مغامرة رأس المملوك جابر 6

سعد الله ونّوس

الحكواتى : كانت عدة الرحيل جاهزة . وعندما تهيأ المملوك جابر لاعتلاء جواده ، عانقه الوزير وسط دهشة الحاضرين ، وتمني له السلامة .. ثم أمر أن يرافقه بعض المماليك إلى باب المدينة ، حتى يتأكدوا من خروجه بأمان ، ومن باب سري في القصر ، خرج الجميع يتقدمهم جابر ، وساد الترقب والقلق حتى عاد المماليك يحملون بشارة النجاح ، وخروج الصمت الذي عانقه وزير بغداد ، وخرج يحمل سرا خطيراً ، وتنتظره إذ يعود هبة وفيرة . .
(يدخل المملوكان ياسر ومنصور، يلبسان ثياب القتال ، ويحملان السلاح كأنهما في معركة ، يضعان ديكورا لبرج مراقبة على أحد أسوار القصر ، ويتخذان وضعية الحراسة منصور مطبق الملامح ، يبدو عليه الضيق ، ياسر مرتبك ، يعكس وجهه رغبة في الكلام ، ولكن ملامح منصور لا تشجعه … يمتد بينهما صمت ثقيل . يتململ ياسر . يرمق زميله بعين حذرة وفي النهاية يتغلب على تردده ، ويبدأ الكلام ، حديثه مقطع في البداية ) . .
ياسر : يا حفيظ . مثله يجب أن يعلق خرزة زرقاء ، ويتقى شر الحاسدين ( صمت ) مثله يحسد حقا . ( صمت ) رأيته ينسل من بينهم كما تنسل الشعرة من العجين ، خرج ضاحكاً وأنه يتجول في ردهات هذا القصر ( صمت ) لو لم أكن أحد الذين رافقوه لما صدقت أنه يفلت من الحراس بهذه السهولة يا حفيظ .. يخطف الكحل من العين لو أراد ( صمت ) لا أحد يجرؤ على مواجهة نظراتهم أما هو فقد مازحهم وأضحكهم لم نصدق عيوننا ، لكنهم كانوا يضحكون .
بالفعل وكأنه يدغدغهم ( صمت ) لديه بداهة لا تخونه أبداً . أراد واحد منهم أن ينهب زوادته ، فواتته الحيلة على الفور ، ولم يفقد لقمة الخبز ( يضحك ) سمعت بعضا من حديثه ، روى حكاية عجيبة عن امرأته التي تدبر قتله ، لأنها تؤثر عشيقها عليه . وقال إنه اكتشف السم مراراً في طعامه ، ويخشى أن تكون قد فعلتها هذه المرة أيضاً ( يضحك ) آه .. لو رأيت الحراس كيف نفضوا أيديهم بخوف ، وتجنبوا الزوادة كأنها قطة ميتة . لم يفقد ولو لقمة خبز ( لحظة صمت طويلة .. يستأنف الكلام بعدها ، وقد اختلج صوته نبرة حالمة ) سينال كل ما يشاء لن تخيب له رغبة قط يا حفيظ .. لديه كل الإمكانيات اللازمة لينال ما يشاء ، من كان يتخيل أن هناك رجلاً يجرؤ على ركوب هذه المخاطرة ! ألا تذكر .. كنا معا عندما نبتت في رأسه الفكرة . حسبناه أحمق .. لا شك أنه أبرعنا جميعاً . انقض على الفرصة كالباشق ، ونالها مثل الباشق ، لو أن لي قليلاً من ذكائها طافت في ذهني بعض الأحلام . يا حفيظ . خرج من بغداد كما يخرج إلى النزهة : رجل مثله يجب أن يتقي شر الحاسدين .
منصور : ( يفقد هدوءه . ينفجر بصوت نافد الصبر ) ورجل مثلك يجب أن يردموا فمه بالحجارة ، ويسدوه بالطين . أوقف هذا النول . منذ ساعة وأنت ترغى … ألا تترك سيرته لا أريد أن أسمع شيئاً عنه . .
ياسر : أيغضبك حديثي ؟ يا حفيظ .. أعرف أنك تحبه كثيراً . .
منصور : أحبه ! أنا أحبه ! ليت الطاعون أنك تحبه . الغضب لا يخفي حزنك . ( لحظة صمت ).
زبون 2 : ( ينتهز فرصة الصمت ) ردنا إلى جابر يا عم مونس . .
ياسر : ( يتابع كلامه ) يا حفيظ .. أحياناً أشعر أني لا أفهمك يا منصور . لماذا يغضبك ما أفعله ؟ أهناك من يملك القدرة على اقتناص فرصة كهذه ، ويتركها !.
منصور : ( منفجرا ) تسميها فرصة ! لا فائدة … لن تروا أبعد من أنوفكم .. يلقي بنفسه وهو معصوب العينين في دوار جياش .. أهذا ما تسميه فرصة ؟ .
