مصطلح “الشعائر” من “الشعار” الذي يرفع لإشهار شيء ما

الدكتور محمد شحرور – الصفحة الرسمية
 جاء مصطلح “الشعائر” من “الشعار” الذي يرفع لإشهار شيء ما، وهي تختلف عن الطقوس، حيث تمارس الشعائر علانية، بينما تمارس الطقوس في السر.
والشعائر هي علاقة رمزية خاصة بين العبد وربه، وهي خارج نطاق التشريع أصلاً، فلا يحق لبرلمان أو مجلس استفتاء أو تصويت التدخل فيها، فهي منفصلة عن السلطة، لذا لم يمارس الرسول (ص) أي سلطة على من صلى أو لم يصل، من صام ومن لم يصم، أو من زكى ومن لم يزك، والله تعالى أمرنا بطاعة الرسول في الشعائر طاعة متصلة لا تتوقف بمماته، فهي لا تخضع للتطور ولا تحتمل الإبداع ولا التجديد، في حين يمكن للإنسان أن يبدع ما يشاء في نطاق العمل الصالح، وكلما زاد إبداعه زادت منفعته للناس وزاد أجره عند الله.
والسلطة مهما كان نوعها لا يحق لها التدخل بالشعائر لا منعاً ولا إكراهاً، ومن حق أفراد المجتمع مهما كانت معتقداتهم أن تكون لهم أماكن لإقامة شعائرهم كالمساجد والكنائس والكنس وغيرها {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج 40) والاختلاف بين معتقدات الناس هو سنة الحياة {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} (هود 118) والتدافع يبعث على الحيوية في المجتمعات، فلو تصورنا أن أتباع ملة معينة شكلوا أكثر من 50 % من سكان الأرض، فلن نرى معابد للملل الأخرى، ولذلك إرادة الله في حرية الناس أدت للتوازن بين عباده.
ولكل فرد في مجتمعه الحرية بإقامة علاقته الشخصية مع ربه وفق ما يرتضيه لنفسه من معتقد ويمارس على أساسه الشعيرة المتفقة مع هذا المعتقد، ودون أن يكون للتعددية الشعائرية أثر على السياسة العامة للمجتمع، وعلى الدولة تمويل وتنظيم أماكن العبادة على اختلافها، طالما أن ما يقام بها هو شعائر، وليس طقوس، أي لا يوجد ما هو سري غير معلن.

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.