لا إمام سوى العقل

(لا إمام سوى العقل) أداة للوصول إلى المعرفة ، أما ما دونه ومابعدة فهو (تحطيم العقل) وبدده إلى زبد الايديولوجية والمذاهب/ المصالح ….. (الحلقة الثانية)
د. عبد الرزاق عيد
نواصل حلقتنا الثاتية من مقالنا السابق المعرفة لا تهتم بإرادات البشر وأمانيها ورغباتها معتدلة كانت أم متطرفة أو (وسطية) ، فتلك مهمة الايديولوجيا والسياسة !!! لنشير إلى أن التمييز بين المعرفة والايديولوحيا ليست حكرا على نظريات الابستومولوجية الحداثية عبر القطيعة المعرفية مع العصور الوسطى أي التي عاش بها المعري وفق ما كان يدعوشيخنا الحداثي المفكر الحداثي ( د. محمد أركون) منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي (العشرين)، حين كنا طلابه في جامعة السوريون (باريس 3)، حيث إن شيخنا العظيم أبي العلاء الذي هدرته وظلمته ظلامية العقل الظلامي يقطع راسه رمزيا في مدينته السورية ( المعرة ) ( على يد الداعشية والأسدية المتحالفة إيرانيا والمرضي عنها دوليا ولو مؤقتا) ، حيث عبر التاريخ الاسلامي بقي المعري كعلم ثقافي عربي إسلامي لم تمسه أية أيدي ظلامية ( أنظمة وشعويا ) رغم وصفه بالزندقة والهرطقة والالحاد من فقهاء عصره، لكن لم تبلغ حد النيل للأذى الرمزي ماديا ، من حيث اعدام كتبه أو رسومه وصوره االتمثيلية، حتى عصرنا الراهن لتبلغ ذروتها الوثنية البدائية المتوحشة في التحالف الظلامي بين ( داعش كوجه آخر للأسدية كأمساخ بشرية ياجوجية ماجوجية ) في تحكم الوعي الغريزي الدموي في سلوكهم اللابشري ، رغم أن هناك مثقفين علويين معارضين يصدرون كتبا يرحب بها ويهتف لها حتى من كتاب محترمين ، تصورالمذبحة السورية بوصفها صراعا طائقيا بين ( السنة والشيعة ).. بل وبعض المعارضين يختارهم المجتمع الدولي ( الأعور الدجال أو صاحبة العين النارية التنينية ميدوزا ألهة السحر) بوصفهم معارضين يضعون خطوطا حمراء على ذكر الجيش الأسدي الذي يذبح شعبه بسوء ، أوذكر بشار الحمار الجزاربسوء ، وذلك بعد هزيمة هذا الفنان سوريا للتمثيل في مصر أدوار الذكورة والرجولة (الصعايدية المصرية الفحولية ) ، بعد أن انكشف أمره في الوسط الفني السوري بأنه “عنين” ، وليس هروبه لمصر لأسباب نضالية ….