ياسر : دوار جياش ! يا حفيظ … ولكن في هذا الدوار امرأة جميلة وثروة كبيرة . وفوق هذا ما يشاء من المراتب ، إنه يرى جيدا ماذا يوجد أمامه ، ليس جابر بالرجل المعصوب العينين .
منصور : المرأة والثروة .. نعم .. هذا كل ما يراه . وخلفهما هل يرى أن في الدوار يجيش الهلاك أيضاً ؟ هلاكه . وربما هلاكك أنت الذي تتحدث بغباء ، وتحلم بفرصة ، وربما هلاكي أنا وربما هلاكنا جميعاً .
ياسر : ( خائفاً ) إنك تقسو وتبالغ : يا حفيظ . أحياناً لا أفهمك . الهلاك يحيط بنا دائماً سواء ذهب جابر أم بقي . .
منصور : ( حزينا .. كأنه يحدث إلى نفسه) طبعا يحيط بنا. كيف لا تريده أن يحيط بنا ! الأذكياء يلقون بأنفسهم معصوبي العيون في الدوارات . لا يلمحون فيها إلا نساء وثروات والأغبياء مثلك يحسدون الأذكياء ، طبعاً أن الهلاك يحيط بنا كرطوبة هذا الليل . .
ياسر : كلماتك قاسية ولها وخز . لا شك أنك حزين وغاضب أحياناً أشعر أني لا أفهمك يا منصور . .
منصور : ( وهو ينصرف ) ولهذا ستموت سعيدا.
ياسر : يا حفيظ لا شك أنه غاضب وحزين .
( يحمل قطع الديكور ، ويخرج هو الآخر ) .
زبون 3 : عد بنا إلى جابر .
زبون 2 : لا نريد أن نفارقة خطوة واحدة حتى نهاية القصة .
زبون 1 : تلذنا أخباره أكثر من الجميع . .
الحكواتي : وكان جابر يقطع الفيافي والقفار . يتحسس رأسه ، حيث خط الوزير رسالته ، فيغمر الفرح جوانحه . كأن يهمز جواده ، وينطلق سريعا .. سريعا كالسهم . يغني وهو يقطع الفيافي قاصدا بلاد العجم .
( يظهر جابر . يمثل إيمائيا وصف الحكواتي لسفره عبر الفيافي والقفار يصاحب الإيماء صوت خبب الجواد ) .
جابر : الطريق الذاهبة إلى بلاد العجم متعرجة وطويلة . أما الطريق العائدة من بلاد العجم فهي مستقيمة وقصيرة . البراري خضراء وملونة لكنها ساكنة . ولا تستطيع أن تهمز جوادها مثلي . الشمس متوهجة ، تتألق كالعروس ، لكنها مقيدة بدورتها . ولا تستطيع أن تهمز جوادها مثلي . أقسو على حوافز جوادي لأني مليء بالأشواق . كل ما ينتظرني لا يحب الصبر أو الفراق . لا الزوجة ، ولا الثروة ، ولا المراتب . المرأة يرتخي حزام سروالها إن طال انتظارها . والثروة تتخاطفها الأيدي إن طال انتظارها . والمراتب يسرقها الطامعون إن طال انتظارها . أقسو على حوافر جوادي لأني مليء بالأشواق كل ما ينتظرني لا يحب الصبر أو الفراق الطريق الذاهبة إلى بلاد العجم متعرجة وطويلة . أما الطريق العائدة من بلاد العجم فهي مستقيمة وقصيرة . انطلق يا جوادي .. انطلق كريح ، أو كسحابة كل ما ينتظرني ..
( ويخرج مختفيا .. ) .
الحكواتي : هذا ما كان من جابر . أما أهل بغداد ، فلم يكونوا يعرفون ما يخرج من مدينتهم ، أو كيف تتطور الأحداث من حولهم .
زبون 4 : مساكين .دائما مثل الأطراش بالزفة .
الحكواتي : يبتهلون ، ويلبدون خائفين صابرين الخناق يضيق عليا أعناقهم ، والجوع يعصر ماءهم . وفوق هذا بدأ الحراس يقتحمون البيوت . لينتزعوا للخليفة ضريبة مقدسة .
( يظهر الرجلان الثاني والثالث من عامة بغداد ، ثم يأتي الرجل الرابع ، فيجلس قربهما هادئا كعادته يطوق الحزن وجهه ) .
الرجل الثاني : ( بعد لحظة ) طالت هذه المرة .
الرجل الثالث : طالت وصارت الحياة عسيرة .
الرجل الثاني : على كل حال .. تنبأ المنجمون بأن هذه السنة ستكون صعبة على العباد .
الرجل الثالث : الله أرحم الراحيمن .
الرجل الرابع : ( بلهجة هادئة ) وحق الله . ما رأينا أقل بكثير مما سنراه والأيام تخبئ لنا مفاجآت صعبة . .
الرجل الثاني : أتشتغل بالتنجيم أيضا .
