مشكلاتنا مع الشيوخ والقسوس

مشكلاتنا مع الشيوخ والقسوس

ظاهرة محزنة ومدمرة تؤثر سلباً على حياة الكثيرين، الا وهي اللجوء لرجل الدين(شيخاً كان أو قساً مع احترامي الكامل لكل منهما) لطلب المساعدة في حل بعض المشاكل التي يكون اغلبها خطيراً ويستدعي تدخل متخصص اكثر من الأخذ بنصيحة رجل الدين غير الأكاديمية، ليس تقليلا من شأن ذلك ولكن هناك اموراً عديدة لا تحل بمجرد اعطاء النصيحة. فالأمر ليس مجرد معالجة المظاهر الخارجية للمشكلة وترك جذورها تستفحل فيصبح حلها صعباً وقد يصل لدرجة الاستحالة احياناً، وبدلا من حل المشكلة في بدايتها يتطلب الامر بعد استفحالها الى معالجة المشكلة واعراضها إضافة إلى النتائج التي ترتبت عليها.

قد يلجأ زوج او زوجة عند حدوث مشاكل زوجية في بداية الزواج الى رجل الدين الذي تكون نصيحته هي الصبر والاحتمال ويقوم بالصلح بين الزوجين بدون التطرق للاسباب الحقيقية للمشكلة وكيفية التعامل معها باسلوب صحيح ومباشر وعلمي؛ فتزيد الطينة بلة وتصبح المشكلة الصغيرة ازمة وعراك وايذاء وينتهي الامر بالانفصال او الطلاق او البحث عن طريقة للتخلص من الشريك الآخر، حتى نصائح أن تدخل الأهل في مثل هذا النوع من المشاكل غير محمود نظرا لانحيازهم للطرف الذي ينتمي لهم وايضا لعدم توفر المعرفة والطرق الصحيحة لمعالجة مشاكل الزواج.

وقد يلجأ شخص يعاني من مشاكل نفسية لا يعرف هو أو افراد اسرته تسميتها فينصحون باللجوء لرجل الدين، وان لم يكن لدى رجل الدين الخبرة والصلاحية للتعامل مع هذا النوع من المشاكل (حيث ان هناك بعض القسوس والشيوخ من خريجي كليات الطب ولديهم الصلاحية للتعامل مع هذه المشاكل) اقول إن لم يكن لدى رجل الدين خبرة وعلم يكفيان للمساعدة ستكون النتيجة سيئة ؛ لان الامراض النفسية لا تعالج بالصلاة فقط او بقراءة نص معين وفي نفس الوقت الذي نصلي فيه طلبا لشفاء الهي نلجأ للطبيب لضمان صحة التشخيص والعلاج الصحيح، فهذا ليس ضد ذاك وفي رأيي يجب على كل رجال الدين ان يقوموا بتوعية الناس بضرورة الاهتمام باللجوء الى الاطباء النفسيين فزيارة الطبيب النفسي ليست وصمة عار كما هو متعارف عليه بين قطاع كبير من الناس ، حسب الاعتقاد السائد ان من يدخل عيادة الطبيب النفسي إما هو مجنون أو مختل! المرض النفسي لايقل أهمية عن المرض الجسدي وكلاهما يحتاج متخصص، هل لرجل الدين الدراية والكفاءة للتعامل مع مرضى الاكتئاب او الانفصام او الوسواس او الذهان او غير ذلك من الامراض النفسية التي قد تقود من يعاني منها إلى الانتحار أو إلى الانعزال والسلبية والمعاناة ليس هو فقط بل ايضاً عائلته واصدقاؤه؟ احياناً تؤدي نصيحة بنيةحسنة الى مصيبة لا يمكن تداركها أو التخفيف من نتائجها.

وضع رجل الدين في اطار العالم بكل شئ والقادر على التعامل مع كافة المشاكل الحياتية يحتاج وقفة من الطرفين: من رجل الدين نفسه ،الذي لايعيبه ولا ينتقص من قدره إقراره انه لا يستطيع التعامل مع امر ما ويحيل صاحب المشكلة الى متخصص فيها وايضا يحتاج وقفة من المجتمع لوضع كل شئ في مكانه الصحيح فالمرض النفسي او المعاناة النفسية لا تعيب الشخص لانها مرض يمكن علاجه كأمراض الجسد، وايضا التخلي عن فكرة أن كلام رجل الدين مقدس ومنزل وانه يعرف في كل شئ. حقاً دور رجل الدين ضروري في تقوية الإيمان وتشديد العزم وبث الأمل في نفس المريض أما العلاج فموضوع يحتاج إلى المتخصصين..

اناشد كل رجال الدين شيوخاً وقسوساً أن يضعوا لكل مشكلة اسمها الصحيح وأن يقوموا بتوجيه كل من يلجأ اليهم الى المكان والشخص الصحيح الذي يمكنه تقديم المساعدة، وأن تكون مصلحة الانسان في المرتبة الاولى من اهتماماتهم أكثر من نوال الشهرة والمديح..

رجل الدين عليه ان يهتم بتوعية الناس ومساعدتهم في فهم محتوى الدين وربط كل ذلك بسلوكهم اليومي.

محبتي للجميع

About مرثا فرنسيس

مرثا فرنسيس كاتبة مسيحية، علمانية، ليبرالية
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.