لماذا إتخذناهُ مُعلماً ؟

لماذا إتخذناهُ مُعلماً ؟

رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com

الضمير ( هُ ) يعود الى الصديق العراقي اليهودي يعقوب إبراهامي , وقبلهِ الضمير ( نا ) يعود إلينا نحنُ أصدقاءهُ وقرّاءهُ ومُحبّوه , شلّتهُ لو شئتم !
وملاحظة أولى منّي عن العراقيين ومحبتهم لبعضهم ووطنهم رغم الداء والأدواء لن يكفيه مجلّد كامل ( إسالوا مثنى حميد ) لذلك أستميحكم عُذراً
بعدم فتح هذا الباب كي لايضيع قصدي الأساس من المقال ( ربّما المقالات ) . لكن سأضيف مُلاحظاتكم بهذا الخصوص في القادمات .
************
مقدمة
http://www.ahewar.org/m.asp?i=2498

ليس عسيراً فهمَ المرءِ من كتاباتهِ خصوصاً بتوفر شرطين .
أن يتحلّى الكاتب بالدقّة والصراحة والموضوعيّة , والعبارات واللغة الواضحة الجليّة .
وإبراهامي قلّ نظيره في كلّ هذا , يعشق العربيّة الى حدّ يجعلهُ يتسائل / وهل هناك لغة في العالم أجمل من العربية ؟
ولاحظوا هو لم يقل عنها أجمل لغة في الكون . في ظنّي لسببين
الأول / قد تكون الموسيقى , هي اللغة الكونية الأجمل عندهُ , يقول بهذا الخصوص
هكذا كان دائماً في التاريخ: الموسيقى تسبق الأحداث. علينا فقط أن نصغي لما تنبؤ به ولما تريد أن تقوله لنا !
والثاني / ليبتعد قدر الإمكان ,عن المبالغة التي نتصف بها عموماً نحنُ العرب ! ( طبعاً هو يعدنّي في طليعة المُبالغين )
لكنّهُ يتهكم ويضحك في كتاباتهِ دون أن تفقد تلك الكتابة , ذرّة من أهميتها وموضوعيتها كأن يقول
وسايكس بيكو؟ اين سايكس بيكو؟ كيف يمكن ان نعيش بدون سايكس بيكو؟ لا تقلقوا: محمد نفاع لم ينس سايكس بيكو .
الشرط الثاني/ أن يتحلّى القاريء بالهدوء والإستعداد للفهم بعقلٍ مفتوح .
هكذا أجدُ طريقي مُعبداً بجودة كافيّة , لشرح أفكار وأهداف الرجل النبيل الإنسان يعقوب إبراهامي (الذي يُعطي الدُنيا أكثر ممّا يأخذ منها )
هكذا تقول صورته على الأقل . وهكذا يفهم من يقرأهُ بإمعان وصفاء نيّة .
ولن أتطرّق الى نواياهُ هو , كي اُحافظ على مصداقيتي بدرجة كافية . فالنوايا ( عندنا )هي في علم الغيب .
مع أنّي لستً مقتنعاً كثيراً بتلك الفكرة , وأميلُ في هذا الخصوص الى قول يسوع / من فِضلة القلب يتكلم اللسان .
أبغي من محاولتي هذهِ تعريف القرّاء الجُدّد بيعقوب إبراهامي ( كما فعلتُ يوماً مع د. ريتشارد داوكنز )
ومن وراءهِ التأكيد على أهمّ هدفين ( لمنطقتنا ) في ظنّي / السلام أولاً , والنهوض ثانياً !
والآن سأترك كلمات إبراهامي تخاطبكم مباشرةً بلا وسيط
ومصدري مقالاتهِ نفسها من موقعهِ على الحوار , فلا داعي لتكرار ذكر المصدر كلّ مرّة .
************
من مقالهِ الأوّل
صديق عزيز , أنا هو “القارئ والصديق العزيز” الذي أشارَ إليه حسقيل قوجمان في مقالتين نُشرتا في الحوار المتمدن تحت عنوان
“حول إنتقادات موجهة إليّ” .
صداقة حسقيل قوجمان عزيزة عليّ .
هذهِ صداقة شدّت عُراها سنواتٍ طوال قضيناها معاٌ في سجون العراق, في نقرة السلمان والكوت وبعقوبة
كُنّا شباباً (بل صغاراً) مُتحمسين , وحسقيل قوجمان كان لنا قدوة تُحتذى (لن أنسى رباطة جأشهِ وهدوء أعصابهِ, في تلك الليلة الحالكة في سجن الكوت
حين كنّا نعرف, وكان هو أول من يعرف, أنّه على رأسِ قائمة المُستهدفين برصاص حُراس السجن . وأنّه لن يبقى حيّاً حتى صبيحة اليوم التالي) !
بين إضرابٍ عن الطعام ومناوشات مع حُراس السجن , كنّا نتناقش وندرس الماركسية .
********
من مقالهِ الثاني
هل الماركسية عِلمْ ؟
لا تخلو مقالة من مقالات حسقيل قوجمان في “الحوار” من الأشارة إلى أن الماركسية “علم كسائر العلوم” بل هي “علم العلوم” .
“الماركسية علم على من يريد أن يكون ماركسياً أن يتعلمه كما هو الحال في أي علم آخر” .
ثم يقول : “على من يدرس الماركسية أن يؤمن بها كعلم” .
سأتناول في حلقة قادمة التناقض بين “الأيمان و”العلم” . سأحاول أن أثبت أنّهما لا يمكن أن “يعيشا” تحت سقف واحد.
سأحاول أن أبيّن أيضاً أنّ إصرار قوجمان المتوالي في كل مقالاته , بمناسبة وبغير مناسبة , على “إن الماركسية علم” , إن هو إلاّ ستار من دخان يخفي وراءه (عن نفسه وعن الأخرين) عقيدة “دينية” بغطاء علماني .
***********
من مقالهِ الثاللث
التناقض الكامن في هذه النظرة صارخ للعيان : إذا كانت الماركسية علماً, لماذا يجب أن نؤمن بها ؟
ألا يكفي أن نتعلمها “كسائر العلوم”  نطبّقها , ونراقب نتائج تطبيقها على الواقع ؟ وما دخل الأيمان هنا ؟
وإذا كانت الماركسية علماً كسائر العلوم, لماذا يجب أن لا نحيد عنها مهما تغيرت الظروف ؟
وإذا تبيّن لنا في التطبيق إنّ الأمور لا تسير وفقاً لما تنبأت به النظرية, ماذا نفعل ؟