الرجل الرابع : أنا لم أصغ في حياتي إلى ما يقوله المنجمون . لكني أحاول بما أستطيع أن أرى وأسمع . والنذر كثيرة حولنا ، لمن يريد أن يرى .
الرجل الثالث : يا سيدي نرى أو لا نرى . المهم أن تنتهي هذه المحطة ونكسب السلامة .
الرجل الرابع : وحق الله .. لن تكون النهاية سهلة كما نتمناها . الوزير دبر شيئا فيما يبدو ، وجيوش الولايات ستزحف نحو بغداد ملتهمة في طريقها الأخضر واليابس كلاهما يحوك شبكته ليصطاد بها الآخر . ولا تزال أمامنا مفاجآت قاسية . .
الرجل الثالث : ليحركوا ، وليدبوا ما يشاؤون . هذا شأنهم .. أما نحن فلا نطلب إلا الفرج .
الرجل الثاني : الفرج واستقرار الأوضاع على حال . .
الرجل الثلث : أي حال أن يتم بينهما الوفاق ، أو ينتصر أحدهما على الآخر .
الرجل الثاني : المهم أن ننتهي .
لا هذا أبونا ولا ذاك أخونا .
زبون 2 : ومن يتزوج أمنا ننادية عمنا .
الرجل الرابع : ولكن هل تعلمان أن الشباك تحاك من جلودنا أي وحق الله من جلودنا .
الرجل الثاني : ( بغضب ) دع جلودنا بعيدا . لا ينطلق لسانك إلا بالشؤم يكفي ما نحن عليه . .
الرجل الثالث : وما أهمية قولك أو قوله المقدور مقدور .
الرجل الرابع : لا يريد أحد أن يرى .
( تدخل المرأة الأولى وهي تولول . يلتفت إليها الجميع ) .
المرأة الأولى : الله أكبر على الظالمين .. ظلم . والله ظلم كنسوا البيت ، ولم يتركوا فيه شيئا كان لدينا كيل من البرغل فأخذوه . وأخذوا الطنجرة أيضا . من أين نأكل الآن ؟ هل نطبخ التراب ؟ هل نسلق الحجارة أ روث الماشية .
الرجل الثالث : ماذا هناك أيتها المرأة ؟.
الرجل الثاني : اهدئي . اهدئي .
المرأة الأولى : ( ما تزال تولول ) دفعوا الباب ، ودخلوا البيت كانت السيوف تلمع بأيديهم . قالوا إنهم يريدون ضريبة لمولانا الخليفة .
الرجال الثلاثة : ( بأصوات متفاوته ومليئة بالدهشة ) – ضريبة ضريبة لمولانا الخليفة ضريبة ؟ .
المرأة الأولى : أي نعم ضريبة مقدسة لتأييد مولانا الخليفة . هذا ما قالوه . ومن أين لي أن أدفع ضريبة ؟ لو كانت روحي وأرواح أطفالي معلقة بثلاثة قروش ، لما استعطت افتداءها . لاعمل ولا مكسب ولا شيء . كنا نسلق كل يوم قبضة من البرغل وننتظر الفرج أما الآن . أخذوا كل شيء . إنهم يدورون على البيوت يأخذون ما تحت الناس وما فوقهم ، إن لم يدفعوا ما عليهم .
الرجل الثالث : شيء لا يصدق … ضريبة جديدة في هذا الوقت .
الرجل الرابع : وحق الله … إنه أمر محتوم في هذا الوقت .
الرجل الثاني : اللهم نجنا بالكاد . بالكاد نجد ما نأكله . ومن أين ندفع الضريبة هل قلت إنهم يدورون على البيوت ؟.
المرأة الأولى : والآن .. ماذا أفعل الآن ؟ كيف أطعم صغاري ؟ من أين أتسول لهم لقمة تسد الرمق ( وهو تبكي ) يا رب .. ما هذا الذنب العظيم . .
الرجل الثالث : ( وهو يتنهد ، ويمضى بدوره ) ماذا نفعل ؟ نصبر والله مع الصابرين .
الرجل الرابع : ما هي إلا البداية . وحق الله .. إني أرى جلودنا مسلوخة والآتي أدهي وأقسى .
الرجل الثالث : ( بحدة قبل أن يمضى ) سلخت أم لم تسلخ .. ماذا نستطيع أن نفعل ؟.
الرجل الرابع : ما أعرفه على الأقل ، هو أن ما نفعله لا يقودنا كما ترى إلا إلى الأمان .
الرجل الثالث : ولكن أيها الرجل الذي يتبجح كثيرا بالكلام . قل لي هل تستطيع العين أن تقاوم المخرز ؟.
الرجل الرابع : وحق الله .. لا بد أن ذلك ممكن .
الرجل الثالث : نعم .. إذا كان المرء أعمى ( ويمضى ) .
الرجل الرابع : ( ينظر إليه بحزن ) أهذا ما تقوله لا شك إذن أن الآتي أدهي وأقسى ..
