لندنستان والإخوان 1-2

لندنستان والإخوان 1-2

كامل النجار

كتبت السيدة سهام فوزي مقالاً بعنوان (جمهورية إسلامستان الكبرى) بموقع الحوار المتمدن بتاريخ 6/4/2009 شرحت فيه الهدف الأكبر للجماعات الإسلامية، ألا وهو حكم العالم كله بالشريعة الإسلامية. وقد ذكرت السيدة سهام أن الرسائل الإلكترونية انهالت عليها بالنقد والتقريع. وفي الحقيقة فإن ما ذكرته الكاتبة الفاضلة لا يتعدى أن يكون الرأس الطافية لجبل جليدي هائل يختفي تحت الماء.
جماعة الإخوان المسلمين منظمة ملأت العالم بالعنف والتفجيرات بهدف إخضاعه لسيطرتهم وتطبيق الشريعة الإسلامية. فالجماعة منذ تأسيسها عام 1928 على يد حسن البنا، لم تخف هدفها النهائي – وهو السيطرة على العالم كله بالإسلام. وللوصول إلى هذا الهدف يطبق الإخوان سياسة ميكافيلي التي تقول إن “الغاية تبرر الوسيلة”. وهم لا يتورعون عن استعمال أي وسيلة حتى إن كانت التعاون مع الشيطان إذا كانت ستوصلهم إلى هدفهم المنشود. فقد تعاونوا مع المخابرات الأمريكية لمحاربة الشيوعية، وتعاونوا مع المخابرات البريطانية لمحاربة جمال عبد الناصر، وتعاونوا مع النازية للقضاء على اليهود، وتعاون مؤسسهم حسن البنا مع الملك فاروق ضد حزب الوفد في مؤتمر الإخوان الرابع سنة 1936 لمبايعة الملك فاروق، وكتب إليه يقول (وإن لنا في جلالة الملك المسلم أملا). وعندما قال زعيم الوفد مصطفى النحاس (الشعب مع الوفد) قال البنا (الله مع الملك) (قميص غزة للسيد إمام عبد العزيز شريف) (الشرق الأوسط 23/4/2009). وقد صرح جون لوفتس John Loftus المدعي العام الأمريكي السابق أن جهاز المخابرات الأمريكية CIA قد دمر في عام 2004 جميع أشرطة التسجيل التي تخص تعاونهم مع الإخوان المسلمين.
ومنذ البدء اتخذت الجماعة قراراً بالعمل نحو هدفهم بصبر شديد وتؤدة حتى لا تصطدم مع الحكومات في مصر أولاً، ثم في البلاد الإسلامية ثم بقية العالم. وقد أكد المرشد الحالي لحزب الأخوان المسلمين في مصر، محمد مهدي عاكف هذه الإستراتيجية حديثاً عندما قال (نحن نتعاطى مع الأمور بصبر شديد وحكمة) (محمود عبد الرحيم، إيلاف 22/5/2008).
ومنذ البدء كذلك اتخذت الجماعة قراراً باستعمل التقية، بمعنى أن يظهروا للناس غير ما يخفون، فلبسوا لباس التقوى وزعموا أنهم الطبيب الذي يود تخليص المريض من الداء، بينما هم في حقيقة الأمر السرطان الذي ينهش في جسد ذلك المريض. وتكوّن السرية التامة وعدم البوح بأسرار الجماعة جزءاً مهماً من البيعة التي يؤديها كل عضو جديد ينضم إليهم. وحركة الإخوان المسلمين هي الأم لكل الحركات الإسلامية التي نشأت في القرن العشرين، ولكن كنوع من التقية منح الإخوان تنظيماتهم في بلاد العالم الأخرى مسميات مختلفة مثل حزب التقوى والجهاد، وجبهة الإنقاذ في الجزائر، وحزب الدعوة والإصلاح في المنطقة السنية في إيران، والذي نفى المتحدث باسمه حديثاً أن يكونوا قد قطعوا علاقتهم مع تنظيم الإخوان العالمي (نافذة مصر، 20/11/2008)، والجماعة الإسلامية بقيادة الشيخ عمر عبد الرحمن، والجهاد الإسلامي بقيادة الظواهري، والمهاجرون في لندن بقيادة عمر بكري، وحزب التحرير في لندن بقيادة أبي قتادة الأردني، وعسكر طيبة، وحماس، وأسماء أخرى عديدة. كل هذه الجماعات تنتمي إلى، وتدين بتعاليم وأهداف منظمة الإخوان المسلمين وتربطها بهم علاقات وشيجة.
