ما هو الحل؟

ما هو الحل؟

طلال عبدالله الخوري 4\4\2012

تم نشر هذا المقال بتاريخ 20 كانون الأول 2010, ونعيد نشره بسبب حيويته بالنسبة للتغيرات السياسة التي تجري الأن نتيجة الثورات الشبابية التحررية.

بعد نشر مقالي الاخير “التقية والمعاريض بالسياسة العربية المعاصرة” (تجدون رابطه في صفحة الكاتب) جائني الكثيرمن الرسائل من القراء الاكارم تتسائل ما هو الحل؟

ساحاول في الاسطر اللاحقة الاجابة على هذا السؤال البسيط , والذي جوابه من البداهة, بحيث نستغرب طرح مثل هذا السؤال اصلا في عصر الانترنت! فالجواب اصبح اكثر من معروف وهو يدرس اكاديميا في الجامعات. وتم تجربة والتحقق من صحة هذا الجواب عمليا في مئات البلدان والتي حققت بفضله, تقدم وازدهار ورخاء لا مثيل له. نحن نقصد هنا بالحل هو العلمانية وفصل الدين عن الدولة مصحوبة باركان العلمانية الاخرى التي لايمكن للعلمانية من تعيش بدونها وهي الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان واقتصاد السوق الحر.

نقاشي سيكون من خلال المحاور التالية: التجارب العالمية الفاشلة, التجارب العالمية الناجحة, معضلة التجارب العالمية الناجحة في العالم العربي وحلول اخرى للحالة العربية مطروحة على بساط البحث.

التجارب العالمية الفاشلة.

حاولت الماركسية ان تدرس بالتحليل تاريخ البشرية الاجتماعي والاقتصادي, منذ عصر المشاع حتى الوقت الذي وضعت بها نظرياتها وفلسفاتها, مرورا بالاقطاع والرأسمالية. ثم حاولت من خلال استقراءها لهذا التاريخ ان تضع له القوانين الناظمة, وبناء على ذلك ادعت الماركسية انها تستطيع ان تضع القوانين الناظمة حتى للمستقبل والتنبؤ به, من خلال المادية التاريخية, والتي جوهرها أن البناء الفوقي للمجتمع هو ناتج البناء التحتي، حيث أن البناء التحتي للمجتمع هو مجموع علاقات المجتمع الاقتصادية، والبناء الفوقي هو القوانين والأخلاق والسياسات العامة. بعدها جاء لينين في بداية القرن المنصرم, و وجد بان الحل لجميع المشاكل الموجودة بروسيا والعالم ,انذاك ,هو القيام بثورة اشتراكية, تفرض بالقوة ديكتاتورية البروليتاريا, وتنتقل بالمجتمع الى الاقتصاد الاشتراكي الحكومي, ممهدا بذلك, للمضي قدما الى المجتمع الشيوعي والمستقبل المضئ (كما يدعون), حيث كل انسان يعطي بما يستطيع وكل انسان يأخذ ما يحتاج! ولا حاجة هناك لاي تعاملات اقتصادية, كما نعرفها باقتصاد السوق. فشلت هذه الثورة فشلا مزريا بعد سبعين عاما من الحكم الحديدي الاستبدادي, حيث تم تسخير كل ذهب سيبيريا, ومئات الملايين من الطاقات البشرية, على مساحة شاسعة من الكرة الارضية لدوام واستمرار هذه التجربة. ولكن بالنهاية لا يصح الا الصحيح, والذي بني على اساس خاطئ مصيره الفشل. لقد فشل النظام الشمولي الشيوعي في كل من اوروبا الشرقية, الصين, كوريا الشمالية, وكوبا والكثير من الاماكن التي جرب بها.

كذلك الامر فشلت الانظمة الملكية الشمولية في البلدان العربية وكثير من بلدان العالم, ولا قت نفس الفشل جميع الانظمة الشمولية. مما سبق نستنتج بان تجربة النظريات الفلسفية على المجتمعات الانسانية, واعتبار الشعوب فئران تجارب لمغامرات فلسفية نظرية, تفرضها بالحديد والنار ادى الى كوارث انسانية, وفشل ذريع من كل النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. حيث ان الانظمة الشمولية تعامل الشعوب كالقطيع, ويصبح فيها الانسان عاجز عن اي ابداع او ابتكار او تقدم.

التجارب العالمية الناجحة.

 بعد ان عانت الشعوب الغربية من ويلات الاستبداد السياسي والديني والعنصري, وقدمت مئات الملايين من الضحايا في الحروب الدينية والسياسية والعنصرية, وصلت الى الحقيقة التاريخية الهامة, وهي ان تدخل الله بالسياسة شر لا خير فيه, يؤدي الى دماء وحروب وويلات لا نهاية لها الا بفناء البشر.

لذلك قررالغرب الفصل ما بين الكنيسة والدولة, واعتبرت ان الايمان امر شخصي لا يتدخل به احد , اما الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية فتسن لها القوانين المدنية المنطقية والعقلانية والتي لا شأن ل الاّلهة بها لا من قريب او بعيد. وهو ما تم تسميته بالعلمانية. ومنذ ان اعتمدت العلمانية بالغرب, وهي تحقق النجاح تلو النجاح على جميع الاصعدة السياسية والاجتماعية والعلمية والثقافية والفنية, هذه النجاحات التي تذهلنا كل يوم بما تنجزه, حيث ليس لها اي نهاية ولا تحدها حتى السماء! هذه القوانين المدنية والعقلانية تطورت وتمخضت عنها ارقى ما توصلت اليه البشرية من قوانين, وهي حقوق الانسان, و الانتخابات الديمقراطية والحرية. كل هذه القوانين المدنية لم تصل الى هذا المستوى من التطور والرقي الا تحت ظل اقتصاد السوق الحر والتنافسي, والذي يناسب الطبيعة البشرية ويحفزها على العمل والانتاج والابداع.