المرأة الأولى : والآن .. لم يبق لنا شيء .
الرجل الرابع : ( وهو ينهض أيضا ) إلا البكاء والانتظار كالآخرين ( يمضى .. ثم تتبعه المرأة وهي تبكي ) .
الحكواتي : وبعد طول تعب ومخاطر ، وصل المملوك جابر إلى بلاد العجم . ومن شدة لهفته للإياب ، لم يحس بالتعب ، ولا بمشقة الطريق . اتجه من فوره إلى قصر الملك ” منكتم ” يطلب المثول بين يديه . وكان يقول في نفسه .. عندما أخرج من هذا القصر أكون رجلا ذا شأن . وتناوله حارس من حارس في دهاليز قصر كالمتاهة . حتى دخل على ديوان الملك الذي تهتز لسطوته القلوب ، وأقدام أشجع الرجال .
( يظهر ديوان الملك منكتم بن داود … وهو فاخر الرياش ، وشبيه بديوان كل من الخليفة والوزير ، الملك منكتم يجلس على العرش ، وإلى جواره ابنه هلاوون . يؤدي الدورين الممثلان اللذان أديا دوري الوزير وعبد اللطيف ، وثانيا دوري الخليفة وعبد الله . تتسم ملامح الملك منكتم بالغطرسة واللؤم ) .
جابر : ( التعب باد عليه .. ينحني بإجلال كبير ) السلام على مولاي .. ملك الملوك وسلطان السلاطين منكتم بن داوود . .
الملك : من أنت ؟ وماذا تحمل ؟.
جابر : أنا عبدكم جابر .. وأحمل رسالة من سيدي وزير بغداد . محمد العبدلي .
الملك : رسالة من وزير بغداد ، هل انتهى أخيرا من التردد ، وضرب الأخماس بالأسداس .
جابر : عبدكم لا يعرف شيئا مما هو مخطوط في الرسالة .
الملك : هاتها إذن ( يتردد جابر ، وهو يراقب هلاوون ) ماذا تنتظر ؟.
جابر : الرسالة سر خطير .. وأوصاني سيدنا الوزير ، أن أسلمها لمولاي الملك على انفراد .
الملك : ( يغضب ) أتملون علينا شرطا هذا ابني هلاوون ، ولا أخفي عنه شيئا ، فهات الرسالة بالعجل ، قبل أن أجعل رأسك بين قدميك .
جابر : ( مرتعد ) العفو يا مولاي .. ما أردت إثارة غضبكم ، أو إساءة الأدب أمامكم . ( يتقدم مبالغا في الاتضاع والتأدب ) هو ذا الكلمات .
الملك : ( مندهشا ) الرسالة مخطوطة على رأسك فكرة ظريفة والله .. الحذر لا ينقص وزير بغداد . ولعل وراء حذره ما يسر من الأنباء .. هلاوون هات موسا واحلق شعر هذا المملوك لنرى ماذا خط لنا وزير بغداد في الحال يا أبت ..
( يتجمد المشهد كله على صوت الحكواتي . يخرج هلاوون ، ثم يعود .. وتتم الحلاقة بحركات قاسية وعبر مشهد إيمائي ، تلاحق الحركات فيه كلمات الحكواتي ) .
الحكواتي : وخرج هلاوون ، وعاد يحمل موسا . وبيد يعجلها الفضول حلق لجابر شعره ، فبانت تحته رسالة الوزير مخطوطه بمداد لا يمحى . قرأ الملك ” منكتم ” الرسالة ، ثم أعاد قراءتها وجابر مطرق في الأرض حابسا أنفاسه ، وحالما بالعودة .
وهمس الملك لابنه بكلمات لم يسمعها أحد ، فخرج هلاوون مرة أخرى من الديوان . .
الملك : ( مبتسما ، والخبث يلون لهجته ) قرأنا الرسالة أيها المملوك . وسننفذ ما يطلبه وزيركم منا ؟ قل … أما زال يحب النشوق كما أعرفه ؟.
جابر : أي والله يا مولاي .. علبة النشوق لا تفارق جيبه ، وأفضل هدية ترسلونها مع الجواب ، هي صندوق من النشوق العجمي . لن ينسى هديتكم ما عاش . .
الملك : سنرسل له إذن كل ما في بلاد العجم من النشوق . ولكن هل تستطيع أن تحملها ؟.
جابر : من أجل مولاي الملك ، وسيدى الوزير ، مستعد لتحمل كل الصعاب . لكن أرجو أن يتكرم مولاي فيسمح لي بالعودة سريعا إلى بغداد . .
الملك : أتحب بغداد إلى هذا الحد .
جابر : هناك من ينتظرني فيها ( يدخل هلاوون ، ومعه ” لهب ” وهو رجل ضخم الجثة . أقرع الرأس ، له شاربان كثان ووجه جامد الملامح مخيف .. ) .
الملك : ( بابتسامته الخبيثة ) إذن .. قده إلى بغداد يا لهب ..
