معنى الصوم

مارثا فرنسيس

           ماهي قيمة الصوم للإنسان وما قيمته لله؟ وهل هو مجرد طقس من طقوس العبادة وليس له علاقة بالحياة العملية اليومية التي يكثر فيها تعامل الانسان بالآخرين؟ وهل كل مايهم الله أن يقدم له الانسان بعض الوقت طال أو قصر من الإمتناع عن الطعام والشراب بينما يقضي هذا الوقت في التسلية بمتابعة برامج ومسلسلات التلفزيون وبرامج الفضائيات، أو في النوم والكسل وقضاء عدة ساعات في إعداد أشكال وأنواع من الطعام الذي يمكن أن يكفي عائلة أكثر من أسبوع!! ليتم تقديمه وتناول بعضه في وجبة واحدة ؟

          ماهي الفائدة والنفع والتغيير الذي يحدث في حياة الإنسان كنتيجة لممارسة الصوم، وان لم يكن له أي تاثير فهل هذا يعني أن هذه الممارسات الدينية  كالصوم وغيره مجرد شعائر تتطلب جهداً ومداومة واستنفاذ للموارد المادية وأحياناً  للمداينة والعوز دون أن تخطو حياة الإنسان أي خطوات متقدمة نحو سمو الروح والنفس؟

         هل يجوز أن يكون الإنسان صائما ً متعبدا ً لله وفي ذات الوقت يقود سيارته بسرعة مخالفة لقوانين المرور بغض النظر عن التواجد الشرطي وفعالية قوانين المخالفات وسحب الرخص معرضا ً ابرياء للموت؟ وهل تتفق شعيرة الصوم مع الإنفعال والعصبية لأقل سبب بحجة الصيام وقذف الآخر مهما كانت بساطة أو عفوية الخطأ الذي ارتكبه- هل تتفق ممارسة الصوم مع خروج وابل من السباب والشتائم التي يقشعر لها البدن من نفس الفم الصائم عن الطعام والشراب؟  هل يتفق الصوم مع اللامبالاة في العمل بكل مظاهر هذه اللامبالاة كالنوم والإمتناع عن العمل بحجة الصوم والتعامل مع المواطنين بملل وتأفف وكأنهم يطلبون معروفا ً او جميلا!

        أين هو الله من كل هذا؟

          بعض الناس يسرون بالتقرب إلى الله، ويقولون لماذا صمنا ولم تنظر، ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ، ويكون رد الله عليهم انكم للخصومة والنزاع تصومون ولكم أهداف أخرى للصوم.  قد يكون الصوم  هو امتناع عن الطعام فترة من الوقت ليس فقط للتعاطف مع الفقراء والشعور باحتياجاتهم -رغم سمو هذا الهدف- ولكن الهدف الاساسي من الصوم هو الشعور بضعف الجسد وبالتالي تضعف الشهوات الجسدية وتسمو الروح ويتمكن الإنسان من التحكم في شهواته ورغباته ولا يكون عبدا ً لها، بالصوم يتحول اهتمام الإنسان خارج دائرة ذاته فيكون أكثر حرصا ً على السلام مع الآخرين والتعامل معهم بوداعة، الصوم يجب أن يدعم القيم الاخلاقية أكثر ويدعم الأمانة في العمل والأمانة في المسؤليات الواجب تحملها، الصوم هو اتضاع امام الله وطلب معونة إلهية في أمور صعبة أو عسرة، وليس مجرد أداء ديني لإرضاء الله ، فما الذي يرضي الله في صوم الانسان عن الأكل فقط وعدم صومه عن الكذب والقذف والسرقة والشهوات والأنانية والكراهية؟ أيهما أهم في نظر الله الإمتناع عن الطعام فترة من الوقت مع بقاء كل تحجر في القلب والنظرات الشهوانية والعدوانية  تجاه الآخرام تغيير القلوب، والسلوك ورقي التعاملات الإنسانية على أساس الرحمة والتعاطف والود والحب ؟ إن لم يكن نتيجة للصوم أن تكسر للجائع خبزك وألا تتغاضى عن لحمك وأن ترى عريانا ً فتكسوه وأن تساعد المحتاج والتائه والمتألم ؛إن لم يهذب الصوم أخلاقياتنا ونفوسنا ويرقى بأرواحنا فلا قيمة له.

هل يرضى الله بصوم يستنفذ موارد غذائية بشكل مبالغ فيه ويؤثر على موارد واحتياجات ملايين الأسر بينما يكون المتوقع أن يقل الاستهلاك في فترة الصوم خاصة إذا كان عدد الصائمين أغلبية  في مجتمع ما وفي ذات الوقت  تتتضاعف العصبية والتعدي وسوء السلوك!

محبتي للجميع

About مرثا فرنسيس

مرثا فرنسيس كاتبة مسيحية، علمانية، ليبرالية
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.