ماذا بقي في جعبة فقهاء الظلام لإذلال المرأة؟

ahlamakramيحتدم الجدل في البرلمان والشارع البريطاني في كل ما يتعلق بحياة المسلمين سواء المقيمين أو الوافدين.. إبتداء من عدم إندماجهم في المجتمع البريطاني ثم الزيادة في تعدادهم وتوافد اللاجئين منهم. ما يشغل بال الجميع حاليا هل سيأتي يوما يصل فيه تعداد المسلمين للتأثير في القوانين البريطانية؟؟ وهل ستصبح بريطانيا دولة إسلامية.. هذا الخوف يؤكده تزايد عدد المحاكم الشرعية الإسلامية والتي وربما تزيد عن العدد المعروف 85 محكمة والتي كثيرا ما ’تدار من الجوامع، أو حتى من زاوية في محل بقالة أيضا..

المعارضون لوجود مثل هذه المحاكم, يستندون إلى أنها تتعارض مع القيم البريطانية في المساواة بين الجنسين، وعدم عدالتها للمرأة. إضافة إلى أنها تفرض وجود قانونين في دولة واحدة مما يؤكد عدم المساواة بين المواطنين البريطانيين وعدم إلتزامهم بقانون الدولة بما يؤدي إلى إنتفاء الإحساس بالمواطنة وبالولاء!

وهو الأمر الموجود والمعمول به في الدول الإسلامية.. وأكبر مثل على ذلك أن هناك 19 طائفة دينية في لبنان، كل منها يعمل بما جاء في كتابه خاصة في قوانين الأحوال الشخصية، والنتيجة إنعدام وإنتفاء الإحساس بالعدالة وبالمواطنة؟

المؤيدون من المسلمون، يستندون إلى أن القانون يسمح بالحرية الدينية. إضافة إلى ان وجود مثل هذه المحاكم الشرعية، تضمن إلتزام المسلمين بالقانون التشريعي الإلهي الذي يعتمد على الحكم بما جاء في القرآن. وإن كان يخضع لتفسيرات الفقهاء, بما يجعل ’جل إعتماده على تفسيرات فقهية مختلفة معروفة بالفتاوي؟ والتي تنتفي فيها المساواة والعدالة للمرأة أو المنطق. تمسكهم بحقهم في وجود وبقاء المحاكم الشرعية ينبع من حقهم بالمساواة لوجود محاكم شرعية يهودية.

في الإسبوع الماضي قدمت 150 منظمة مجتمع نسوي مدني رسالة إلى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. تطالبه بمنع هذه المحاكم من النظر في قضايا الزواج والطلاق, وكل ما تشمله قضايا الأحوال الشخصية. لأنها تحرم المرأة وأطفالها من حقوقهم الطبيعيه في الحصول على المساواة والعدالة..

“كما وقامت عضو مجلس اللوردات البريطاني البارونة كارولين كوكس، بحملة للمطالبة بحماية المسلمات البريطانيات، مما سمته «تأثير الشريعة الإسلامية عليهن». كما وهاجمت تعدد الزوجات المباح في الإسلام، وقالت إن التعدد أتاح لمسلمين إنجاب 20 طفلاً لكل منهم، معتبرة أن ذلك أدى إلى ما سمته «تمييز بين الجنسين بمبرر ديني»!”

وللعلم فإنه يتم عقد النكاح الشرعي في المحكمه بدون إلزام الزوجين بالقيام بالزواج المدني لأن هذا الزواج قد يكون الزواج الثاني أو الثالث للرجل تبعا لحقه في التعدد.

الأسبوع الماضي قامت جريدة الديلي ميل البريطانية بنشر مقالة عن تزايد اعداد المحاكم الشرعية الإسلامية. إستنادا إلى بحث من 200 صفحة كتبتها “ماشتيلد زي ” الأكاديمية الألمانية لنيل شهادة الدكتوراه، وذلك بعد السماح لها بحضور جلسات هذه المحاكم والقرارات التي أصدرتها، والتي تؤكد إنتهاك حقوق المرأة في هذه المحاكم.

من ضمن القصص التي اوردتها الصحيفة والمسجلة في رسالتها.. قصة زوجين لديهما عدد من الأطفال، تزوجا بعد حصول الزوجه على طلاق من زوجها السابق من محكمة بريطانية. ثم تزوجت زوجها الحالي. وبعد إنجاب عدد من الأطفال انتبه كلاهما إلى عدم حصولها على طلاق من المحكمة الإسلامية.. ولجأ إلى المحكمة للتأكد من أن زواجهما حلالآ؟؟

قرار المحكمة كان كالتالي:

أن زواجهما باطل وغير شرعي ( بمعنى أن أطفالهما أطفال زنا؟؟ ) ولكي يجعلوا هذا الزواج حلالآ شرعيا، على الزوج تطليق زوجته بالثلاث. ثم تنتظر الزوجة لإنهاء فترة العدة، بعدها تتزوج زواجا شرعيا من آخر،( بما يحق له ممارسة الجنس معها ) ثم ’يطلقها إن أراد بعد فترة، وتنتظر مرة أخرى لإثبات براءة رحمها. حينها فقط يستطيع زوجها أن يتزوجها ويردها لعصمته. وبهذا يصبح زواجهما حلالآ؟

القصة أعادت ذاكرتي إلى عمر العاشرة، حين جاء إلى بيتنا إبن عم والدي ومعه المأذون الشرعي. وقاما بكتابة أشياء، بعدها دخلت والدتي إلى غرفة النوم مع إبن عم والدي وأغلقا الباب لمدة خمس دقائق. خرجا بعدها ليكتب المأذون مرة أخرى شيئا ما.. وكأن شيئا لم يحدث.. لم أفهم آنذاك ما الذي حصل، وبقيت الحادثة في عقلي لأني لم أستطع إستيعاب الأمر. إلى أن سألت والدتي يوما عما حدث، حينها أخبرتني بان والدي رمى عليها يمين الطلاق بالثلاثة, وأن زواجها من إبن عمه و إختلائها به لدقائق، هو الطريق الوحيد والحل للرجوع إلى والدي والحفاظ على أسرتنا. نسيت الموضوع إلى أن شاهدت فيلم ” المحلل ” للمثل عادل إمام والذي حلل الظاهرة بإطار كوميدي ساخرآ من الفكرة بحد ذاتها. ولكن مقالة الجريدة أعادت الموضوع كله ليؤرقني ويحثني على البحث وهذا ملخص لما وجدته في البحث.

الآية:

“الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدودالله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ( 229 ) فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون ( 230 )

” في رواية لأصغر زوجات النبي “سلام الله عليه” عائشه أن إمراة إسمها عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك، وكانت زوجة لإبن عمها رفاعة بن وهب بن عتيك. جاءت إلى النبي لتخبره بأن رفاعة قد طلقها ثلاثا. وتزوجت بعده عبد الرحمن الذي طلقها قبل ان يمسها. وسألت النبي هل تستطيع الرجوع إلى زوجها الأول..فأجابها النبي أنها لا تستطيع العودة إلى زوجها بدون أن يضاجعها زوجها الثاني ويذوق عسيلتها. أي يقوم بالمجامعة الجنسية كاملة. ثم ’يطلقها وتنتظر أشهر العدة الأربعة للتأكد من براءة رحمها ثم عندها فقط يستطيع زوجها الأول إبن عمها أن يعيدها لعصمته مرة اخرى؟

يقولون أن الهدف من ذلك تخويف الزوج وردعه عن التفوه بالطلاق الثالث لأن لا رجعة فيه إلا بالإلتزام بالشرط السابق؟

هدفي الوحيد من كتابة هذه المقالة هو التأكيد على التحايل الذي نقوم به جميعا أمام المطلوب الشرعي كما جاء وهو المجامعة الجنسية التامة. ثم وبعد ذلك تساؤلي المشروع هل يتوافق مثل هذا الحكم مع أي منطق أو عقل.. وإلى متى نستطيع إخفاء العيوب وألم يحن الوقت للإعتراف بامور معينة جاءت في كل الأديان ولماذا إستعملوا جسد المرأة للردع وألا يعتبر هذا الأمر المسمى “التجحيش” تحقيرا وإذلالآ لها. أفيدوني أفادكم الله.

المصدر ايلاف

About أحلام اكرم

كاتبة فلسطينية تهتم بحقوق الانسان منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية سعدت كثيرا حين وجدت مقالاتي منشورة على منبر المفكر الحر .. ولكن ما أود أن ألفت إنتباه المرحرر والقراء وللصدق فقط بانني وإن كنت أعتشق مصر وأكن الكثير من الحب والإحترام لمصر ولشعبها الكرام .. ولكني لا ولن أتنكر لأصولي الفلسطينية .. فأنا من أصل فلسطيني .. درست وتخرّجت من جامعة الإسكندرية .. وإن ندمت على شيء فهو عدم معرفتي أو علمي بما تحمله الإسكندرية من تاريخ عريق قرأت عنه في كتب الأستاذ يوسف زيدان .. أعيش منذ سنوات كثيره في لندن .. فيها تعلمت الحب .. والإنسانية والحياة .. ولكني لم أغلق عيني وأذني عن رؤية الجوانب السلبية أيضا في الثقافة الغربية .. وبكن تحرري وتحريري من العبودية التي شلّت تفكيري لزمن طويل .. هو الأساس الذي ثني على الكتابة علّني أستطيع هدم الحواجز بيننا كبشر .. وهي الحواجز التي إخترقتها حين إستعدت إنسانيتي وأصبحت إنسانة لا تؤمن بالحواجز المصطنعه .. وأروّج للحقوق العالمية للمرأة .. مع شكري العميق للمفكر الحر .. وتقديري للقراء ..
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.