ماذا يفعل رجال الدين في بيوت الدعارة؟

مهدي مجيد عبدالله: ايلاف

بين الحين و الاخر يظهر علينا شيوخ محسوبين على الاسلام بمقاطع فيديو دعوية ينشرونها في وسائل الاعلام و مواقع التواصل الاجتماعي، احد هذه المقاطع المنشورة مؤخرا على موقع يوتيوب يعرض غزو و اقتحام احد هؤلاء الشيوخ لإماكن تعتبر اوكارا للبغي و للفسق و الفجور، فيبدأ جهارا نهارا بالنصح و القاء المواعظ و التذكير بالله و عذاب القبر و عذاب النار، ناهيك عن انه في الايام الغابرة ايضا عرضت لشيوخ اخرين مقاطع اخرى مماثلة لهذا المقطع.

طبعا هؤلاء الشيوخ نياتهم سليمة مئة في المئة و لا يريدون من (فيديوهاتهم)هذه سوى وجه الله، و يسطرون عشرات الادلة و البراهين من القران و الاحاديث النبوية الشريفة على صحة فعلهم (الفيديو يَوي) و اخلاصهم فيه، لكن عندما يقوم مواطن متمرد بالنصح و الاعتراض (بمقطع فيديو )على ولاة الأمر و الرؤساء الحرامية، يقولون له (اذا نصحت شخصا في السر فانت تنقعه، و اذا نصحته في العلن فأنت تفضحه ). و يذكرونه ( ان الذي يقوم بعمل خير يجب ان لا تعرف شماله ماذا عملت يمينه) علاوة على هذا يسطرون له ايضا عشرات الادلة و البراهين من القران و الاحاديث على سوء فعله (الفيديو يَوي) و دناءة اخلاصه فيه.

يا ترى لماذا نصح الروؤساء و الامراء يجب ان يكون في الخفاء و السر، و نصح العاهرات و الزانيات يجب ان يكون في العلانية؟

***

يعتقد هؤلاء الشيوخ ان نصائحهم و كلامهم كفيل بحل كل المشاكل و الخلافات و الويلات و المصائب التي ابتلي بها البشر، لذلك نراهم دائما يصرخون و يزعقون في الفضائيات و خطب الجمعة و حلقات الدروس الدينية، و يثقلون مسامع الناس بعشرات الحكم و المواعظ، و ما على الناس سوى ان يطبقوا كلامهم بحذافيره كي تنزل عليهم البركات و الخيرات و ياتيهم الفرج من حيث لا يحتسبون.

لوطأة الواقع دور كبير في تغيير تفكير الانسان، احسن الناس و اتقاهم اذا غيرنا بيئته و واقعه الذي يعيش فيه يتحول الى اسوأ انسان و العكس صحيح ايضا،، صديقي القارئ طالع سيرة الانبياء ( يونس، سليمان، موسى ) كي تعرف كيف تؤثر البيئة و مضاغيطها على الانسان.

الطامة الكبرى ان هؤلاء الدعاة المتقين لا يفقهون ذلك و يتغابون الظن بان الفتيات و النساء اللاتي يمارسن الدعارة و يبعن اجسادهن و يرتمين في احضان عشرات الرجال يفعلن ذلك بدافع التلذذ و الاستمتاع، و ان الاموال اللاتي يتقاضونها مقابل بيعهن اجسادهن يصرفونها في تكبير اثداهن و اردافهن كما يفعلن الشريفات النقيات، ياليت هؤلاء الشيوخ قبل ظنونهم الخبيثة يزورون بيوت و مساكن هؤلاء العاهرات و يشاهدون ما فعلته مخالب الفقر و الجوع و العوز بهن و باطفالهن و عوائلهن، تركت فيهم اثار و آلام و جروح مليئة بملح قهر الحياة و غدر الزمان و الانسان.

***

اذا اراد هؤلاء الشيوخ ان يساعدو النساء العاهرات الفاجرات الزانيات و يخرجوهم من اقباع الرذيلة و المهالك، فالمسألة سهلة جدا و الحلول فورية ايضا، و الذي نحتاجه عزم و جزم و ارادة صادقة من هؤلاء الشيوخ :

1 – تكلفة انشاء قناة فضائية اسلامية تبلغ في حدها الادنى ما يقارب 5 مليون دولار، طبعا هذا المبلغ يشمل كل ما يتعلق بالقناة من اصغر شيء الى اكبر شيء، و ما شاء الله لدينا العشرات من هذه القنوات و هناك المزيد منها في الطريق، اظن ان تكلفة قناة واحدة لا بل حتى ربع التكلفة يحل مشاكل كثيرة و ينتشل مئات العاهرات و الزانيات من براثن الرذيلة. و طبعا صرف هكذا مبلغ في هكذا مجال يدخل في مضمار الدعوة الاسلامية المباركة. و لن يؤثر في نقص منابر الصراخ و البكاء و العويل.