والإخوان، كجزء من التقية، يبيحون الكذب على الناس، والإسلام عموماً يبيح الكذب، بل يحث عليه إذا كان فيه منفعة للمسلمين. (كل الكذب مكتوب إلا أن يكذب الرجل في الحرب فإن الحرب خدعة، أو يكذب بين اثنين ليصلح بينهما، أو يكذب لامرأته ليرضيها) (تخريج أحاديث الأحياء للحافظ العراقي، ج2، حديث 7). وبفضل هذه التقية أصبحت منظمة الإخوان أكثر زئبقيةً من الزئبق نفسه. والإخوان يعتقدون أنهم في حالة حرب مع جميع حكام العالم لأنهم لا يطبقون الشريعة، كما قال منظرهم سيد قطب، في كتابه “معالم على الطريق”، ولذا يباح لهم الكذب ما داموا في حالة حرب.
وكمثال لهذا الكذب المباح نجد السيد سالم الفلاحات، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية ينفي وجود أي علاقة تنظيمية للإخوان الأردنيين مع منظمة حماس في غزة. ونحن نعلم أنه في العام 1977 قد تم توحيد منظمات الإخوان المسلمين في غزة والضفة الغربية والأردن تحت مسمى “جماعة الإخوان المسلمين في بلاد الشام”. وعندما هرب ممثل حماس خالد مشعل من الكويت في عام 1990 بعد الغزو العراقي، فتحت له جماعة الإخوان المسلمين الأردنية مكتباً في عمان ظل به إلى أن سممه الموساد الإسرائيلي فحوّل مكتبه إلى دمشق.
وفي مقابلة مع مراسل صحيفة إيلاف قال الشيخ محمد مهدي عاكف، المرشد العام (لا يوجد تمييز ديني في مصر. هذا كلام فارغ) (محمود عبد الرحيم، إيلاف 225/2008). ولا يخفى، طبعاً، على أحد أن التمييز الديني في مصر قد فاحت رائحته الكريهة حتى وصلت عنان السماء، ومع ذلك ينفيه السيد المرشد العام، رغم أن بقية الإخوان من د. محمد عمارة إلى د. شاهين يبيحون دم الأقباط ويكفرون البهائيين في الصحف والإذاعات المصرية.
الأهداف المعلنة للجماعة منذ تأسيسها هي:
1- تكوين الفرد المسلم كي يكون مكتملاً بدنياً وذهنياً وإسلامياً – والاكتمال البدني يتكون من الرياضة والتدريب العسكري الذي تقوم به الجماعة في جبل المقطم وفي معسكرات الشباب التي تقيمها في الصحراء بعيداً عن الأعين المتطفلة
2- تكوين الأسرة المسلمة بتنشئة الأطفال على تعاليم الإسلام، وتكوين المجتمع المسلم الذي يتقبل، بل يطالب بتطبيق الشريعة
3- تكوين الحكومات الإسلامية في جميع البلاد الإسلامية
4- إعادة الخلافة الإسلامية حتى تجتمع الأمة تحت قائد واحد
5- السيطرة على العالم بالإسلام
وقد يلاحظ القاريء أن هذه الأهداف هي نسخة معربة من أجندة هتلر عندما كان يحلم بالنازية ويخطط لها. فهو قد بدأ بتحضير الفرد الألماني عندما كتب ماينكانف “كفاحي”، وشرح أهدافه. ثم كوّن الشباب النازي ودربهم عسكرياً وذهنياً. وحضّر المجتمع الألماني بأن أقنعهم أنهم الجنس الآري وبالتالي هم الأسياد على جميع أجناس العالم The Master Race . ثم كوّن الحكومة النازية، ثم حاول السيطرة على العالم بالنازية، وكاد ينجح لولا دخول أمريكا مؤخراً في الحرب.