لهب : ( منحنيا انحناءة خفيفة لا تخفي قسوته ) سمعا وطاعة يا مولاي .. .
جابر : ( حائرا ) مولاي .. ولكني .. ( لهب يمسكه من ذراعه بعنف ويجره وراءه . جابر مشدوه لا يعرف ما يقول . يبقي في الديوان الملك وابنه ) .
الملك : أصبحت الريح مواتية للسير إلى بغداد يا هلاوون .
هلاوون : أنتظر هذه الريح منذ وقت طويل هل أجهز الجيش ؟ .
الملك : تبدو متلهفا للحرب ؟.
هلاوون : لن أكون قائدا جديرا بجيش الملك منكتم بن داوود ، قبل أن أدك صروح بغداد .
الملك : إذن .. جهز الجيش ، وأعد العدة . ستكون لك بغداد وسينعقد لك لواء القيادة ، إنما أريد أن يتم كل شيء .
بسرية . لا ينبغي أن تشيع أبدا أنباء حملتنا . سيكون هجومنا صاعقا وماغتا ، لا ينبىء عنه غبار ، ولا حامل أخبار . وبما أن لدينا من يفتح الأبواب ، فستفقد بغداد هيبتها ، وتنهار تحت حوافر خيولنا .
هلاوون : معنى هذا أنه ليس أمامنا طويل للوداع . .
الملك : مع الفجر ينبغي أن يزحف الجيش بكامل عدته ، وعتاده جيشنا في تعبئة دائمة ، وتكفي ساعات قليلة لاستكمال كل شيء . الإسراع يسهل علينا القضاء على الإمدادات في الطريق ، أو محاصرتها . وعندما تصبح بغداد قريبة ، ينبغي أن يستريح العسكر مختبئا في النهار ، ثم يسير في الليل . هذه هي الطريقة المثلى كي نضمن المباغتة .
هلاوون : هل يمكن حقا الاعتماد على الوزير ورجاله ؟.
الملك : سيكونون كالكلاب .. يلعقون أحذيتنا ، ويطلبون مرضاتنا . أسوار بغداد عاتية يا بني ، وإذا لم أضمن هدمها من الداخل ، لا أرمي بجيشنا إليها يهلك ، وهو يناطح حجارتها . .
هلاوون : لم يبق إذن إلا أن ننفخ بوق النفير .
الملك : يوم مشهود .. بغداد العظيمة ترتخي ، وتتمدد بكل بهائها أمام جيوش ملك العجم . حل قديم لمنكتم بن داود .
ولوالده من قبله . تعال يا بني … سأنفخ البوق معك في هذا اليوم العظيم .
( يمسك الملك منكتم يد ابنه هلاوون ، ويخرجان معا .. ).
زبون 1 : وجابر .
زبون 3 : ماذا حدث له .
الحكواتي : ولم يكن جابر يعرف من هو هذا الرجل الذي يمسكه بقبضة من حديد ، ويجره وراءه غير عابئ بذهوله أو قلقله . ومن دهليز إلى دهليز ، حتى وصل به إلى غرفة بدت غريبة تمتلئ بالسياط والسلاسل والبلطات . وكان ” لهب ” نفسه تفوح منه رائحة شبيهة برائحة المقابر . وكلما سرق جابر نظره إلى وجهه المعدني ، أو تطلع في الغرفة حوله ، شعر قلبه يغوص في أعماقه . والصمت ثقيل يزيد الغم غما ، والخوف خوفا . وحاول جابر أن يبدد رهبة الجو ، فراح يتكلم آملا أن يجعل قسوة مرافقة تلين ، أو لعله يفهم ما يحدث له …
( غرفة ” لهب ” … حجرة ضيقة معتمة ، ذات لون قاتم صدئ . فيها سلاسل ، وبلطات وسياط ، وقاعدة خشبية ثقيلة ملطخة بألوان حمراء وسوداء . على أحد الجدران ثمة رأس معلق . وعلى حائط آخر علق قناع مخيف .. يجول جابر ببصره في أرجاء الغرفة ، فترتعش ملامحه رعبا ، ويبدأ بالتعرق . ” لهب ” صامت ، جامد ، وجهه معدن بارد .. ويبدو شديد اللامبالاة .. ).
