مراسيم مواراة الثرى بابتسامة!

walifaqihبعد سنتين ونصف السنة من التجاذب حول مشروع النظام النووي وعقب تقرير صدر عن سكرتير الوكالة الدولية، طويت صفحة في سجل النظام وجرت مراسيم مواراة الثرى للمشروع النووي للنظام وذلك بابتسامة حين قراءة ظريف والسيدة موغريني بيانا في فيينا فيما أدلى جون كيري بتصريحات.
غير أن هذا، لا يعني إنهاء الحرب وإنما تلوح الى حروب أكثر شراسة في الأفق سواء في الصراع على السلطة داخل النظام أو في النزاع الدائر بين النظام والمجتمع الدولي وما يمكن قوله في هذا التطور أن مرحلة قد ولّت وبدأت مرحلة جديدة.
إذا استعرضنا تصريحات الأطراف المعنية في الأمر أي الزمرتين الداخليتين للنظام وكذلك الوكالة الدولية، دول 1+5 ولاسيما أمريكا وهي الجانب الرئيس في الأمر أمام النظام، فيتبين لنا أن كل منهما ينظر من زاويته الخاصة إلى الإتفاق وتتباين تفاسيرهم بالكامل أو تتناقض بعض الأحيان إلا أن قاسما مشتركا يجمعهما وهو أن ما حصل يعدّ تطورا استراتيجيا حيث وصفه روحاني في خطابه يوم 17 كانون الثاني في البرلمان بـ ”إجراء وطني” و”انتصار كبير حققه الشعب الإيراني في أكثر الملفات السياسية في التاريخ المعاصر تعقيدا” بالمقابل عدّت صحيفة وطن امروز التابعة لزمرة الولي الفقيه الإتفاق النووي ”بنية غير مادية” من أجل ”تغيير ناعم للنظام” وكتبت: ”خلال إنتخابات البرلمان وإنتخابات الرئاسة المقبلتين، لو أن مشروع تحويل الإتفاق النووي إلى حصيلة سياسية لا يأتي بثماره للغرب فيظهر الوجه الغاضب للإتفاق حيث الأمريكان أعدّوا ألغاما لازمة في الإتفاق لهذه المرحلة”. (17 كانون الثاني 2016)
وفي الجانب الإميركي، أعلن جون كيربي المتحدث بإسم الخارجية الأميركية أن الإختبار المستمر والضغط المكثف المتواصل سيضمنان إيران غير نووية وستتحسن أوضاع الشرق الأوسط دون إيران نووية.
ومن منطلق المقاومة الإيرانية، إنها تحمل فخرا تاريخيا وطنيا بقطعها أيدي أكثر أنظمة التاريخ الحديث خطورة وأشد الطغاة معادية للبشر ومنعته من الحصول على أخطر الأسلحة في العصر الحالي وسكبت كأس السم النووي في حلقوم الولي الفقيه الرجعي ومع أن التطور الراهن يعتبر ناقصا بالمقارنة بما يجب أن يكون وقد يكتمل في المراحل الآتية لكنه يمثل تراجعا استراتيجيا فرض على نظام الملالي إذ إنه أسفر عن انهيار أحد ركائز النظام الستراتيجية وهو اقتناء السلاح النووي الذي يراه النظام ضامنا لبقائه وبالتأكيد لهذا الأمر تداعياته وإنه يعطي زخما قويا بإتجاه انهدام النظام بأسره.
وعلى الصعيد الإقتصادي، يجب القول بأنه على خلفية هذا التراجع الستراتيجي رغم إطلاق بعض رؤوس أموال إيران المجمدة ورفع بعض عقوبات عنها، بيد أن ما رفع عن العقوبات يشكل مجرد 8 بالمئة منها ما يعدّ عملية تنفس اصطناعي مرحلي للنظام في ضوء الصرف المسبق من قبل النظام للقسم الأعظم لهذه الأموال حيث أن ما يحصل عليه من أصل 100 مليار دولار هو يتراوح بين 6 إلى 23 مليار حسب ما أعلنه مسؤولو النظام ومصادر حكوميين وحتى ”كشف رئيس المصرف المركزي في المرة الأخيرة عن عدد 3 مليارات دولار!” وفق صحيفة كيهان الحكومية 16 كانون الثاني 2016.
ونظرا إلى هبوط مرعب لأسعار النفط إلى دون 30 دولار وانخفاض العوائد النفطية بنسبة 75 بالمئة، ما يجنيه النظام سيذوب بين الزمر النهابة للنظام مثل الثلج أمام الشمس علما بأن الموضوع الرئيس لوطننا ليس مشكلة اقتصادية في الأساس ولا حل اقتصادي له فبالنتيجة، حتى وإن يتم ضخ أضعاف هذا المبلغ إلى الإقتصاد فإنه لن يحل عقدة.
ورغم ما أثارته صحف زمرة رفسنجاني من جعجعة فارغة عن رفع العقوبات إلا أنها سلطت الضوء على أن ”رفع العقوبات ليس معجزة” (صحيفة آرمان 17 كانون الثاني) و”إن رفع العقوبات سيعالج 20 بالمئة من مشاكل الإقتصاد الإيراني” (صحيفة تفاهم 17 كانون الثاني).
وقدمت صحيفة ابتكار التابعة لزمرة رفسنجاني توصية إلى روحاني بأن ” روحاني يجب أن يبين حقائق الإقتصاد الإيراني للناس، وإلا فالمتشددون ينجحون في استجابة الشعب الإيراني … يجب على الرئيس أن يقول للناس أن الإقتصاد الإيراني اقتصاد مدمر، فاسد وغير فاعل… على إيران أن تتقبل … أنها تعيش في حقيقة بإسم ناحية جغرافية محددة في منطقة محددة في العالم المادي …ويجب الإمتثال بواقع اللعب في مختلف المناطق الجغرافية وفي مختلف ساحات الحياة البشرية”( 17 كانون الثاني)
وأضاف صحيفة أخرى لهذه الزمرة أن ”أهم موضوع حول الإتفاق النووي يواجهه حسن روحاني أنه يجب التوخي الحذر الشديد لعدم بروز تطلعات وتوقعات غير واقعية لأن الكثيرين ينتظرون إجراء الإتفاق حتى يقولوا إنه فلماذا لا تعالج أزماتنا الإقتصادية؟” ( صحيفة فرهيختگان – 16 كانون الثاني)
لكنه رغم كل حالات التحذير والتوصية هذه، بدأت آثار رفع العقوبات من الآن تظهر في تزايد ملحوظ للمطاليب الإجتماعية حيث إن الشرائح المحرومة والطافح كيل صبرها التي تقمع حتى الآن بذريعة العقوبات، تطلب من الآن فصاعدا بحقوقها المسحوقة.
على كل ذلك، رغم رخوة خجولة لأحدى الحلقات الخانقة للنظام إلا أن حلقات متعددة أخرى تحل محلها بتوتر أشد.

About علي قاُئمي

كاتب ايراني معارض منظمة خلق
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.