لماذا تريدين أن تتغير شخصيته؟

اتصلت بي فرح: ماما… الأحد سنقص شعر بنجي!
ـ خير انشالله؟؟؟ شو اللي غير رأيك؟
ـ ماما الصبيان في المدرسة دفشوه خارج الحمام وقالوا له اذهب إلى حمام البنات، وتتابع: لقد أهانوا رجولته!!
ـ ياصبر ايوب…..خلااااص…الاحد …الأحد… وافقتُ بسرعة قبل أن تحيل بنجي إلى عيادة المعالجة النفسية!
………
نال بنجامين أول شهادة في حياته… أقسمت أمه أنها ستعلقها في مكتبه، سواء خرج إلى الحياة طبيبا أم محاسبا
أم مخرجا في هولييود…. لقد منحنه اياها حلاقه، وهي شهادة أول قص شعر!
….
وبدلا من أن يذهب إلى صالون الحلاقة جاء الحلاق إلى بيته، وساعده الرجال في نقل كرسي الحلاقة إلى مطبخ العائلة،
حيث التف حوله الجمهور المشجع…. صافحه الحلاق مقدما نفسه، ثم أجلسه على الكرسي. كان بنجي يرتدي قميصا مكتوبا عليه “متمرد على الحلاقين منذ عام ٢٠١٢” وهو العام الذي ولد فيه. أغلقت أمه عينيها وحبست أنفاسها عندما قص الحلاق ما استطاع أن يمسكه من شعره, ثم ناولها ضمة الشعر. طبعا، وافق الحلاق أن يأتي مقابل شرط واحد، أن يتبرعوا بالشعر إلى جمعية تصنع الباروكات لمرضى السرطان، وذلك لأن زوجته مصابة بسرطان الثدي وقد خسرت كل شعرها في أعقاب التداوي بالكيماوي وتعاطفا معها!
…………
بنجي طفل خجول مهذب هادئ إلى حد يغمرك عنده بالسكينة، الأمر الذي يزعج أمه، ودائما تقول: (لم ينل شيئا من شيطنتي،
لقد صبه والده صورة طبق الأصل عنه) فعلا هو صورة عن والده!
تسالني بعد قص شعره: ماما، هل تتصورين أن شخصية بنجي ستتغير؟
وأجيب بغضب: ولماذا تريدين أن تتغير شخصيته؟؟؟ ثم أتابع: كي يتصل بك مدير المدرسة ليعلمك أنه قائد عصابة في المدرسة؟؟؟؟
ترمقني بنظرة حادة، وتقول: اسكتي، بلا فضائح!
وفعلا هذا ما قاله لي مدير المدرسة عندما كانت فرح في الصف الرابع. ولم تزل أينما حلت هي القائدة!! تذهب إلى المحكمة بين الحين والآخر، وذلك لتقدم للقاضي رأيها كمعالجة نفسية، في قضية طفل ما, فالأطفال الذين تنتزعهم الدولة من أحضان آبائهم بسبب سوء المعاملة يُحالون إلى العلاج النفسي، ولاحقا يأتي دور المحكمة لتبت في الامر، إذ كان يحق للآباء استرجاع الأطفال. طبعا هناك على منصة المحكمة بالاضافة إلى القاضي يوجد محامي العائلة، محامي الدولة والمعالج النفسي، كل يبدي رأيه.
مرّة قال لها القاضي: صار لي على هذه المنصة ٢٩ عاما، لم ار في حياتي معالجا نفسيا يبدي رأيه بهذا الوضوح والتفصيل، أتوقع لك مستقبلا رائعا أيتها الشابة!
…..
وبناء على تشجيع القاضي قررت فرح أن تدرس القانون بالإضافة إلى أنها تحمل شهادة ماجستر في علم النفس، ستبدأ الجامعة في بداية العام المقبل!
……..
قضينا يوما جميلا كان فيه بنجامين نجم الحفل. نتطلع دائما لنجعل من الحبة قبة، عندما يتعلق الأمر بصناعة الفرح! وكل حدث مفرح نعيشه، يجب أن نعيشه بعمقه كي يبقى ومضة سعادة على جدران الذاكرة، أو ربّما شهادة تُعلق على جدران المكاتب…….
****************************
هذا البوست للأصدقاء فقط، وللترفيه فقط بعيدا عن منغصات السياسة وأوساخها…

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

One Response to لماذا تريدين أن تتغير شخصيته؟

  1. ما أجمل أن تشاركينا أخبار أحفادك بطريقة محببة جدا جدا وهذا دليل حبك لأصدقائك لأنك تعلمين محبتهم لك ..دمت قلما مشعا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.