جابر : ( يتكلم بلا ضباط .. الخوف والذهول يموجان في عينيه ، ويختلجان في صوته ) أعرف . أعرف … صحيح أن بلادكم بعيدة . ولكن سمعت من بعض الرحالة والمسافرين كثيرا عن عاداتكم . لا تتركون مسافرا يغادر بلادكم الجميلة ، قبل أن تكرموه ، وتعرضوا له ما لديكم من تحف وأشياء . نادرة . والله أعتقد أني سمعت أيضا عن هذه الغرفة . لا شك أن لها قصة هائلة ، يشيب لها الشعر .. ( لهب لا يكثرت به .. فبعد أن يغلق باب الغرفة بالمزلاج ينصرف إلى تحضير بعض الأدوات ) تروي في بغداد قصص مشوقة وجميلة عن بلاد العجم يتحدث الناس أيضا بلعاب يسيل عن لذيذ مآكلكم ، وعاداتكم في الكرم ، وفي إجبار الزائر على تناول كل ما يقدم له ، حتى ولو صارت معدته كبطن الحامل .. والله كنت أتمنى لو أبقي هنا وقتا طويلا .. أتفرج على بلادكم ، وأتعرف على عاداتكم . لا بد أنها عادات لا مثيل لها . ( لهب يسن بهدوء بلطة كبيرة ) ولكن تنتظرني في بغداد أشياء لا تقبل التأجيل ( يحاول أن يضحك بألفة . فتأتي ضحكة صفراء ) إن امرأة يدوخ المرء بمجرد النظر إليها تتزين الآن في بغداد انتظار لعودتي . وأقول لك .. منذ اللحظة التي سلمت فيها الرسالة ، لم أعد مملوكا كسائر المماليك . لقد أجزل الوزير مكافآتي يهيئ لي مركزا مرموقا ، ويزوجني ، ويعطيني ثروة ( يربت على كتفه بتودد ، ويبتسم ) مكافأة مغرية لا يحلم بها رجل ( يهمس وكأنه يتقرب منه ) أنا الذي دبرت الحيلة للخروج بالرسالة من المدينة ، رغم شدة الحراسة على أبوابها . كم كان سروره عظيما لو ترى عناقه عندما أردت الرحيل . لقد عانقني كما أعانقك الآن . ( ويحاول أن يعانق ” لهب ” متظاهرا بالمرح ، لكن الآخر يدفعه بقسوة فيرميه جانبا ) يا الله .. ما أقوى ذراعك ولكن لا تبدو مرحا . ( ينهض لهب ، ويهيئ العينين ) أعرف .. كل إنسان وله طبعه . ولكن هل فهمت الآن سر عجلتي . إني لا أستطيع حتى أن أبيت ليلتي.
هنا ، إنها الآن تتزين وتنتظر تعرف المرأة تضجر بسرعة من الانتظار ( بعد أن ينتهي لهب من إعداد كل شيء يمسك جابر من ذراعه . وبقسوة يربط بالسلاسل ووثقهما خلف ظهره .. يمتقع جابر ، يتشتت بصره ، ويتلعثم لسانه بالكلمات ) ولكن .. ماذا تفعل ؟ بالله عليك ما هذا . لا شك أن مولاي منكتم يريد أن يمازحني . ( لهب يطرح جابر أرضا .. يجبره على الركوع ، ويوثق رجليه أيضا . جابر يصرخ كما لو أنه يحشرج ) يا الله .. ماذا تفعل . أنا الآن رجل رفيع المقام ، ولى زوجة وثروة . بلغت الرسالة على أحسن وجه ، وسأعود لأنال الكافأة . مكافأتي .. الرحمة .. الرحمة .
( يختفي الصوت ، وإن كنا لا نزال نرى جحوظ عيني جابر .. وحركات فمه وهو يصرخ ، ويستغيث يحاول الإفلات… ولكن الأوثقة محكمة .. يستمر المشهد ويتم إيمائيا على صوت الحكواتي … ) .
الحكواتي : ولم يعرف جابر أن هذا الرجل الذي ينادونه ” لهب ” هو بالذت سياف ملك بلاد العجم السيافون يتصفون دائما بالدقة . لا يهملون شيئا ، ولا يحبون الكلام . وما إن أصبحت كل الأدوات جاهزة ، حتى أمسك لهب بيده المعدنية رأس المملوك جابر . وضعه على القاعدة الملطخة بالدم اليابس . وبضربه من بلطته المسنونة فصل رأسه عن جسده . ( يتم ذلك إيمائيا ، وأمام المتفرجين . ينتشر اللغط بين الزبائن .. ثم ترتفع الاحتجاجات ) .
زبون 2 : ما هذا ؟.
زبون 3 : يقطعون رأسه بعد كل ما فعل.
زبون 2 : لا يجوز .
زبون 1 :ما هذا الجزاء .
زبون 4 : قلت لكم ، يمكن أن تنتظره أيضا أسفل المراتب .
زبون 2 : إننا لا نقبل .
زبون 1 : نهاية غير عادلة .
زبون 3 : ينبغي أن ينال ما تستحقه فطتنه .
الحكواتي : ( يعلو صوته ، ويحاول السيطرة على الضوضاء ) وبعد أن تدحرج رأس المملوك جابر ، حمله السياف ” لهب ” . والدم يقطر منه . وتأمله طويلا ثم انفجر يقهقه .
( السياف يتقدم من الزبائن ، حاملا الرأس المقطوع .. ينظر إليهم ويقهقه ) .
زبون 2 : أعوذ بالله من هذه الخلقة .
زبون 1 : هيئة عزرائيل .