2 – ان يتجه هؤلاء الشيوخ الى الامراء و الرؤساء و رجال اعمال المسلمين و يبكو امام ايديهم و يذكروهم بالله و عذاب النار و عذاب القبر،لا ان يتجهوا صارخين زاعقين الى نسوة و بنات مساكين بطش بهم القدر و ارداهم الى ارذال الحياة. و امنيتي ان ارى مقاطع فيديو لهؤلاء الشيوخ و هم يغزون قصور الامراء و الرؤساء مطالبينهم ببعض الاموال لمساعدة العاهرات الزانيات.

3 – ان يوفر هؤلاء الشيوخ لمدة شهر المبالغ التي يصرفونها في الولائم و العزومات التي يضيفون فيها بعضهم البعض، و ماشاء الله لدينا شيوخ و دعاة بالالاف في ربوع الاقطار الاسلامية، و هذا في صالحهم ايضا اذ انهم سوف يبتعدون عن تناول الاكلات الدسمة من امثال (الكبسة) الملعونة و تنزل كروشهم و بطونهم، و تطهر اجسادهم من الكوليسترول و الدهون الخبيثة المضرة، اعاذنا الله منها.

4 – ان يبيع كل شيخ من هؤلاء الشيوخ سيارة من سياراته، او جزء صغير من عقاراته، او شيء يسير من مجوهرات احدى زوجاته الاربع، زاد الله و بارك هؤلاء الشيوخ معظمهم متزوج من اربعة، و من المؤكد انهم سوف يجمعون مبلغ كبير لانتشال البغايا من عواقر البغي.

ما ذكرته بضعة حلول بسيطة و سهلة جدا لا تحتاج الى مجهودات و اوقات كبيرة لتطبيقها و تنفيذها، و من المؤكد ان لدى كل قارئ اغر حلول تعد بالعشرات، يا ترى هل من الممكن ان ارى في الايام القادمة مقطع فيديو لاحد الشيوخ مطبقا احدى الحلول؟.

 

***

مشكلة هؤلاء الشيوخ المتقين المؤمنين انهم يعيشون مع زوجاتهم الطاهرات العفيفات و اولادهم الصالحين الابرار في عالم غير العالم الذي يعيشه الرجال الفاسقين المجرمين مع زوجاتهم الزانيات العاهرات و اولادهم العاقين الفاجرين، آن الاوان ان ينزل هؤلاء الشيوخ من بروجهم و قصورهم و افكارهم المثالية الى الواقع المرير الذي يعيشه الناس، و ان يفعلوا اكثر مما يقولوا.

و لا يظنن هؤلاء الشيوخ ان امتلاء المساجد و الجوامع في ايام الجمعة و اصغاء الناس لهم، هو من اجل سواد عيونهم او حلاوة و طراوة احاديثهم، كلا و الف كلا. بل هو لاسقاط واجب شرعي ديني و هو فروضية الجمعة على كل مسلم بالغ.

الناس يحدقون و يتسمرون في الشيوخ، و تفكيرهم في مكان اخر كيف سيكسبون لقمة العيش، و الحكم و المواعظ المثالية الغير منطقية التي يلقيها عليهم الشيوخ تدخل من اذنهم اليمنى لتخرج من اليسرى.

الناس يريدون كلاما يدلهم كيف يوفرون القوت لاطفالهم و لنسائهم، يريدون كلاما يساعدهم على العيش حينما يبلغون ارذل العمر حيث لا معيل و لا نصير لهم، كلام يساعدهم في توفير الدواء و الغذاء، زمن الزعيق و الصراخ و الويل و الثبور و الحكم و المآثر و البكاء التمساحي قد ولى، هذا زمن الكلام العملي.

هناك سؤال يطرحه شيوخ الاسلام دائما :

لماذا الامة الاسلامية العظيمة تدحرجت و انتشر فيها الفقر و العوز و الحرمان؟

يا ايها الشيوخ انظروا الى بطونكم المنتفخة و بطون ولاة الامر و الرؤوساء الذين يغدقون عليكم بالمال، كنه الجواب يكمن فيها.

و السلام على كل امراة دفعها الفقر و العوز الى ان تبيع جسدها كي توفر لنفسها و لاطفالها رغيف الخبز و ثمن الدواء، و اللعنة على كل صاحب بطن و على كل حرامي و كل لص ينهب و يسرق اموال الفقراء و المساكين.

Mahdi.m.abdulla@gmail.com

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.