لقد صدأت وبان معدنك الردي

اسمحوا لي ان اقتبس عنوان كتاب “الخوف من الحرية” للكاتب الرائع اريك فروم ليكون مدخلا لهذه السطور،عدا اني اقبست شطرا من قصيدة الجواهري المعروفة لتكون عنوان الموضوع.

باب الحرية مغلق منذ زمن بعيد واحد الاسباب كما يقول عضو برطمان يظهر في اليوم 25 ساعة في القنوات الفضائية “ان السبب هو لأجراء الصيانة والتحسينات”. ولكن عضو برطمان آخر وهو مولع بالرد على الاول يقول ان “السبب هو ان الباب محروس بسور سليمان”.

ومهما يكن فباب الحرية يحرسه جنود عابسون بنظارات سوداء ومتأهبين لاطلاق النار على كل من تسول له نفسه الاقتراب منه وكأنهم يحرسون مقام شجرة آدم في قضاء القرنة.

واليكم مافعله الجنود يوم امس:

1-“منعت قوات الجيش في محافظة كربلاء، اليوم السبت، عشرات الفلاحين من التظاهر للمطالبة بتعديل قانون الاصلاح الزراعي على الرغم من حصولهم على الموافقات الأمنية، في حين عد عضو في مجلس المحافظة قرار المنع “سابقة خطيرة”(انتهى).

من منكم يعرف من هو الذي اصدر اوامره بذلك وسأقدم له شكري الخالص؟.

2- قال مصدر مطلع في دائرة الإصلاح المركزية التابعة لوزارة العدل العراقية، “إن الحكومة أصدرت أوامر إلى مديريات مكافحة الإرهاب ومديرية مكافحة الإجرام وقادة العمليات في وزارة الدفاع بتحويل كل موقوفيها «بغض النظر عن التهم الموجهة إليهم إلى سجون وزارة العدل». (انتهى الخبر).

هل تستوعب سجون وزارة العدل اكثر من 100 ألف معتقل؟ وماهو القصد من هذا الاجراء؟أم ان تعليمات هذه الدائرة بمنع زيارات السجون هي السبب في ذلك؟.

من منكم يجيبني على هذا السؤال.

3- اوامر إلقاء القبض الصادرة من القضاء، تنص على ضرورة عرض المتهم على قاضي التحقيق خلال 24 ساعة من تاريخ اعتقاله، ومن حق القاضي تحديد مدة التوقيف”.

من منكم يعرف عدد الموقوفين الابرياء منهم والمذنبين الذين امضوا لحد كتابة هذه السطور اكثر من سنة بدون محاكمة؟.

4- تنظر لجنة برئاسة الأمانة العامة لمجلس الوزراء وممثلي جهات دينية وعشائرية في مطلب المتظاهرين في محافظات الأنبار وديالى ونينوى وصلاح الدين، إطلاق سراح المعتقلين.

ماذا يعني هذا؟ ببساطة يعني انه لولا تظاهرات الاحتجاج لما تحركت هذه اللجنة التي استولت على صلاحية البرطمان في ذلك والذي مازال يغط في نوم عميق.

5- في الفلوجة استشهد 7 مدنيين واثنين من افراد الجيش ولأن هؤلاء “نكرة” فالعبقري النائب وليد الحلي يصف مقتل هؤلاء “امر غير صحيح”

شنو الأمر غير الصحيح يا ابن الحلي؟ هل استشهاد عراقيين وهم يطالبون بحقوقهم مهما كانت هو امر غير صحيح؟ لعد شنو الصحيح برأيك ياعبقري؟ ألم تجد في القاموس البرطماني افضل من هذه الفقرة الانشائية تقولها بحق 9 شهداء واصابة 58 آخرين بجروح؟.

اما النائب سعيد خوشناو فقد بز صاحبه واراد ان يكون اكثر عبقرية من الجميع حين قال: ان “التظاهرات التي تشهدها عدة محافظات لاتخدم البلاد بصورة عامة وهي ناتجة عن عدم فهم الاطراف لبعضها”.

لا تعليق.

فاصل ارشادي: يقترح اولاد الملحة على الذي اصدر اوامره بمنع تظاهرة الفلاحين في كربلاء ان يأخذ اجازة طويلة ليقرأ كتاب “الخوف من الحرية”. كما يقترحون على صاحب امر نقل المساجين الى سجون وزارة العدل ان ينتبه الى المثل القائل “خوجه علي ملا علي”. اما خوشناو فالافضل له ان يتعلم القراءة والكتابة وحين يتخرج من صفوف محو الامية عليه ان يبدأ بالقراءة الخلدونية.   تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.