي الوزراء والدبلوماسيين والموظفين، ويظل هناك حتى منتصف الليل.
هكذا يبدو يوم الرئيس التركي الذي يصفه بعض المسؤولين الحكوميين بـ”البطريرك القوى”.
نوبات غضبه المتفجرة التي غالبا ما تكون مصحوبة برمي أجهزة “أي باد” على الموظفين، معروفة للجميع.
موقع ذا بلاك سي، بالتعاون مع مجلة دير شبيغل الألمانية، أجرى مقابلات مع مسؤولين وموظفين ومقربين من دائرة صنع القرار في تركيا، ونشر تقريرا يكشف جوانب خفية في شخصية أردوغان.
وحسب التقرير، يصف دبلوماسي أوروبي شخصية الرئيس التركي بـ”غير المتوقعة … إنه يقنعك بأدبه وأسلوبه الناعم … لكن لاحقا يدمر نيته الحسنة، بلحظاته المجنونة لسبب غير مفهوم”.

أردوغان خلال خطاب في ملعب بأنقرة
​ماذا يشاهد أردوغان على التلفاز؟
في شبابه، لعب أردوغان كرة القدم بشكل شبه احترافي في نادي قاسم باشا في إسطنبول. وحتى الآن يحب الرئيس التركي إحاطه نفسه برياضيين. وكان طاقمه الاستشاري يضم مصارعا ولاعب كرة سلة.
لا يحب أردوغان القراءة، حسب ما يقول تقرير ذا بلاك سي، لكنه يفضل مشاهدة التلفاز.
يشاهد قناة
A-Haber
التركية التي تنتقد معارضيه دائما في مكتبه وفي سيارته. ولأنه لا يجيد الإنجليزية، لا يشاهد أردوغان الإعلام الغربي، لكن موظفيه يترجمون له أهم ما يقال عنه، فالرجل مهووس بما يقال يكتب في الصحف الغربية.

شغف أردوغان بالدولة العثمانية، جعله لا يفوت أيا من حلقات مسلسل “عاصمة عبد الحميد” الذي يتحدث عن حياة السلطان عبد الحميد الثاني آخر سلاطين الدولة العثمانية الأقوياء والذي وصفه مؤرخون بـ”السلطان الدموي” نتيجة لطريقه حكمه القاسية.


وشهدت تركيا في عهد أردوغان تقلصا كبيرا للحريات الفردية وحرية التعبير، خاصة بعد انقلاب 2016 الذي استغله لاعتقال صحافيين وأكاديميين وموظفين في كل مؤسسات البلاد.
ويعتقد الرئيس التركي أن إنشاء الجمهورية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 كان خطأ تاريخيا، ولذلك يسعى لإعادة ما يراه “أمجاد الدولة العثمانية” التي امتدت من الشرق الأوسط حتى البلقان.

أردوغان خلال أحد خطاباته وتظهر بجواره صورة مصطفى كمال أتاتورك
​مفترق طرق
بعد تعديل الدستور ومنح صلاحيات واسعة للرئيس على حساب منصب رئيس الوزراء، يسعى أردوغان لتدعيم قوته في تركيا من خلال الانتخابات الرئاسية والعامة المبكرة التي تعقد في 24 من حزيران/يونيو.
لكن استطلاعات الرأي تشير إلى تقلص شعبيته مؤخرا وسط أزمة انهيار العملة التي تشهدها البلاد، وهو ما يجعله يعيش في حالة من القلق، فالرجل يعرف أن مصيره في حالة الهزيمة سيكون مجهولا.
يشير تقرير ذا بلاك سيي إلى أن القصر الرئاسي يعيش وقتا عصيبا بسبب هذه التوقعات، في وقت لا يجرؤ أحد من المقربين من أردوغان الحديث معه عن احتمالية الخسارة، وسبل الخروج الآمن.
الرئيس التركي عازم على تحقيق الانتصار مهما كان الثمن، وهذا قد يفسر الطريقة التي تحدث بها مع مجموعة من مسؤولي حزب العدالة والتنمية الحاكم حول ممارسة الضغط على الناخبين الذين سيصوتون لحزب الشعوب الديموقراطي الكردي.
وتبدو تركيا الآن أمام مفترق طرق، فإما أن يعزز أردوغان سلطاته، وإما أن يواجه مصيرا مجهولا في حالة خسارته، بينما لا يتوقع أحد أن يسلم أردوغان السلطة بسهوله في حالة فوز المعارضة.
ويبدو أردوغان الرجل القوي في تركيا متوجسا بسبب احتمال خسارته للسلطة، حسب تقرير ذا بلاك سي الذي يورد تصريحات لمسؤولين ودبلوماسيين يعرفون الرئيس التركي.
ووسط حالة القلق هذه، لا يبدو أن أردوغان يثق في من حوله، بل أصبح يعول أكثر على عائلته، في انتظار تاريخ الـ24 من حزيران/يونيو.
منقول عن موقع الحرة

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.