زبون 3 : قطع الله يدك .
السياف : ( يتوقف عن القهقهة . يتفرس فيهم بعينيه الحجريتين ، فيفرض عليهم الصمت والرهبة ، يضع الرأس بين راحتيه ويقربه منهم ) كان موته تحت فروة رأسه ، ولم يدر قطع البراري يحمل قدره على رأسه ، ولم يدر . كان يحلم بالعودة رجلا عالي الرتبة ، تنتظره زوجة وثروة .
الحكواتي : ولم يسأل السؤال .
( تنفجر قهقة السياف كقهقة عفريت .. ثم يرمي الرأس للحكواتي ، فيلتقطه ويضعه بين يديه .. بينما يخرج السياف حاملا معه الديكور ) .
زبون 1 : أعوذ بالله ، هات شاي يا أبو محمد .
زبون 3 : وأنا أعطني فنجانا من القهوة .
الحكواتي : ( ينظر إلى الرأس ويقرأ ما هو مخطوط عليه ) يقول وزير بغداد في رسالته : ” من الوزير محمد العبدلي إلى بين أيادي الملك منكتم .. نعلمكم أن الوقت حان , وفتح بغداد صار بالإمكان . فجهزوا جيوشكم حال وصول الرسالة إليكم وليكن هجومكم سرا ، وتحت ستر من الكتمان حتى تتم . المفاجأة بفتح بغداد . وإن وجدتم في الطريق عساكر تمشي إلينا ، فاقضوا عليها لأنها إمدادت للخليفة . ونحن هنا نتكفل بالعون وفتح الأبواب ” ثم يضيف الوزير حاشية صغيرة .. ( وكي يظل الأمر سرا بيننا اقتل حامل الرسالة من غير إطالة ) ( لحظة ويكرر الحكواتي ) وكي يظل الأمر سرا بينا اقتل حامل الرسالة من غير إطالة . .
زبون 3 : الغدار اللئيم .
زبون 1 : هو الوزير إذن ..
زبون 2 : لعنة الله عليه . يغدر ولا يحفظ عهدا .
زبون 3 : بالله تكدر مزاجي .
الحكواتي : وكانت جيوش العجم تزحف كعاصفة هوجاء نحو بغداد . وفي طريقها خربت كل ما هو قائم . وكان الوزير يوالي الاتصال بقواده ، ويرتب معهم خططه وفجر يوم استفاق الناس في بغداد على الهول .. جيوش تهادم المدينة ، وطبول الحرب تدوي ، وهو لا يعرفون ما يجري . يهرولون مذعورين ، ويطلبون العون من العلى القدير ، وانفتحت بعض الأبواب واقتحمت الجيوش الأسواق . وأهل بغداد لا يعرفون ما يجري .. وعم البتار ، وطلع الغبار ، وقصرت الأعمار ، وسالت الدماء كالأنهار , وحسب الناس أنها القيامة . الجثث تتكدس ، والأعراض تهتك ، والنار تشتعل ، والبيوت تنهدم .. وارتفع الأنين من بغداد كأنه سحابة من الغبار أو الدخان .
( تتم رواية هذا المقطع ، على صوت خبب الخيول ، وصليل السيوف ، وصيحات الرعب بين حين وآخر يندفع بعض الذين نعرفهم ممن مثلوا عامة بغداد أو سواهم . الرجل الأول ، الثاني ، الثالث ، الرابع المرأة الأولى ، الثانية ، ياسر ، أحد الحراس .. كلهم يدخلون وهم يصرخون ، ويمثلون إيمائيا تلقي الطعنات ، أو هتك العرض ، المرأة الثانية تمثل عملية الهتك ، وتسقط ممزقة الثياب مفتوحة الساقين .. يتكومون بعضهم فوق بعض أمام الزبائن ، جثثا وأجسادا مهتوكة يغادر الحكواتي وهو يروي هذه المقاطع كرسيه ، ويجول بين الأجساد التي تتكدس ) .
الحكواتي : كان يوما مروعا لم تشهد بغداد مثله . عم الحزن ، وانتشر الموت كالهواء . لقي الكثيرون حتفهم دون أن يعلموا .
ما يجري حولهم ، وأصبحت الشوارع تسدها الجثث ، والخرائب ، وبقايا الجرحى . ذلك اليوم … هبط الليل على بغداد مبكرا ومثقلا بالويل والأهوال .. وانتشر الظلام عميقا ثقيلا كأنه نهاية الزمان .
( يعم الصمت فترة مديدة ، ثم ينهض الرجل الرابع من بين القتلى ، ويقف قرب الحكواتي . بعد قليل تظهر زمرد في الطرف الآخر ، فيناولها الحكواتي رأس المملوك جابر .. تحتضنه ، وتقبله . وبحركات بطيئة كالطقوس ، يتقدم الثلاثة من الزبائن ، تتوسطهم زمرد التي تحمل الرأس بين يديها . ووراءهم كوم الجثث … ) .