ننتظر حتى يكتشف حسقيل قوجمان “قانوناً” جديداً وينسبه إلى أباء الماركسية ؟
تخيلوا أستاذاً في الفيزياء يقف أمام تلاميذه , في مستهل القرن العشرين, ويقول لهم: إن أحداً منكم لا يمكن أن يكون عالماً حقيقياً بدون أن يدرس نظرية نيوتن ويؤمن بها ولا يحيد عنها مهما تغيرت الظروف
هل كنّا في هذه الحالة سنحصل على نظريات آينشتين في النسبية الخاصة والعامة ؟
على كل حال في العلم , لن تجدوا من يقول لكم: “أنا أؤمن” أو “لا أؤمن”
إلاّ إذا كان في حالة من الأنهاك الفكري الشديد.
أما رجل الدين فلن يتردد لحظة في القول / أنا أؤمن أن الله خلق السموات والأرض .
رجل الدين “يؤمن” بحقائق مطلقة لا حاجة ولا سبيل إلى إثباتها أو تفنيدها .
أما رجل العلم ف”يعلم” إن النظرية العلميّة صحيحة ما دامت الشواهد والتجارب تؤكد ذلك .
**********
من مقاله الرابع
كارل ماركس : “لا شيئاً إنسانياً غريب عني” .
جاء كارل ماركس ليحرر روح الأنسان من أكبالها.
الجريمة التي إقترفها التيار الستاليني في الحركة الشيوعية ، بحق الطبقة العاملة العالمية ، والتي أدت في نهاية الأمر ألى إنهيار الحركة الشيوعية
هو أنه أخلى الماركسية من محتواها الأنساني .
وماركسية بلا محتوى إنساني هي ماركسية ميته . ماركسية بلا روح ، هي “عقيدة دينية” !
************
من مقالهِ الخامس , يقول
شيئاً فشيئاً أخذ كويستلر يدرك إن الديالكتيك يوّلد لدى المرء ذهنية مستعدة لأن تتقبل ، بإسم “الضرورة الديالكتيكية” ، أبشع الأمور وأقبحها الكذبة الضرورية ، الأفتراء الضروري ، ضرورة تخويف الجماهير ، ضرورة تصفية المعارضين والطبقات المعادية ، ضرورة تصفية جيل كامل من أجل مصالح الجيل القادم !
عندما سُئل كارل ماركس ، على يد إبنته لورا ، عن أحب شعار لديه أجاب : التشكيك في كل شيئ (“De omnibus dubitandum”) .
كيف تحولت طريقة البحث والتحليل ، التي بناها وطورها هذا الأنسان ، إلى وسيلة لكم الأفواه ، إسكات الضمير وتبرير كل إكذوبة وحيلة ؟
كيف تحولت الفلسفة التي رفعت روح الأنسان إلى السماء ، إلى شعوذة ؟
***************
في مقاله السادس قال :
أمر غريب حدث ل”مفكرينا الماركسيين” (الستالينيين) وهم يمارسون الديالكتيك من طريقة لفهم الواقع ، إنقلبت “قوانين الديالكتيك” إلى الواقع نفسه
(فصاروا لا يميزون بين الواقع والخيال) .
ومن أداة لكشف الحقيقة تحول الديالكتيك ، على أيديهم ، إلى أداة لإسكات الضمير وطمس الحقيقة !
ثمّ يقول لاحقاً :
فريدريك أنجلس صاغ “قوانين الديالكتيك”
كلنا نعرف إن ماركس أوقف ديالكتيك هيغل على قدميه بعد أن كان يقف على رأسه .
(خطر ببالي وأنا أكتب هذه السطور إن ستالين “بطح” الديالكتيك على بطنه بعد أن أوقفه ماركس على قدميه ) .
********
في مقاله السابع يقول
أو إنّ مقولة “الديالكتيك علم العلوم” هي حقيقة علمية ، وككل حقيقة علمية فإنها ليست حقيقة مطلقة , بل خاضعة لكل قواعد البحث العلمي
ويجب إختبار صحتها كل يوم ومع كل إنجاز علمي يحرزه الفكر البشري !
***********
في مقالهِ الثامن يقول مايلي ( وأرجو أن تلاحظوا دقتهِ الشديدة ) !
أريد أن أوضح ماذا أعني عندما أقول: هذه “جملة لا معنى لها”.
“شمال بغداد” , و”شمال القطب الشمالي”
إذا جاء أحدهم وقال لكم: “أنا أسكن شمال بغداد” فإنكم تفهمون ماذا يقصد (بإفتراض أنكم تتكلمون اللغة العربية).
قد يكون الرجل صادقاً في قوله، وهو يسكن حقاً في إحدى الضواحي “شمال بغداد”. وقد يكون كاذباً وهو يخفي مكان سكناه الحقيقي خوفاً من أن تناله أيدي “جنود الله” (ممن يسميهم البعض “المقاومة الباسلة”).
في كلتا الحالتين أنتم تفهمون ما يقوله لكم. الجملة: “أنا أسكن شمال بغداد” هي جملة ذات معنى، لا لأن بغداد عزيزة وقريبة من القلب دائماً (“بلادي وإن جارت علي عزيزة”) ، بل لأن “شمال بغداد” هو مكان يمكن الأشارة إليه في الخارطة، يمكن الذهاب إليه مشياً على الأقدام ويمكن السفر إليه بالسيارة.
أما إذا جاء أخونا هذا وقال لكم: “أنا اسكن شمال القطب الشمالي” ، فبعد أن تتغلبوا على الصدمة الأولى، ستسألونه إذا كان يتكلم اللغة العربية أم لغة أخرى لا تفهمونها، لأنكم لا تفهمون ما يقوله. وإذا أصرّ على أنّه يتكلم اللغة العربية الفصحى فقد تنصحونه بتناول بعض الأقراص المسكنة والتزام الفراش بضعة أيام لأنه على ما يبدو مرهق الأعصاب ويتفوه بأقوال “لا معنى لها”
“شمال القطب الشمالي” ؟ ما هذا الكلام ؟
ليس لهذا التعبير معنى على الأطلاق. نحن نعرف ما معنى “الشمال”. نحن نعرف ما هو “القطب الشمالي”.
لكننا لا نفهم ما معنى “شمال القطب الشمالي”. هذا كلام “لا معنى له”. Nonsense.