هذه النجاحات والانجازات المذهلة التي تحققت بفضل هذه التوليفة من العلمانية والدمقراطية والحرية وحقوق الانسان واقتصاد السوق, ادت الى ان ينادي الفيلسوف الامريكي فوكوياما بنهاية التاريخ بكتابه المشهور والذي يحمل نفس الاسم. حيث اعتبر فوكوياما ان هذه التوليفة, من دمقراطية وحرية وحقوق الانسان واقتصاد السوق, هي قمة الحضارة, ولا يوجد اي شئ يمكن ان نضيفه لها, وان المستقبل هو مجرد متابعة واستمرارية لهذه التوليفة . طبعا المفكر فوكويوما تراجع عن فكرة نهاية التاريخ من مبدأ انه ليس هناك حدود للابداع البشري وهناك دائما مجال للتحسين. وحتى كتابة هذه السطور ما تزال نظرية نهاية التاريخ صحيحة حيث لم يضف اي احد اي شئ جديد على هذه التوليفة.

معضلة التجارب الناجحة في العالم العربي .

وقع ما يسمى بالعالم العربي تحت وطأة الحكم الديني الاستبدادي منذ 1430 سنة وحتى الاّن! حيث يعتبر الدين الاسلامي دين ودولة وسياسة وحياة شاملة. ويعتبر المتدينون بان الاسلام شريعة الهية كاملة ارفع واسمى من اي قوانين بشرية, ولذلك يرى الفقهاء المسلمون بان العلمانية هي عدو الاسلام والمسلمين الاول. يساندهم بهذا السلطة السياسة الاستبدادية, والتي وجدت بالسلطة الدينية وسيلة سهلة لاستخدامها بتوطيد حكمها واستمراريتها واستبدادها واستعبادها لشعوبها الى الابد. هذا التحالف والتزاوج الابدي بين الدين والدولة والذي بدأ مع اول دولة بالاسلام, اوقع الشعوب العربية والاسلامية بحلقة مفرغة! يدور بها الشعب والمفكرين والنخبة الوطنية الى ما لا نهاية ولا حل قريب يبدو بالافق. فلا حل الا بالعلمانية, والعلمانية والاسلام لا يتعايشان على الاطلاق, والشعب مغسول الدماغ بافكار دينية وخرافية, والرابح الوحيد في هذه الدوامة والحلقة المفرغة هو الديكتاتور العربي الذي يتلاعب بعواطف الشعب الدينية ويشحنه ويفرغه من هذه العواطف بما يتناسب مع مصلحة حكمه وبقائه واستمراريته.

نحن نرى ان الحل يكمن بايجاد وسيلة لحجر الاسلام ضمن مساجده, كما فعلت الشعوب الاخرى التي حجرت اديانها ضمن معابدها, وتجريد المؤسسات الدينية من المال والسلطة والبنية التحتية, وعندها فقط نستطيع ان نرى بصيص من النور. واول خطوة على هذا الطريق هو الغاء المادة بقوانين الدول الاسلامية التي تقول بان الشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع.

حلول اخرى للحالة العربية مطروحة على بساط البحث.

هناك حلول يطرحها بعض المفكرين العرب مثل انشاء احزاب ديمقراطية اسلامية, ومنهم طارق الحجي, او الاشتراكية الاسلامية مثل جمال البنا. ولكن معضلة هذه الحلول انها افكار غير مجربة ولا احد يعرف ما ستؤول اليه بالنهاية, وهنا ايضا نجعل من الشعب فئران تجارب لافكارنا النظرية, والتاريخ يخبرنا بان حظوظ مثل هذه التجارب بالنجاح لن يكون باحسن الاحوال افضل من مغامرة اللينينة الماركسية. الباحث السوري مالك مسلماني ويشاركه بهذا المفكر كامل النجار, الذين يرون بأن العلم لا ينمو إلا في محيط مسيحي.

لقد درس الباحث السوري مالك مسلماني اسباب تطور الدول, ووصل الى نتيجة مفادها بان جميع الدول التي تطورت كانت ذات محيط مسيحي او ان المسيحية دخلت بهذه الدول وبقوة, واخذ مثالا على ذلك تطور كوريا الجنوبية التي دخلت المسيحية بها بقوة .ويصل بنهاية بحثه الى نتيجة قوية مفادها بانه لكي تطور البلدان الاسلامية, لايكفي بان نترك الاسلام وانما يجب ان ندخل بالمسيحية. انا ارى بان هذا الحل عملي ومجرب وادى الى نجاح عملي ملموس, لذلك ادعو جميع الوطنيين والمفكرين الى اعتبار هذا الحل والدعوة اليه كسبيل وحيد لكي نتطور ونتحضر ولان المسيحية هي دين اجدادنا الاصلي ونحن احق بها على خلاف الكوريين .

 بالختام نحن نرى بان الحل هو بتبني الحلول الناجحة والمجربة والتي اثمرت واعطت نتائج حقيقية . وانه لا حاجة لاعادة اختراع الدولاب والتفكير بحلول ونظريات فلسفية وتجربتها على شعوبنا واستخدام اهلنا كفئران تجارب لهذه الحلول والتي نصيبها الفشل لا محالة.

هوامش:

التقية والمعاريض بالسياسة العربية المعاصرة !

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.