مذكرات بنت الهوى” الرَيسَة دوللى “

انا اسمى دوللى , جريمتى يوم ولدت فى اسرة محطمة فى حى فى شارع آسن بالمياه المتعفنة و شبابه العاطل, و ابى عامل اجير ft16 (2)بسيط و لا يستطيع إعالتنا و تساعده أمى فهى تخرج صباحاً للعمل و تعود محملة بالأغراض و الملابس و الحلويات.تلك هى القصة الواقعية عندما نشأت فى مجتمع ينتمى لأبن آوى و يسمى حي الذئب.

امى تحب ان تعلمنا و عندها الدراسة هى الحل و البديل لوضعنا البائس, فذهبنا للمدرسة و من الابتدائية تعلمنا زرع, حصد, و القرآن و علوم بسيطة عن الإنسان و بعض الحساب و قصص التاريخ الجميل.

و كنت اذهب للمدرسة و بعض الغذاء اللذى يشاركنى به اولاد المدرسة فالكل فقراء و الدولة وضعت لنا مدرسة اعتقد لكى لا نختلط مع بقية المجتمع, هذا ما فهمته عندما كبرت.

منذ طفولتى عشت دوامة اسمها عالمنا الخاص الحي و العالم الآخر المدنى خارج الحى و كنا نذهب لزيارة خالتى , و اتذكر امى كانت تعينها هى الأخرى على الحياة و كنت اسأل امى لماذا انجبت كل هذا العدد من الأولاد و نحن فى وضع عصيب كهذا؟ وتجيب: ” أسألوا ابوكم “, و كان ابى يجيب: ” الرزق على الله”.

و انتقلت الى المرحلة المتوسطة بعد ذلك و كانت مختلطة و برز فيه المراهقين الصبية ملاعين و لكننا كنا لا نفهم معنى سلوكهم فى تلك الفترة الزمنية من العمر الحرج, فهى بداية مرحلة ما قبل المراهقة,

و لم انسى حارس المدرسة عندما كنا نتأخر بعض الأوقات نظراته لنا و مداعباته.

كذلك إحدى المدرسات كانت جداً لئيمة و تعاملنا بقسوة بسبب نقلها اليناّ حيناً و كانت بأسلوب غير مباشر تعايرنا بتلك الحارة التعيسة.

و كذلك الأجواء فى البيت, التصادم مع الإخوة الأولاد و البنات و التقاتل اليومى. و عندما يعود ابى فى الليل يخرج مرة اخرى لكى يعمل فى المقهى اللذى كان فى الحى و الغريب بعض المرات يعود و يحمل نقوداً كثيرة و نتساءل كيف حصل على تلك النقود و كانت امى تصادر تلك الأموال و يتشاجرون فى غرفتهم و التى كنا نتشارك قى النوم معهم فيها و لا نعلم ماذا يجرى ليلاً بينهما …

و قبل الثانوية العامة قررت والدتى الإنتقال لشقة افضل فى حى انظف و افضل …

و كانت المفاجأة, فلقد اشترت شقة انا ملكاً و اشترينا اثاثاً جديداً و تملكنا تليفزيون لأول مرة و ثلاجة جديدة و غسالة ملابس. و اشترت لنا ملابس جديدة …

و لاحظنا بأن يوجد لنا خال لم نعرفه سابقاً و اصبح يتردد علينا و ابى يستقبله و يخرج بعدها و نخرج نحن للسوق أو الدراسة عند الجيران.

و أمى مصابة بمرض لا نعرفه, فى البداية كانت تتردد على الطبيب دوماً و تشكوا من مرضها و فجأة خلنا العزيز قام بالسفر معها الى الخارج للعلاج و عادت افضل و لكن يبدو ان الأمر لم ينتهى..

و انتقلت للثانوية و الأولاد كَبِروا و بدأت مشاكل من نوع آخر.

و فى يوم كنت ادرس مع زميلتى فى حى آخر و عند عودتى بالتاكسى لأننى متأخرة, شاهدت بعينى حدثاً قلب حياتى. لقد شاهدت والدتى تخرج من الملهى و مع خالى .. و رجعت البيت و تصرفت بهدوء و عادت والدتى سكرانة و لم اتكلم و كتمت السر فى قلبى ثم بدأ الشك فى كل شىْ, و بدأت ارى الأمور بطريقة اخرى.

الغريب ان ابى كان يشبه تمثال ابو الهول “صامت” و بدأت والدتى بطرح امور غريبة و اسئلة جديدة على, هل لك علاقة مع احد؟ أو هل ترغبين فى الزواج المبكر؟!

و فى يوم قررت مصارحة امى بما رأيت قبل شهر, و صارحتها بالفعل, فقالت لى بالحرف الواحد: “عليك تعلم الحياة و فكرى فى مستقبلك, فالوظيفة لا تسد رمق إنسان و هنالك طرق كثيرة لكى تعيشى برغد و نغنغة!”

فقلت لها و كيف استطعت ان تصرفى علينا و تدفعى مصاريف دراستنا ؟ فقالت: ” للشرف ثمن” .. افهمى الحياة “

‎هيثم هاشم – مفكر حر؟‎

About هيثم هاشم

ولد في العراق عام 1954 خريج علوم سياسية عمل كمدير لعدة شركات و مشاريع في العالم العربي مهتم بالفكر الانساني والشأن العربي و ازالة الوهم و الفهم الخاطئ و المقصود ضد الثقافة العربية و الاسلامية. يعتمد اسلوب المزج بين المعطيات التراثية و التطرق المرح للتأمل في السياق و اضهار المعاني الكامنة . يرى ان التراث و الفكر الانساني هو نهر متواصل و ان شعوب منطقتنا لها اثار و ا ضحة ولكنها مغيبة و مشوهة و يسعى لمعالجة هذا التمييز بتناول الصور من نواحي متعددة لرسم الصورة النهائية التي هي حالة مستمرة. يهدف الى تنوير الفكر و العقول من خلال دعوتهم الى ساحة النقاش ولاكن في نفس الوقت يحقنهم بجرعات من الارث الجميل الذي نسوه . تحياتي لك وشكرا تحياتي الى كل من يحب العراق العظيم والسلام عليكم
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.