مستشفى الكرامة بلا كرامة

rodenyكتبت الي تقول وفي كلماتها نار الصراخ والبكاء.
قالت: تعرضت صديقتي الى حالة مرضية نسوية وكانت متعبة نفسيا فتم نقلها الى مستشفى الكرامة لأجراء العملية اللازمة.
كان ذلك في التاسعة من صباح امس الاول وكانت المريضة تنتظر اجراء العملية وفي الساعة الواحدة والنصف ظهرا جاءها الطبيب المختص فاسبشرت خيرا خصوصا وانها كانت في حالة انهيار عصبي.
وتفجأت بالطبيب وهو يقول لها : لاعمليات لهذا اليوم بمناسبة زيارة الامام موسى الكاظم.
سألته وهي تبكي:ماعلاقة الزيارة بالعملية.
رد عليها:هذه تعليمات وزيرة الصحة.
هل وصلت احوال العراق الى هذا الحد؟وهل اصبحت المتاجرة بالدين هي البديل عن حياة المرضى؟.
وهل لأطباء هذه المستشفى التي تحمل اسم الكرامة كرامة فعلا؟.
اسئلة مزعجة خصوصا اذا علمنا ان هناك الكثير من الاطباء “اللوكية” الذين يريدون الظهور على انهم يعيشون اقصى درجات الايمان.
ولاندري بعد ذلك هل الايمان يسمح بترك المريض على فراش المرض وربما يلفظ انفاسه قهرا؟
اعان الله هذه المريضة ولانعلم بعد ذلك ماذا حل بها الان وهل فقدت عقلها ام مازالت في “نص” عقل ولكن الذي ندريه انها مازالت تصرخ بفعل الانهيار العصبي.
لك الله ياعراق على امثال هؤلاء الاطباء الذين يقسمون بولاء الاخلاص للمهنة حين التخرج ولكنهم ينقلبون على اعقابهم بعد ذلك.
هل هو الخوف من السلطة أم عدم اللامبالاة بحياة المرضى؟
ربما يقول قائلهم:دعهم يموتوا افضل من ان اعرض نفسي للمساءلة.
يقال ان وزيرة الصحة ستطير من الكرسي خلال ايام وسيبدأ اخوتها باللطم بعد العيش الرغيد الذي عاشوه معها.
ماعلينا…
مرة اخرى نقول نحن لانتدخل بشؤون القضاء ولكن من حقنا ان نتساءل بعد ان افرجت السلطة القضائية امس عن 9653 متهماً لم تثبت ادانتهم.
ماذا يعني ذلك؟.
هناك احتمال بأن هذا العدد الضخم من الموقوفين تم بناءا على تقرير المخبر السري او ان الشرطة لم تعرف القوانين جيدا فالقت القبض على هؤلاء دون استكمال التحقيق بشكل قانوني او،وهو احتمال كبير، ان يكونوا مصدر رزق للعديد من الضباط حين يبتزوا عوائلهم بدفع “المقسوم” حتى يتم الافراج عنهم خصوصا وان 991 موقوفاً من الذين أفرج عنهم كانت قد وجهت إليهم تهم وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب وهي تهمة بالتأكيد خطيرة جدا.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.