*********
الخلاصة
سأتوّقف اليوم مع نهاية مقاله الثامن
وربّما يتدخّل أحد أعضاء الشلّة لإكمال ما أعتبرهُ بداية ضرورية لنا ولمستقبل منطقتنا في السلام والنهوض والتطوّر ولحاق الركب العالمي
ثمّ لسبب مهم آخر عند العراقيين , و بالذات الواعين منهم
هو رفع الظُلم الذي طالما أصاب في كلّ مرّة شريحة مهمة من نسيج شعبنا الملوّن بكل ألوان الطيف الجميل , هل أحتاج أن أعدّهم لكم ؟
إسمعوا جملة يعقوب التالية مرّة اُخرى :
لا لأنّ بغداد عزيزة وقريبة من القلب دائماً (“بلادي وإن جارت علي عزيزة”) .
وإسمعوا تحيتهِ لنا بمناسبة السنة العبرية .
بعد ذكر العديد من مؤيديه وخصومهِ بأسمائهم ( صدقوا أو لاتصدقوا هو يذكر خصومهِ بإسمائهم عكس مثقفينا الذين يستنكفون ذلك معهُ )
يقول / بإختصار إلى كل قارئات و قراء “الحوار المتمدن”: שנה טובה – شنة طوبة (سنة طيبة)
{ شنة = سنة. طوبة = طيبة. روش = رأس.
هل نحتاج الى دليلٍ آخر يثبت أننا أمام لغتين شقيقتين وشعبين شقيقين ؟ }
وإصغوا أخيراً معي لحلمهِ الأهمّ
يقول / أحلم باليوم الذي سيحّل فيهِ السلام بين إسرائيل وفلسطين وعلما الدولتين , يخفقان معاً

تحياتي لكم
رعد الحافظ
20 مارس 2012

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.