مأزق النظام الايراني في سوريا

faqihassadعلي قائمي

عقب الربيع العربي، ثار الشعب السوري لاسقاط النظام الأسدي القمعي ووصل بشار الأسد الى حافة السقوط الا أن النظام الايراني أنقذه علنيا وبتدخله بكامل قواه لقمع الشعب السوري. وكانت شدة القمع والقتل والابادة من قبل الأسد قد خلقت البيئة لظهور داعش ثم أوعز النظام الايراني لعملائه في العراق (المالكي) وسوريا (بشار الأسد) باطلاق سراح المتطرفين من السجون العراقية والسورية لتعزيز داعش ليستبيح بآرواح السوريين والعراقيين وتمرير أجندته بهذه الذريعة. ولكنه وبما أن النظام الايراني لم يستطع التغلب على الشعب السوري رغم حجم قواته العسكرية الهائلة فلجأ الى روسيا بهدف ابقاء الأسد على الحكم بأعمال القصف الجوي الروسي.
روسيا وباستغلال ضعف الحكومة الأمريكية وتقاعسها تسعى جاهدة لتعزيز موقعها في المنطقة بالاستيلاء على حلب. فيما يريد النظام الايراني وبخلاف روسيا ابقاء الأسد على الحكم باعتباره العامل الحاسم له. وبعيدا عن أي تطور عسكري في أمد قريب فان ابقاء الأسد أمر غير ممكن لأن مع كل جريمة ترتكبها روسيا وكل ضربة تتلقاها المعارضة فهذا الأمر يجعل فقط المعارضة تصبح أكثر راديكالية وأكثر جزما. لأن قضية سوريا من الآن فصاعدا قد تجاوزت مرحلة المصالحة بين الشعب والأسد. عملية ابادة حوالي نصف مليون من المواطنين وتشريد نصف سكان البلد و5 سنوات من الحرب بين الأسد والشعب السوري لا يمكن أن تنتهي الى عودة سلطة الأسد الى ما كان عليه سابقا.
وفي الآونة الأخيرة قال قاسم سليماني في الذكرى السنوية لمقتل الجنرال همداني الذي كان يتولى قيادة فيلق القدس في سوريا: «نحن لا ندافع هناك عن سوريا فقط وانما ندافع عن الاسلام والجمهورية الاسلامية…». وفي واقع الأمر انه يؤكد على الأهمية الستراتيجية للأسد بالنسبة الى النظام الايراني ويقول بوضوح أن حرب النظام الايراني في سوريا هي حرب للدفاع عن النظام في ايران. ولهذا السبب يعيش نظام الملالي في سوريا في مأزق وأصبحت سوريا له مستنقعا. المأزق هو أن النظام الايراني هو الخاسر في حربه ضد الشعب السوري وغير قادر على حفظ الأسد مهما كان السيناريو ومن جانب آخر انه مضطر لحفظ الأسد على الحكم للحفاظ على كيانه في ايران. الواقع أن النظام يعلق كل آماله على السياسة الهزيلة التي ينتهجها الغرب خاصة اوباما ويأخذ في حسبانه أن يتخلص من هذا المستنقع الذي تورط فيه من خلال استغلال هذه الفرصة السانحة له جراء سياسات الغرب.
ويوم 17 اكتوبر أظهرت صحيفة كيهان المحسوبة على خامنئي سياسة النظام المتبلورة في حفظ الأسد مهما كلف الثمن. وجاءت في افتتاحية الصحيفة: «خلافا لأمريكا فان جبهة المقاومة ليست مستائة لما حصل في لوزان». آي تقول بصراحة اننا سعداء من فشل المفاوضات. وتدعي الصحيفة: اننا فرضنا ظروفنا للمفاوضات مع أمريكا وتغير الوضع حيث لا نعود نسمع مقولة تنحي الأسد. وتضيف الافتتاحية وبسبب التطورات الحاصلة ميدانيا فان أمريكا اضطرت لقبول شروط النظام وتسنتتج : «مسألة سوريا لا تعالج من خلال أمثال مؤتمرات لوزان» وتضيف: «الواقع أن سوريا له حل عسكري فقط».
بدوره قال حسن نصر الله زعيم حزب الشيطان بصريح العبارة ان كلمة الفصل في سوريا في الميدان (28/9/2016 وسائل الاعلام اللبنانية) وهذا هو الخط الحقيقي للنظام.
بما يخص سياسة ضعف أمريكا توضح افتتاحية صحيفة كيهان جانبا من الواقع ولكن على كل حال يبين مراهنة النظام على روسيا من جهة وعلى السياسة الهزيلة الأمريكية من جهة أخرى وأن هذه السياسة الضعيفة هي التي تشجع النظام على التمادي في غيه ليقول بكل صراحة أن الحل السوري هو حل عسكري فقط وليس الا بحسب رأي النظام وخلافا لتبجحات وزير خارجية النظام ظريف. كما قال حسين شيخ الاسلام مستشار وزير الخارجية للنظام وهو ما يتردد اسمه على الألسن كمرشح لسفارة النظام في سوريا في مقابلة مع صحيفة كيهان «ان لقاء قاسم سليماني بالرئيس الروسي بوتين هو الذي أرسى دعائم العلاقات الستراتيجية بين ايران وروسيا حيث اتخذت روسيا قرارها بهذه الأبعاد بناء على الدعوة التي وجهتها ايران حول كيفية معالجة مسألة سوريا والخوض في سوريا والعمل فيها…». هذا التصريح يبين بوضوح أن النظام وبما أنه قد وصل الى طريق مسدود قد جر روسيا الى سوريا. ولكن الواقع هو وخلافا لدعايات النظام فان مجرد امتلاك القوة الانسانية على الأرض ليس عامل الحسم كونه لا يعد شيئا أمام شعب نهض بكامله، بل بالعكس يتسبب في تحمل خسائر أكثر وتلقي مزيدا من الهزائم. بدورها روسيا وكونها تعلق آمالها على النظام الايراني بأنه يعد القوة البرية في الميدان ترتكب جرائم هائلة بلاهوادة. لذلك وبالقدر الذي يتم اجتثاث شأفة النظام الايراني من سوريا فان تدخل روسيا بتبعه يتقلل وعندئذ الغرب يستطيع أن يساوم روسيا بطريقة أسهل. وعليه فان الجذر والأس الأساسي للمشكلة والأزمة في سوريا هو النظام الايراني الذي عرّض سوريا للتدمير والخراب وجعل كل المنطقة والعالم أمام تحديات ومخاطر جدية بسبب ضعفه ومن أجل الحفاظ على كيانه في طهران. وعلى هذا السياق فان الحل السوري يكمن في قطع دابر النظام الايراني من سوريا وأن أي تنازل له سيصعد الآزمة فقط.

About علي قاُئمي

كاتب ايراني معارض منظمة خلق
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.