فهو وغيره من المثقفين الأقلويين، طوال عمرهم موالون اللأسدية عبر قناة الماركسية المسفيتة البكداشة الوسيط العميل بين المحاقرات الأسدية والروسية ، التي يقدمها النظام والمخابرات الروسية بوصفهاءالمثل الأعلى للمعارضة العميلة من خلال نموذج (الصهر البكداشي جميل) وذلك للتمويه الطائفي بأنه غير موال للأسد عبر القناة الطائفية، بل عبر القناة البكداشية ..
بينما الكتاب الصادر للمثقف الأستاذ الجامعي المحكوم بمرجعيته اللاشعورية الأقلوية، يرى أن الوحشية الأسدية هي حالة عامة سورية ( شعبا ونظاما) ، حيث لم تتمكن العين الأقلوية أن ترى الظلامية الماضوية الوسطوية ( الداعشية) لم تبلغ حدا تتفجر بها غرائزيتها المتوحشة إلا في رؤية ذاتها في المرآة الأسدية التي تشبهها طائفيا ووحشيا ، فما كان منها إلا أن تقطع راسا من رؤوس العقل البشري عنوان عزتنا وفخرنا العفلي الوطني السوري والعربي والإسلامي التنويري، وذلك بالتزامن مع ذبح الأحياء نساء وأطفالا وشبابا معتقلين ينشدون الحرية من القتل على يد الأسدية ………
على كل حال فقد اثبتت الثورة السورية أنها ثمار العقل الشبابي (المعرفي) التواصلي الكوني ( الافتراضي) ، بينما ما أعاقها هو الفكرالايديوبوجي (متياسرا أو متأسلما ) بعيدا عن روح العصر الشبابي المدني الديموقراطي، فى مواجة أشنع مظاهر تحطيم العقل في صورة ( الأسدية –والداعشية ) عبر اللجوء إلى العقل الغريزي الدموي الوحشي … يقول أبو العلاء :
كذب الظن لا إمام سوى العقل……………………..مشيرا في صبحه والمساء
انما هذه المذاهب أسباب……………………………..لجذب الدنيا إلى الرؤساء
إن الشرائع ألقت بيننا إحنا…………………………..وأودعتناأفانين العداوات
إذا ما أطعته جلب الرحمة ………………………….عند المسير والارساء
لن نتحدث عن أدبية الأدب أو شعرية الشعر في أبيات المعري كما فعل ابن خلدون ، الذي لا يفهم المرء لماذا هذا المفكر العبقري ابن خلدون ، لم يسمح له ذوقه أن يكتشف العبقرية الشعرية للمتنبي والمعري فأنزلهما في مرتبة طبقات الشعراء ، مع أن الاثنين تلتقي عبقريتهما العقلية والفكرية والتنويرية مع ابن خلدون الذي خفض من شأنهما !!!
ما يعنينا من هذه الأبيات الالتقاط الألمعي العقلي الحدسي كما يعترف المعري ب(الحدس) في الابداع الشعري، فيتحدث عن المعرقة يوصفها ( عين العقل ) التي تقود إلى “الرحمة “، والرحمة هنا تتجاوز المعنى الديني ( المغفرة ) بل تبلغ في منظومة العقل الفلسفي لأبي العلاء حد معنى العناية الالهية التي تسع الكون والعالم ، فالرحمة ( صفة ذات للرجمن ) وليست صفات كالرزاق والقدير والسامع البصير ، قبل الرحمة تدخل في ذات الكينونة الالهية ، وليست صفة خارجية له ، وهذا ما يفسر لنا معنى قول أبي حيان التوحيدي الزنديق الأخطر من أبي العلاء حسب رأي الفقهاءالأقدمين ، فقد قال التوحيدي لأهله ممن حوله وهو يحتضر : لماذا تبكون وتخافون :فأنا ذاهب للرحمن الرحيم وليس إلى رئيس شرطة ….
في الحلقة القادمة الثالثة سنتحث عن منظور المعرفة العقلاني وليس الأهواء العقدية الايديولوجية، لدى الشيخ محمد راتب النابلسي بتثبيته لواقعة رفض ( ابو العاص زوج زينب بنت الرسول) أن يبدأ إسلامه بخيانة أمانته ، عندما أفتى عليه بعض من يفاوضه على إسلامه ، بأنه إذا أسلم يستطيع أن لا يرد أمانات قريش التي بحوزته لأنها بعد إسلامه تصبح غنيمة ، فقال قولته الشهير والله لن أبدأ إسلامي بخيانة أمانتي، على عكس معظم من تنطعوا لقيادة الثورة السورية الموؤدة ليفاوضوا عليها اليوم ..!!!

About عبد الرزاق عيد

كاتب ومفكر وباحث سوري، وعضو مؤسس في لجان إحياء المجتمع المدني وإعلان دمشق. رئيس المجلس الوطني لاعلان دمشق في المهجر.
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.