وقد كان، بل وما زال الإخوان معجبين بهتلر والنازية، وقد كرّموا الشيخ أمين الحسيني بعد أن زار ألمانيا واجتمع مع هتلر الذي بعثه إلى البوسنا لتجنيد المسلمين في الجيش الألماني، واستطاع الحسيني أن يجند عشرين ألفاً من الشباب المسلمين في الجيش الألماني. ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية آووا الحسيني بالقاهرة مع عدد لا يستهان به من النازيين الهاربين من محاكم نورينبيرج. وقد توفي في التسعينات في القاهرة طبيب معسكرات النازية د. أربرت هايم الذي اعتنق الإسلام وآوته الجماعة حتى مماته في عام 1992. وإعجاب الإخوان بالنازية لا يقف عند هتلر بل يمتد إلى جوزيف غوبلز، وزير الإعلام والدعاية النازي الذي قال “أكذب..أكذب..أكذب، حتى يصدقك الآخرون”. ولهذا السبب يكذب علينا المرشد العام وجميع قيادات الإخوان في جميع أقطار العالم وينكرون ما قالوه حتى وإن كان مسجلاً صوتياً، كمقولة “طز في مصر” . (أنظر الفيديو الذي يسجل زيارة الحسيني لهتلر )
http://www.youtube.com/watch?v=d51poygEXYU
والإخوان أصبحواء خبراء في تمويه الحقائق وإخفاء قصدهم والاستشهاد بآيات مبتورة من القرآن لأنهم يعتبرون كل شخص ليس من جماعتهم ناقصاً عقلياً. فمثلاً، يقول دكتور فضل، منظّر جماعة الجهاد الإسلامية وأحد أمرائها، في كتابه الجديد “قميص غزة” : (فدون ذلك أمور لا تحتمل عقول الناس ذكرها الآن، وقد أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم) (الشرق الأوسط 21/4/2009). منتهى الاستعلاء على بقية المسلمين ناهيك عن غير المسلمين الذين لا يفهمون الإسلام. ويقول نفس الأمير (شاع بين الناس في العقود الأخيرة أن قضية فلسطين هي أم القضايا الإسلامية والعربية … وهذه هي أم القضايا: غياب الشريعة وضياع الخلافة.) وضياع الخلافة هو السبب الذي من أجله أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين. فأهداف الجهاد الإسلامي والإخوان المسلمين هي نفسها وإن تعددت أسماء التنظيمات.
وللإخوان وسائل عدة لتحقيق غايتهم بجانب التقية، منها العنف، والسيطرة على اتحادات الطلبة والعمال، وإنشاء المدارس والمؤسسات المالية تحت أسماء هلامية، لغسيل الأدمغة ولتمويل مخططاتهم، وكذلك بناء المساجد في أوربا وأمريكا لتجنيد الشباب في التنظيم ومن ثم في المنظمات الجهادية، والاستعانة بالإنترنت وفتح مواقع عدة تجند الشباب في التنظيم.
العنف هو سلاح الإخوان المفضل بعد التقية. وما زال للجماعة جناح عسكري للتدريب والاغتيالات، سماه حسن البنا “التنظيم السري” وما زال سرياً. وقد ترأسه كبار أعضاء الإخوان المسلمين مثل محمد الغزالي، وعبد الرحمن السندي وعبد العزيز كامل، وأحمد عادل، ومحمود الصباغ. هذا التنظيم هو الذي قام بمحاولة إغتيال جمال عبد الناصر عام 1954 ومحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في إثيوبيا عام 1995. ورغم إنكار الجماعة أنهم يدربون شبابهم عسكرياً، فقد صرح المرشد العام إبان حرب غزة الأخيرة أنه مستعد لإرسال مليون شاب إلى غزة لتحريرها (الشرق الأوسط 31/1/2009).. وكان قد صرح قبل ذلك باستعداده لإرسال عشر آلاف شاب مدرب إلى لبنان لمساعدة حزب الله. وهذا يُثبت أن التنظيم مازال يدرب الشباب عسكرياً ويعلمهم حمل السلاح والتفجيرات. وقد صرح المرشد أن أسامة بن لادن (وهو ينتمي إلى تنظيم الإخوان ولذا انضم إليه الظواهري في أفغانستان) بأن الشيخ أسامة مجاهد وهو يؤيده في جهاده. ونفس المرشد صرح في مؤتمر نقابة المحامين حديثاً أن الجهاد ليس لهواً وأنه يحتاج إلى تكنولوجيا متطوره وأن الإخوان مستعدون لذلك (د. رفعت السعيد في روز اليوسف).
وقال مرشدهم حسن البنا لأعضاء الجماعة في أحد مؤتمراتهم: عندما يبلغ عددكم اثني عشر ألفاً اخبروني لأغزو بكم كلَ جبارٍ عنيد (قميص غزة لدكتور الفضل). يقول نفس الدكتور فضل: (عندما كنت في باكستان قال لي أحد قدامى الإخوان المسلمين المصريين، وهو الأستاذ عبد العزيز علي (أبو أسامة)، وهو مدرب عسكري، قال لي عام 1986 ((إن الإخوان أرسلوه لتدريب الإخوان السوريين في معسكراتهم بالعراق عام 1982)). فالإخوان يبعثون المدربين العسكريين إلى كل البلاد لتدريب كوادرهم.