الجميع : ( معا إلى الزبائن والجمهور ).
من دليل بغداد العميق نحدثكم . من ليل الويل والموت والجثث نحدثكم . تقولون .. فخار يكسر بعضه .. ومن يتزوج أمنا نناديه عمنا .. لا أحد يستطيع أن يمنعكم من أن تقولوا ذلك . لكل واحد رأي وتقولون .. هذا رأينا لا أحد يستطيع أن يمنعكم من أن تقولوا هذا رأينا . لكن إذا التفتم يوما ، ووجدتم أنفسكم غرباء في بيوتكم . .
الرجل الرابع : إذا عضكم الجوع ووجدتم أنفسكم بلا بيوت . .
زمرد : إذا تدحرجت الرؤوس . واستقبلكم الموت على عتبة صبح كئيب .
المجموعة : إذا هبط عليكم ليل ثقيل وملئ بالويل لا تنسوا أنكم قلتم يوما . فخار يكسر بعضه .. ومن يتزوج أمنا نناديه عمنا من ليل بغداد العميق نحدثكم . من ليل الويل والموت والجثث نحدثكم .
( ينهض الممثلون المكدسون على الأرض ، ثم ينسحب الجميع بعد لحظات من الصمت . يأخذ العم مونس كتابه ، ويتأهب للخروج .. ) .
الحكواتي : ( وهو ينصرف ) كانت تلك حكايتنا لهذه السهرة .. وغدا نلقاكم بخير مع حكاية أخرى .
زبون 1 : ما هذه الحكاية ؟.
زبون 3 : إنها قاتمة كحكاية البارحة .
زبون 2 : إذا كانت حكاياتك لن تتغير يا عم مونس ، سنبقي في بيوتنا .
زبون 3 : يأتي الواحد هنا ليفرج كربه ، ويسري عن نفسه ، لا ليكتئب ويحزن ..
زبون 2 : إذا لم تبدأ سيرة الظاهر غدا فلن أسهر بعد الآن في هذا المقهى .
زبون 3 : كلنا مثلك ..
( للحكواتي وهو يخرج ) ماذا قلت يا عم مونس .. هل تبدأها غدا ؟.
الحكواتي : لا أدري …
ربما .. الأمر يتعلق بكم .
( يخرج .. ويتبادل الزبائن النظر بحيرة وكآبة .. ) .
زبون 1 : يتعلق بنا . .
زبون 3 : أما غريب هذا العم مونس .
زبون 1 : غدا .. لن نقبل حكاية غير حكاية الظاهر .
زبون 2 : غدا يفرجها الله هل نمضى إلى النوم ؟.
الزبائن : ( بأصوات متفاوته ).
– أي والله .
حان الوقت …
إلى النوم .
( ينسحب الزبائن واحدا بعد الآخر ، وهم يحيون ” أبو محمد ” لا يبقي سواه . يرتب الطاولات قليلا … ثم يقوم بحركة إغلاق المقهى … ) .
الخادم : ( وهو يغلق المقهى للجمهور ) أنتم أيضا .. تصبحون على خير وإلى الغد .
ستار 1970.

About سعد الله ونوس

سعد الله ونوس، (1941-1997) مسرحي سوري. ولد في قرية حصين البحر القريبة من طرطوس. تلقى تعليمه في مدارس اللاذقية. حصل على منحة لدراسة الصحافة في القاهرة (مصر)، وقد كان للانفصال بين سوريا ومصر أعمق أثر في كتاباتة كما نرى في أولى مسرحياته الحياة إبدأ التي نشرت بعد موته بدأ الكتابة في مجلة الآداب التي نشر فيها مقالا عن الانفصال ودراسة عن رواية السأم لالبرتو مورافيا، ثم رجع إلى دمشق وعمل في وزارة الثقافة عمل محرراً للصفحات الثقافية في صحيفتي السفير اللبنانية والثورة السورية. كما عمل مديراً للهيئة العامة للمسرح والموسيقى في سوريا. في أواخر الستينات، سافر إلى باريس ليدرس فن المسرح. وبعد أن عاد تسلم تنظيم مهرجان المسرح الأول في دمشق ثم عين مديرا ً للمسرح التجريبي في مسرح خليل القباني مسرحياته كانت تتناول دوما نقدا سياسيا اجتماعيا للواقع العربي بعد صدمة المثقفين إثر هزيمة1967، في أواخر السبعينات، ساهم ونوس في إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية ب دمشق، وعمل مدرساً فيه. كما أصدر مجلة حياة المسرح، وعمل رئيساً لتحريرها. 996 تم تكريم سعد الله ونوس في أكثر من مهرجان أهمها مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ومهرجان قرطاج وتسلم جائزة سلطان العويس الثقافية عن المسرح في الدورة الأولى للجائزة في 15 أيار (مايو) 1997، توفي ونوس بعد صراع طويل استمر خمس سنوات مع مرض السرطان.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.