مابين الموتى وشط العرب.. سنة حلوة ياجميل

محمد الرديني

ثمة قرابة لم تنفصم عراها منذ سنوات طويلة بين مقبرة الانكليز بالبصرة وشط العرب.

الاولى تتجول فيها الحيوانات السائبة باحثة في المزابل المرمية فيها عن لقمة سائغة بعد ان اصبحت خرابا لايسر الناظر وشط العرب اصبح نهرا تصب فيه عبادان كل قاذورات مصانعها الكيمياوية.

ولا أحد يرفع يده احتجاجا.. لماذا الاحتجاج واولاد العم لهم حق علينا فهو اولياء نعمتنا وسبب وجودنا في هذه البقعة من الارض.

ومابين الاثنين برزت امس مسؤولة الملف العراقي في إدارة الرئيس الأميركي السابق بوش لتقول أن الحكومة العراقية تنتظرها أياما عصيبة، وأن العام الحالي لن يكون سهلا عليها،خصوصا وان الشارع العراقي اصبح اليوم أقوى من البرلمان.

وقالت ميغان اوسوليفان ايضا ان الامر يقتضي ايضا التعامل مع القوى الإقليمية التي ستكون كافية لتحدي التقدم الحاصل في العراق،

فالمالكي يتعرض لضغط كبير ليس من السنة والأكراد فقط، بل من الشيعة ايضا بقيادة مقتدى الصدر الذي يعارض الكثير من سياساته،ومما

يزيد من الأيام العصيبة بالنسبة للمالكي هو عدم تحسن الأوضاع المعيشية للعراقيين”.

كلام يثلج الصدر رغم انه صادر من امرأة امبريالية،مو؟.

نعود الى شط العرب ونقرأ ماقاله الخبير البحري الكابتن كاظم فنجان: ان الجميع لم يتوقعوا أن تكون نهاية شط العرب بهذه الصورة المأساوية وتؤول الى هذا الحد من الإهمال، موضحا بان إنقاذ الشط بحاجة إلى جهود ضخمة جدا لاعادة الحياة له والخروج به من أزماته، وتقديم المساعدة له في ردهة العناية المركزة التي يرقد فيها منذ عام 1980، فقد سُدت شرايينه بكولسترول الأطيان التي سببتها له ظاهرة الترسيب والإرساب، وتضخم كبده من تراكمات سموم مصفى عبادان، وتمزقت أحشاؤه ببقايا أشلاء السفن الغارقة

التي تكدست في جوفه، وتساقطت أشجاره التي كانت تتباهى بغابات عمتنا النخلة، وعبثت ببساتينه الخنازير البرية الهائجة، وتعطلت مراكبه المخصصة لصيد الأسماك، وغمرت جداوله المياه المالحة، فامتلأت مثانته بالملوثات والنفايات، وهكذا فَقَدَ حيويته، وخسر نضارته، وتدهورت صحته، وساءت أحواله، وبدت عليه علامات العجز والشيخوخة”.

لا اريد ان اتغنى بزهو شط العرب وكيف كان الملهم لكثير من الشعراء وكم من الادباء تربى على يديه لأني بهذا سوف اوصم بالسلفية او بالطائفية في ابسط الاحوال.

ترى لماذا هذا الاهمال؟

نفهم الخراب الذي حل بالمقبرة الانكليزية لأن الميتين ناس كفرة وزنادقة ومآلهم الناررغم انها معلم تاريخي شئنا ام ابينا ولكننا لانفهم هذا الاهمال المتعمد بشط له تاريخه المجيد ،فهو من بين شطآن العالم مد يديه الى طلبة جامعة التنومة وضم ذكريات الفقراء وهو يعبرون “بالطبكة” يوميا وعلى ضفتيه يرتاح القوم في العصاري اما تحت تمثال بدر شاكر السياب او في المقاهي العديدة.

لا اعتقد ان بصريا لايحمل ذكريات هي الاجمل في حياته عن شط العرب.

دعونا من الذكريات ونتفحص ماقالته ميغان حول الايام العصيبة للمالكي في هذه السنة.. فهل يعني هذا ان اولاد الملحة سيغنون على ضفاف شط العرب “سنة حلوة ياجميل”؟وهل يستعد مجلس محافظة البصرة مع الدكتور خلف عبد الصمد في مغادرة حفل عيد الميلاد؟.

قولوا آمين.  

تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.