ونفس سياسة العنف يتبعها جميع تنظيمات الإخوان المسلمين في جميع الأقطار، بما في ذلك أوربا وأمريكا. وقد اعترف إخوان الكويت بتدريب شبابهم عسكرياً (د. المطلق في موقعه http://www.al-mutlaq_article_2008_11_12.htr). وفي سوريا كان للإخوان تنظيم مسلح قام بتصفية الأطباء والمهندسين ومحاضري الجامعات وغيرهم من الليبراليين أمام طلبتهم بالجامعات، وذبحوا طلاب مدرسة المدفعية في عام 1982 وكان هدفهم الاستيلاء على الحكم بالقوة، ولكن حافظ الأسد قضى عليهم ودمر حماة بسببهم. وفي السودان ما زال للإخوان مليشيات مسلحة رغم أن الحكومة الحالية حكومة إسلاموية كان عرّابها الشيخ حسن الترابي زعيم الإخوان المسلمين بالسودان. وقد ألّف كاتب سوداني، عبد الله غلاب، كتاباً عن تجربة السودانيين مع أول حكومة للإخوان المسلمين، سماه The First Islamist Republic وصف فيه النظام بأنه Reign of terror, a system of institutionalized torture (أي سلطة الرعب، نظام تقنين التعذيب). والإخوان في الصومال تحت قيادة الشيخ شريف، خاضت وما زالت تخوض حرباً أهلية رغم أن شيخ شريف قد أصبح رئيس الحكومة الإنتقالية. ونفس سياسة التدريب العسكري والتفجيرات متبعة من إخوان باكستان الذين ينضوي أغلبهم في جماعات مثل “عسكر طيبة” الإرهابية التي أسسها الأخ المسلم حافظ سليم.
وفي الجزائر قامت جبهة الإنقاذ الإسلامية التي أسسها الشيخ الإخواني محمد الغزالي عندما أصبح رئيساً لجامعة الجزائر بعد أن رشحته منظمة الإخوان المسلمين بمصر لتولي ذلك المنصب، ، بقتل المواطنين واغتصاب النساء ونهب البنوك والمحلات التجارية لتمويل حملتهم الشعواء من أجل الوصول إلى كراسي الحكم.
وفي غزة أصبحت الاغتيالات والتعذيب طبقاً يومياً تقدمة منظمة الإخوان المسلمين “حماس” لأعضاء منظمة فتح، وحتى لمواطني غزة غير المنتمين إلى فتح، وقد أكدت منظمة هيومان رايتس ووتش هذه الحقائق وطلبت من حماس إيقاف الاغتيالات والتعذيب. أما باكستان فقد أصبحت دولة مهددة بالانهيار من جراء العنف اليومي الذي يمارسه الإسلاميون من أجل تطبيق الشريعة، وقد نجحوا في تطبيقها في وادي سوات وجلدوا النساء وأغلقوا مدارس البنات، (وقاموا بهدم 220 مدرسة للبنات). والآن يطالب إمام المسجد الأحمر، الذي حاول الهرب من مسجده المحاصر عام 2007 متنكراً بزي امرأة، بتطبيق الشريعة في كل باكستان وجميع بلاد العالم، ويقول إنه لا يخشى الاستشهاد في سبيل الله، رغم تنكره كامرأة عندما دقت الشهادة على باب مسجده.
وحتى في بريطانيا فهناك حوالي أربعة آلاف شاب بريطاني مسلم من إصول باكستانية قد تخرجوا من معسكرات تدريب “عسكر طيبة”. وفي أمريكا قام الشيخ عمر عبد الرحمن مع محمود أبو حليمة ورمزي يوسف بتفجيرات برج التجارة العالمي في نيويورك عام 1993 ، وجميعهم أعضاء في التنظيم رغم أن شيخ عمر عبد الرحمن قد انحاز جانباً منهم وأسس “الجماعة الإسلامية ” التي تسوق أعضاءها نحو نفس أهداف الإخوان.
ورغم كل هذا ينكر المرشد العام محمد مهدي عاكف أن الجماعة تمارس أو حتى تؤمن بالعنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم. ولكن نظرة عابرة إلى الرمز الرسمي للإخوان المسلمين تفضح إيمانهم بالعنف. فالرمز يتكون من دائرة بها سيفان متقاطعان، فوقهما المصحف وتحتهما الكلمة (وأعدوا) التي هي بداية الآية “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم”. وفي الجزء الأعلى من الدائرة مكتوب “الله غايتنا والرسول زعيمنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا”. فهل هناك إعلان عن العنف أوضح من هذا؟ وفي نفس الوقت، وكنوع من التقية، يردد علينا فقهاؤهم أحاديث مثل “دخلت امرأة النار في هرة، لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض”. يا للعطف والحنان الإسلامي المتدفق على الهرة، بينما يبيد أعضاء الجماعة آلاف البشر الذين يقفون في طريق تنفيذ أهدافهم.

ولأن جماعة الإخوان تعمل بصبر شديد وتؤدة، كما قال مرشدها العام حديثاً، فما زالت الجماعة في المرحلة الثانية من مراحلها الخمس، مما حدا ببعض شباب الجماعة في مصر إلى انتقاد المرشد العام لبطء التدرج في المراحل المعلنة وطالبوا باستقالته. فالجماعة ظلت منذ تكوينها تنشر دعوتها في البلاد الإسلامية ثم توسعت وفتحت فروعها في الدول الأوربية وفي الأمريكتين، حتى وصلت فروعها الآن إلى حوالي سبعين بلداً حول العالم، بينما يملك حزب التحرير (الذي كان قد أسسه الشيخ تقي الدين النبهاني الذي ينتمي للإخوان المسلمين) فروعاً في أربعين دولة.
ولكن رغم كل هذا الانتشار فما زالت الجماعة في مرحلة تكوين الفرد ذهنياً وعسكرياً، وتكوين الإسرة المسلمة بدءأ بإنشاء المدارس الدينية التي تعلم الأطفال منذ نعومة أظفارهم أنهم خير أمة أخرجت للناس وتعليمهم أن الآخرين على خطأ ولذا يجب عليهم تعلم الجهاد عندما يكبرون حتى ينشروا دين الله القيم. يقول الدكتور فضل، منظر الجهاد الإسلامي (وأنا في خواطري هذه اهتمامي الأول بالأمور الدينية لا السياسية، وذلك لتحذير الشباب المحب للإسلام والجهاد من مغامرات هؤلاء وأمثالهم التي لا صلة لها بدين الإسلام) (قميص غزة). فكل اهتمامهم ينصب على الشباب الذي يؤمن بالجهاد.
واهتماهم بالنشء يظهر في عدد المدارس الدينية التي قد أنشأوها، ففي بلد مثل باكستان يرزح مواطنوه تحت الفقر والمرض، توجد 30000 مدرسة دينية لتعليم القرآن والأحاديث. وفي اليمن السعيد هناك حوالي 330000 تلميذ وطالب يدرسون في مدارس القرآن التي لا تخضع لمراقبة وزارة التربية والتعليم (حسين الجرباني، الشرق الأوسط 23/4/2005).
وفي أوربا تتكفل الجماعة بتمويل مدارس نهاية الأسبوع Sunday Schools لتعليم أطفال الجاليات المسلمة القرآن والأحاديث التي تُنمي فيهم روح الاستعلاء على غير المسلمين. وبالنسبة للشباب تقيم الجماعة المساجد التي تجندهم في صفوف الجماعة ثم تغسل أدمغتهم وتعدهم للجهاد. ففي بريطانيا مثلاً يوجد حوالي ألف وخمسمائة مسجد، منها حوالي ستمائة مسجد تابعة للإخوان المسلمين (الياس توما، إيلاف 14/11/2005). وفي فرنسا يصل عدد المساجد إلى حوالي 1550 بينما يفاخر مسلمو ألمانيا بحوالي 2400 مسجد.
وعندما أُنشئت الجماعة عام 1928، كان دستورها ينص على أن الإخوان منظمة مكتفية ذاتياً ولا تقبل تبرعات إلا من أعضائها المنتظمين. ولكن لكي تنتشر الجماعة في أوربا وأمريكا كان لابد لهم من إيجاد مصادر أخرى للتمويل لأن اشتراكات الأعضاء وحدها لا تكفي.
في الحلقة القادمة سوف أناقش مصادر التمويل وماذا يصنع الإخوان بهذه الأموال.

كامل النجار (مفكر حر)؟

About كامل النجار

طبيب عربي يعملل استشاري جراحة بإنكلترا. من هواة البحث في الأديان ومقارنتها بعضها البعض وعرضها على العقل لمعرفة مدى فائدتها أو ضررها على البشرية كان في صباه من جماعة الإخوان المسلمين حتى نهاية المرحلة الجامعية ثم هاجر إلى إنكلترا وعاشر "أهل الكتاب" وزالت الغشاوة عن عينيه وتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من حقيقة الميثالوجيا الدينية الهدف الوحيد من كتاباتي هو تبيان الحقيقة لغيري من مغسولي الدماغ الذين ما زالوا في المرحلة التي مررت بها وتخطيتها عندما كنت شاباً يافعاً
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.